الواقع المزري الذي يعيشه مسلمو سيراليون و ضعف حضورهم في مراكز صنع القرار يظن معه البعض أن الأمر راجع لقلة تعدادهم أو لعدم ارتباطهم بتاريخ البلد، لذا تجد البعض عندما يكتب عن المسلمين في سيراليون يصفهم ب”الأقلية المسلمة” في حين أن تعدادهم يتجاوز 70% من سكان البلد في حين لا يتجاوز تعداد المسيحيين الممسكين بزمام السلطة و مفاصل الاقتصاد و الثروة 10% من سكان البلاد.
ساهم الاستعمار البريطاني بشكل كبير في معاناة المسلمين حاليا، حيث ركز منذ مجيئه للمنطقة على تكوين و تأهيل و احتواء المجموعات المسيحية التي استفادت كثيرا من مطامع السلطة و مكاسبها بعد استقلال البلاد سنة 1961 حيث كان المسيحيون هم الأكثر تعليما وتكوينا و بالتالي آلت إليهم أمور تسير البلاد و التحكم في خيراتها.
أسباب التخلف
صحيح أن بريطانيا تبنت منذ استعمارها للبلاد سياسية مهادنة للمسلمين شجعت هذه السياسية بشكل مباشر أو غير مباشر في اتساع رقعة انتشار الإسلام و الإقبال عليه و ذلك وعيا من البريطانيين بتحقيق السلم و الاستقرار لتأمين حركة تجارتهم بالمنطقة، إلا أن انتهاج السلمية تجاه المسلمين لم يقابله منح المسلمين أدوات التمكين المناسبة التي تحقق لهم أن يكونوا جزءا فاعلا في الحياة العامة من حيث التأثير في الشأن العام.
و بعد الاستقلال اهتم الغرب بسيراليون من النواحي الاقتصادية و الجيوستراتيجية و كان الاهتمام يصب في مصلحة النخبة المسيحية الحاكمة، و ذلك في ظل غياب رافد خارجي إسلامي يهتم بالمسلمين و يواكب حركة نموهم التأثيري و يُعلمهم و يحقق لهم متطلبات التمكين.
إحصائيات و مذاهب
ينتشر الإسلام بسيراليون رغم ضعف وسائل أتباعه و قلة حيلتهم بشكل مذهل فحسب آخر إحصاء للسكان قامت به السلطات سنة 2009 بلغت نسبة المسلمين 71.3% و كانت هذه النسبة في حدود 60% سنة 2000، في حين لم يكن تعداد المسلمين يتجاوز 35% سنة استقلال البلاد عن بريطانيا عام 1961.
و يعود السر في انتشار الإسلام بهذه السرعة إلي الدخول المبكر لأهم قوميتين في البلاد للإسلام، فالإسلام دخل البلاد في القرن 18 ميلادي على أيدي القبائل الفلانية القادمة من منطقة فوتا جالون و كانت قوميتي التنمي (أكبر قومية) و (الماندينك) في الشمال من أكثر القوميات احتكاك بهذه بالفلان فدخل أفرادها في الإسلام بشكل قوي.
رغم أن الإسلام السني يمثل الغالية الساحقة من تعداد المسلمين، إلا انه يلاحظ نشاط محموم لحركة التشيع و جهود القاديانية، و مع أن الإقبال على هذين التيارين لازال محدود مقارنة بارتفاع نسبة الإقبال على الإسلام السني إلا أن الجمعيات و المؤسسات الشيعية تبدو أكثر نشاطا و تأثيرا على الأرض، فقد استفاد الشيعة من انفتاح حكومة سياكا استيفن الذي حكم البلاد من سنة 1981 الي 1985، حيث كان الرجل يرتبط بعلاقات وثيقة مع رجال أعمال لبنانيين ساهمت هذه العلاقات في مد أشرعة حركة التشيع و انتشار مؤسساته و جمعياته.
و تعتبر الجمعيات و المؤسسات الشيعية بسيراليون هي الأكثر نفوذا و تأثيرا من بين الجمعيات المحسوبة على المسلمين بحكم علاقتها الوثيقة بالسلطة و استخدامها للمال للتأثير في القرارات الرسمية و مواقف الحكومة المتعلقة بالحقل الديني. و من أهم هذه الجمعيات مسجد و مدرسة الزينبية و و مؤسسة أهل البيت و الجمعية الجعفرية.
و تعمل هذه الجمعيات و المؤسسات على نشر المذهب الشيعي و دعم حركة التشيع بالبلاد و نشر آراء الشيعية، و من أهم وسائلها إقامة دورات تعليمية و بث المكتبات و نشر المنشورات و البرامج الإذاعية. و للشيعة اكبر مسجد في البلاد و هو المسجد المركزي بالعاصمة فريتاون الذي تؤدي فيه صلاة الجمعة و يحضره المسئولون الرسميون من المسلمين.
(المصدر: الاسلام اونلاين)