قد لا يعلم الكثيرون بوجود مسلمين في فيتنام, هذا البلد الواقع في جنوب شرق آسيا والذي اشتهر لفترة طويلة في منتصف القرن الميلادي السابق بالحرب التي اندلعت على أراضيه ضد أمريكا واستمرت لسنوات وهزت العالم حينها وأثرت بشدة في المجتمع الأمريكي حتى هذه اللحظة..
عدد السكان في فيتنام يبلغ حوالي الـ 75 مليون نسمة, والمسلمون يشكلون نسبة بسيطة ويعيشون في الجزء الجنوبي من البلاد وينحدرون من القومية التشامبية؛ لذا لهم لغة خاصة بهم تختلف عن لغة الفيتناميين وهي لغة تقترب من اللغة الملايوية التي يتحدث بها الماليزيون والإندونيسيون…ومعظم سكان فيتنام من البوذيين وتأتي “المسيحية” في المرتبة الثانية ثم الإسلام وقد ساهم الاحتلال الفرنسي ثم الأمريكي بعده في ازدياد عدد “المسيحيين” في البلاد بعد أن كان وجودهم شديد الضآلة…
النظام السياسي الحاكم في فيتنام لا يزال يتبنى الشيوعية رغم الانفتاح الاقتصادي الذي قام به مضطرا في بداية التسعينيات من القرن الماضي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي حيث خشت السلطة من تدهور الأوضاع وقيام ثورة شعبية تطيح بها كالتي جرت في بعض الدول الشيوعية الأخرى إلا أن السلطة استمرت في سياستها الأمنية والرقابية المشددة خصوصا فيما يخص الجوانب السياسية والدينية…السلطة في فيتنام لا تتبنى دينا معينا بل تتبنى الإلحاد, وكبار رجال الدولة والقيادات الأمنية يجاهرون بإلحادهم ويفرضون رقابة شديدة على دور العبادة خوفا من التطرق لموضوعات سياسية أو أمور تتعلق بنظام الحكم…
علاقات النظام الحاكم في فيتنام كانت قوية فيما سبق فقط بالدول الشيوعية والاشتراكية ولكن مع انهيار الشيوعية بدأ يتجه أكثر لجيرانه من دول جنوب شرق آسيا أو ما يعرف “بالآسيان” وانضم للتحالف الخاص بهم في محاولة لإنقاذ الأوضاع الاقتصادية في البلاد من الانهيار بعد وقف المساعدات من الاتحاد السوفيتي السابق..المسلمون في فيتنام نظرا لقلة عددهم ولعدم وجود قيادات قوية تجمعهم وتتحدث باسمهم يعيشون في شبه عزلة خصوصا في الفترة التي أعقبت دخول الشيوعيين إلى فيتنام الجنوبية بعد انتصارهم على أمريكا؛ فقد خشي المسلمون من انتقام الشيوعيين والمعروفين بموقفهم السلبي تجاه الأديان بشكل عام والإسلام بشكل خاص… المسلمون يعانون بشدة من قلة الموارد ويعيشون في مناطق فقيرة والقليل من أبنائهم من يكمل تعليمه, وعدد الطلاب المسلمين في الجامعات يكاد لا يذكر…
الحكومة الفيتنامية من أجل السيطرة على أصحاب الأديان المختلفة شكلت لجنة تراقبهم تابعة لها وأنشات جمعية للمسلمين لإدارة شؤونهم وعينت أعضاءها من أئمة المساجد المعروفين بولائهم للحكومة وهم يعملون لمصالحهم الخاصة ولا يتمتعون بثقة عامة المسلمين..
المسلمون رغم قلة عددهم إلا أن خلافات كثيرة موجودة بينهم لأسباب واهية في مجملها, وبسبب ضغط الحكومة وشدة رقابتها تظل المساعدات التي تصل للمسلمين في فيتنام محدودة…
النظام الحاكم في البلاد وطوال أكثر من 20 عاما منع سفر المسلمين للحج وبعد الانفتاح الأخير سمح بالحج ولكن بشروط مشددة كما أنه يمنع حتى الآن افتتاح مدارس لتعليم الإسلام أو إرسال طلاب مسلمين لتلقي العلوم الدينية في الخارج , ويمنع كذلك افتتاح جمعيات خيرية تقدم الدعم للمسلمين..ويعتمد المسلمون في تعليمهم الديني على المساجد و يدرس فيها بعض الأئمة الكبار في السن الذين تلقوا تعليمهم في الخارج قبل الحكم الشيوعي, وبعض تلامذتهم, ولكنهم يعانون بشدة بسبب عدم وجود دعم مادي لهم للتفرغ للتعليم مما يؤثر في انتظامهم في التدريس…
زارت عدد من الهيئات والمؤسسات الإسلامية العربية فيتنام في السنوات الأخيرة من أجل تقديم الدعم للمسلمين إلا أنهم اصطدموا بالعقبات التي تضعها الحكومة وبالاختلافات الموجودة بين المسلمين واقتصر الدعم الذي قدموه على منح لأداء فريضة الحج وبعض الأموال للفقراء من المسلمين, إلا أن المسلمين في هذا البلد يحتاجون لدعم أكبر ولجهود أوسع من أجل النهوض بهم وهو أمر ينبغي أن يتم عن طريق الحكومات العربية والإسلامية لإزالة العقبات التي تضعها الحكومة .
(المصدر: موقع المسلم)