مسلمو الباراجواي يناشدون مساعدتهم لبناء المركز الإسلامي
إعداد سيف الدين باكير
المركز الإسلامي في الباراجواي بأمريكا الجنوبية ضمن أهمّ حدث في مسار الجالية العربية والإسلامية على مستوى بلدان أمريكا اللاتينية، فمنذ وفد العرب إليها أفراداً وجماعات على مدى قرون ثلاثة خلت، انحسر نشاط الجالية بالأعمال التجارية والاقتصادية والسياسية في محطات عدة من تاريخ الباراجواي، وبقي شأن تنظيم وجودها والمحافظة على خصوصيتها في موازاة اندماجها بالمجتمع المضيف حبيس مبادرات فردية أو أندية وجمعيات، حققت بعضاً من طموحاتها لكنها بقيت دون العمل المؤسساتي المنظم للانتشار الإسلامي فيها.
تتحضر الجالية العربية وفي مقدمتها اللبنانية إلى الدخول في مرحلة جديدة، عنوانها المؤسسات، وأول الغيث بناء صرح إسلامي تربوي، ثقافي، اجتماعي، رياضي في أسونسيون عاصمة الباراجواي كخطوة أولى على طريق جمع شمل الجالية كل الجالية، وتعزيز الروابط بينها وبين الدولة المضيفة، ورفع مستوى التواصل مع الوطن الأم عبر هذه القناة، معززة بدور التواجد الدبلوماسي العربي والإسلامي في الباراجواي، لا سيما السفارة السعودية بالأرجنتين والسفارة اللبنانية بأسونسيون.
بدأت الخطوة الأولى بتأسيس المركز الإسلامي في أسونسيون عام 1989م بدعم من الشيخ سليمان الراجحي، يرحمه الله، وسفارة خادم الحرمين الشريفين بالبرازيل ورابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي ومركز الدعوة الإسلامية لأمريكا اللاتينية، في فيلا مؤجّرة يمارس فيها المسلمون شعائر دينهم ويعلمون فيها أبناءهم القرآن الكريم واللغة العربية، وبعد توسط سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى حكومة الباراجواي صدر القرار الجمهوري الذي يعترف بالدين الإسلامي، ويمنح المركز الإسلامي الشخصية الاعتبارية، ويعطي المسلمين حرية مزاولة دينهم والدعوة إليه داخل الباراجواي، وتَنَقَّل مقر المركز الإسلامي خلال العشرين سنة الماضية بين خمسة فلل وبنايات سكنية مستأجرة، ومن ثم اتفقت الجالية على اسم جديد للمركز باسم المركز الخيري الثقافي الإسلامي ليكون مركزاً إسلامياً خاصاً بأهل السُّنة والجماعة بموجب نص الدستور الجديد لهذا المركز.
ووضع حجر الأساس لبناء مقر دائم للمركز في قلب العاصمة بتاريخ 9/ 10/ 2009، وجاء الاحتفال بهذه المناسبة مميزاً يحمل مضامين عديدة لجهة الاحتضان الرسمي لدولة الباراجواي من خلال حضور رئيسها فرناندو لوجو وإلقائه كلمة بالمناسبة ومشاركته في وضع حجر الأساس الأولى بيده لهذا الصرح الإسلامي، بمشاركة سفراء دول عربية ووفود إسلامية ورؤساء جمعيات خيرية.
وقال رئيس الباراجواي: يقوم المركز الإسلامي بوظيفة مهمة للغاية في مجتمعنا، وسوف يكون أساساً للوحدة في إطار التعددية، مضيفاً: نعرف أن الإسلام يعيش في مرحلة حيوية، فمنذ 14 قرناً نرى أن الإسلام عنصر لا نهاية له من الحيوية التي نعيشها اليوم، وانتشاره شمل كل العالم في آسيا وأمريكا وباكستان وإندونيسيا، وفي هذه الأخيرة نجد تقدماً مشهوداً، فهذه البلاد تعيش حالة من الوحدة في إطار التعدد، وقال: اجتازت العلاقات بين الإسلام والعالم الغربي مراحل احتاجت فيها إلى كثير من الجهود من أجل تقارب وجهات النظر.
واعتبر المشروع محطة تاريخية ذات أهمية كبرى حيث يُبنى على مساحة 12 ألف متر مربع، ويضم مسجداً يتسع لألف شخص، ومكتبة عامة، ومدرسة تستوعب نحو ألف طالب، وبناء إدارياً ملحقاً به، وآخر يضم مجموعة شقق سكنية ستكون وقفاً بالمركز، وقاعات عامة، ونادياً رياضياً، وملاعب، وموقف سيارات تحت الأرض يستوعب 200 سيارة.
ويشكل المركز الإسلامي مَعْلماً حضارياً يخدم أبناء الجالية في المجالات الثقافية والتربوية والروحية دون تمييز، وسيسعى للتواصل مع أبناء الباراجواي.
ويناشد مسلمو الباراجواي العالم الإسلامي بمد يد العون لبناء صرحهم الإسلامي الوحيد، يقول إمام المركز الإسلامي في أسونسيون محمد حسان عجاج: مر قرابة تسع سنوات ولم يتقدم أحد إلى الآن من أجل بناء هذا الصرح المبارك في هذه العاصمة الأمريكية، على الرغم من بناء ثلاثة مساجد ضخمة على نفقة الجاليات المسلمة في كل من مدينة أنكرناسيون، ومدينة سيدادي ديليستي، ومدينة سالتو جوايرا بالباراجواي.
وتتعدد الأنشطة التي يقوم بها المسلمون في الباراجواي ما بين الدينية والتعليمية والدعوية والاجتماعية، حيث يوجد بها عشرة آلاف عائلة مسلمة، ومن أصل قرابة ألف عائلة مسلمة يسكنون في أسونسيون يحضر لصلاة الجمعة حوالي مائة شخص يزيدون أحياناً وينقصون أحياناً أخرى.
وتتضمن الأنشطة الدعوية الدروس الأسبوعية المقدمة للمسلمين الجدد بالمركز الإسلامي، ولقاءات مع بعض قادة ومسؤولي الكنائس في الباراجواي للتعريف بالإسلام، وزيارات لمنازل فقراء المسلمين الجدد في أسونسيون للتعرف على ظروفهم المادية لمساعدتهم وتأليف قلوبهم للإسلام.
ومن الأنشطة التعليمية التي يمارسونها الالتحاق بدورات تعليم القرآن الكريم واللغة العربية أثناء الإجازة المدرسية الصيفية الماضية، وتعليم الوضوء والصلاة لأبناء الجالية في مسجد المركز الإسلامي.
ومن الأنشطة الاجتماعية، يقيم المركز الإسلامي في كل عيد احتفالاً كبيراً للجالية الإسلامية في أسونسيون يحضره جميع أفراد الجالية، إضافة إلى إجراء عقود زواج إسلامية.
(المصدر: مجلة المجتمع)