مسلمو إريتريا.. حياة مأساوية في ظل الاستبداد السياسي
إعداد أشرف عيد
تقع إريتريا شرق أفريقيا على البحر الأحمر، وتصل إلى مضيق باب المندب، ويجاورها السودان وإثيوبيا وجيبوتي، وتضم العديد من الجزر، وتبلغ مساحتها 121 ألف كم، ويقدر عدد سكانها بـ5 ملايين نسمة، ونسبة المسلمين ما بين 48 و56%، ومن أشهر مدنها: العاصمة أسمرة، وكرين، وعصب، ومصوع.
ويتحدث الشعب الإرتيري 9 لغات، واللغات الرسمية هي: التجرينية والعربية والإنجليزية.
تعرضت إريتريا للاحتلال الإيطالي عام 1890 إلى 1941م، ثم البريطاني حتى عام 1951م، وصدر قرار الأمم المتحدة عام 1952م بضم إريتريا إلى إثيوبيا كدولة واحدة في اتحاد فيدرالي؛ ما أدى إلى قيام الثورة الإريترية؛ فنشأت حركة التحرير الإريترية حتى أعلن إلغاء الاتحاد الفيدرالي عام 1961م، لكن إثيوبيا لم تنسحب من البلاد؛ فظلت حركة التحرير الإريترية تكافح حتى انسحبت القوات الإثيوبية، ونالت الاعتراف الرسمي باستقلالها من الأمم المتحدة في 23 مايو 1993م.
لا يوجد دستور للدولة ولا برلمان ولا أحزاب ورفض رئيسها الانضمام لجامعة الدول العربية ووطد علاقاته مع «إسرائيل»
تحولت الجبهة الإريترية بعد الاستقلال من تنظيم عسكري إلى تنظيم سياسي يحكم إريتريا تحت اسم «تنظيم الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة»، ويتولى رئيسها أسياس أفورقي رئاسة البلاد منذ الاستقلال عام 1993م حتى اليوم، ومارس الاستبداد السياسي؛ فقام بإلغاء دستور عام 1997م، وتجميد البرلمان عام 2001م، وإلغاء الأحزاب والانتخابات، وتقييد وسائل الإعلام وتكريس كافة السلطات في يده، فلا يوجد دستور للدولة ولا برلمان ولا أحزاب حتى الآن، ورفض الانضمام لجامعة الدول العربية، وتوطدت علاقاته مع الكيان الصهيوني الذي كان من أول من اعترف باستقلال إريتريا، وتسيطر «إسرائيل» على جزيرة دَهْلك التابعة لإريتريا في البحر الأحمر، وتسعى كوسيط في النزاعات بين إريتريا وجيرانها.
سجناء في وطنهم
انتشر الإسلام في إريتريا بعد التواجد العثماني بالقرن الأفريقي في القرن السادس عشر الميلادي، ويمثل المسلمون نسبة 10% في مؤسسات الدولة، ويقيد النظام أبناء المسلمين من دخول الكليات العلمية ولا يفتح لهم المجال للالتحاق بالتعليم في الخارج.
وقد تم توحيد الهيئات الإسلامية تحت اسم» اللجنة العليا الانتقالية لتوحيد العمل الإسلامي بإريتريا» عام 1407هـ/ 1987م، وتصدر جريدة يومية في إريتريا باللغة العربية فضلاً عن البرامج الإذاعية والتلفزيونية.
المسلمون يعيشون حالة مأساوية بعد حرمانهم من كل الحقوق التي حصلوا عليها في عهد الاحتلال الإثيوبي
ويعيش المسلمون في إريتريا اليوم حالة مأساوية بسبب النظام الحاكم؛ حيث مُنعوا من كل الحقوق التي حصلوا عليها في عهد الاحتلال الإثيوبي؛ فأغلقت كثير من المؤسسات الإسلامية، ويتابع الأمن الإريتري مساجد المسلمين، وعمل على تهميش دور اللغة العربية والثقافة الإسلامية؛ فاعتقل منذ عام 1994م حتى اليوم كثيراً من معلمي المدارس الإسلامية والأئمة والمهتمين بنشر الثقافة الإسلامية في إريتريا، ويحظر على المسلمين أداء الصلاة أثناء الخدمة في الجيش.
ورفضت الحكومة الإريترية عودة مليون لاجئ إريتري إلى ديارهم منذ عام 1993م من معسكرات اللاجئين في شرق السودان، وأغلبهم من المسلمين.
أوضاع مأساوية للمعتقلين
وقد أورد تقرير حقوق الإنسان عن إريتريا لعام 2019م كثرة عدد المحتجزين بلا تهم، وإخفاءهم عن ذويهم لسنوات دون تقديمهم للمحاكمة، ومنهم مسلمون ومسيحيون، ونساء وأطفال، وشيوخ تجاوزوا الثمانين من عمرهم، ويتعرضون لأنواع مختلفة من التعذيب في ظروف احتجاز غير إنسانية، وإعدامات مختلفة دون محاكمة، ولم يسلم من الاعتقال كبار رجال السياسة السابقين والصحفيون وغيرهم.
ويأمل المسلمون في إريتريا من العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي الضغط على النظام الإريتري لإنهاء الانتهاكات التي تُمارس ضدهم، ويتعجبون من الصمت العربي والدولي، وهم يعيشون في سجن كبير يفقدون فيه حريتهم وإنسانيتهم ولا يستطيعون ممارسة شعائر دينهم.
_______________________________________________________
1- الجمعية العامة للأمم المتحدة- مجلس حقوق الإنسان– الدورة الحادية والأربعون- 12 يوليو 2019، البند 4 من جدول الأعمال: حالات حقوق الإنسان التي تتطلب اهتمام المجلس بها، حالة حقوق الإنسان في إريتريا.
2- د. عبدالمنعم المشاط: التكالب الدولي على الصومال وجيبوتي وإريتريا وتأثيره على الأمن القومي المصري، ورقة مقدمة إلى ندوة «المصالح المصرية وتحولات المشهد الجيوستراتيجي في شرق أفريقيا»، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، 9/3/2017م.
3- عطا محمد أحمد كنتول: أوضاع المسلمين في أفريقيا الشرقية (إثيوبيا، إريتريا، الصومال، وجيبوتي) خلال العقدين الأخرين، مركز البحوث والدراسات الأفريقية، الخرطوم 2006م.
(المصدر: مجلة المجتمع)