مصر ‘‘القبطيَّة’’ بين الفتح الإسلامي ومجيء الرَّبّ المرتقَب 4 من 8
إعداد د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن
هل انتشر الإسلام بحدّ السَّيف حقًّا؟ وهل اضطهد المسلمون الأمم الَّتي غزوها؟
يتساءل عبد الهادي، في شهادته للتَّاريخ، عن المجرم الحقيقي في حق الغير، وإذا ما كان المسلمون، الَّذين لم يستحلُّوا دماء الضُّعفاء، ولم ينهبوا حقوق الآخرين، ولم يتعدُّوا على أعراض أعدائهم، هم المتطرّف الحقيقي، أم أنَّ أعداءهم من غير المسلمين هم المعتدي الحقيقي على المسلمين بدافع من التَّطرُّف الدّيني والتَّعصُّب لغير الإسلام. يخلص الكاتب إلى أنَّ أعداء الأمَّة الإسلاميَّة “يشيعون عنها التَّطرُّف والإرهاب، ويستنصرون عليها الدُّنيا، ويحشدون القوَّة لتمزيقها واحتلال ديارها؛ وسيلتهم في ذلك إشعال نار الفتنة الطَّائفيَّة اعتمادًا على ضعاف النُّفوس من أبناء الأقليَّات” (صـ58). تذكيرًا بانتهاكات القيادة المسيحيَّة لإسبانيا بعد إنهاء الوجود الإسلامي في الأندلس لثمانية قرون، يورد محمَّد علي قطب في كتابه مذابح وجرائم محاكم التَّفتيش في الأندلس (1985م) عن مذابح الحُكم الصَّليبي للمسلمين وتشريد الملايين منهم وتخييرهم بين اعتناق المسيحيَّة والقتل. يتساءل قطب عن مصير الجامعات الإسلاميَّة في قرطبة وإشبيليَّة وغرناطة، وهي الَّتي أشعلت سراج عصر التَّنوير الأوروبي بما حصلَّه الأوروبيون فيها من علوم تأسَّست عليها نهضتهم الحديثة. تزخر صفحات التَّاريخ بحوادث الانتهاكات المنظَّمة في حقّ المسلمين، على يد الرُّوم الأرثوذكس في تتاريا والقرم، وعلى يد البلاشفة الملحدين، أو لتقل مدّعيّ الإلحاد ومبطني اليهوديَّة، في روسيا السُّوفيتيَّة، وعلى يد الهندوس في شبه القارَّة الهنديَّة. ويذكّر عبد الهادي بتجاوزات جيش الاحتلال البريطاني في مصر والشَّام مطلع القرن العشرين، والَّتي أفضت إلى تمزيق الشَّام إلى 4 دويلات وتسهيل الاستعمار اليهودي لفلسطين حتَّى يومنا هذا.
وبرغم ما اجتهد عبد الهادي في إثبات كذبه وافترائه عن انتشار الإسلام بالعنف وسطوة السّلاح، يصرُّ أحد المفكّرين المصريين المحسوبين على التَّيَّار التَّنويري، يُدعى أحمد عبده ماهر، على جيوش الفتح الإسلامي استهدفت نصف الكرة الشَّمالي تحديدًا بحثًا عن الخيرات و “النّساء البيضاء”، على حدّ وصفه. فقد أشار المفكّر التَّنويري، وهو محامٍ دولي وكان في الأصل ضابطًا في جهاز المخابرات، في أكثر من لقاء تلفزيوني إلى أنَّ فتْح القائد المسلم العربي، طارق بن زياد، لإسبانيا كان بمثابة عمل إرهابي، لا يختلف عمَّا تفعله الحركات المسلَّحة المحسوبة على الإسلام، مثل تنظيم الدَّولة الإسلاميَّة في العراق والشَّام (داعش)، متسائلًا “ما دين طارق بن زياد؟” الَّذي حرَّضه على غزو إسبانيا وإجبار أهلها على اعتناق الإسلام، بعد تخييرهم بين الإسلام والقتل والسَّبي.
ويطالب المفكّر التَّنويري الأزهر الشَّريف بالاعتذار عن الفتح الإسلامي، الَّذي “ذبحوا فيها النَّاس، وانتهكوا الأراضي والدُّور والقصور، وأسروا الأطفال، ووأدوا النّساء”، كما ذكر في كلمته في مؤتمر نظَّمته منظَّمة الأوفيد لحقوق الانسان في باريس، للتَّقارب الدّيني، بحضور نجيب جبرائيل، محامي الكنيسة المصريَّة ورئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، وعلاء أبو العزايم، رئيس الاتحاد العالمي للطُّرق الصُّوفيَّة المصري، ورشيد حمامي، المنصّر المغربي المرتدّ عن الإسلام. ناقش المؤتمر، الَّذي عُقد في مايو 2015م في العاصمة الفرنسيَّة، التَّطرُّف الدّيني وأعمال العنف المنسوبة إلى الإسلام، وأدان رعاية حركات إسلاميَّة بعينها للإرهاب، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، والَّتي اتُّهمت بالاعتداء على الكنائس. وبرَّر ماهر رفْض المسيحيين دخول الإسلام بأنَّهم “خائفون أن يكفروا”؛ لأنَّ دينهم يقول “الله محبَّة”، بينما يدعو الإسلام إلى القتل، على حدّ تعبيره.
المصدر: رسالة بوست