مسلمون فرنسيون لماكرون: كفى نعم كفى دون تحد أو تراخ
وجه أكثر من 100 مواطن فرنسي مسلم من المجتمع المدني رسالة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد خطابه عن “الانعزالية الإسلامية”، ليقولوا له توقف، “أوقفوا وصم المرأة المسلمة بالعار، أوقفوا تصعيد النقاشات السياسية والإعلامية الخالية من أي مضمون، أوقفوا الإقصاء، نعم توقفوا، توقفوا دون تحد أو تراخ”.
وقال موقعو الرسالة التي نشرها موقع “ميديا بارت” (Mediapart) الفرنسي إن “الحكومات تتغير؛ لكن الهواجس تبقى”، وإن أحياء الطبقة العاملة، وخاصة المسلمين يخضعون لاهتمام خاص من الدولة منذ فكرة تنظيفها من قبل الرئيس السابق نيكولا ساركوزي إلى أفكار أخرى كالفصل العنصري والتوحش، واليوم يأتي هذا الهوس في زمن أزمة صحية واقتصادية غير مسبوقة، وكان من شأنه أن يثير الاستغراب، لو لم يكن ثمرة إستراتيجية سياسية مدروسة بعناية.
وجاء على مدونة ميديا بارت أن ما يشهده الفرنسيون اليوم، وسط صمت طويل آثم، هو محاولة إحكام السيطرة مع الاتهام المستمر لملايين المواطنين، الذين يكمن خطأهم الوحيد في اختيار الإسلام دينا، أو وراثة لون بشرة لا يروق للمتطرفين لأسباب انتخابية في أغلب الأحيان.
لذلك لم تتوقف الحكومات المتعاقبة يوما، بعد أي انتخاب أو تعيين، عن إعادة تمثيل الأمسية العظيمة، التي تؤول دائما في النهاية إلى الوهم، الذي تم تصميمه بعناية؛ ألا وهو التهديد الإسلامي.
طابور خامس
وبدلا من الكفاح الضروري ضد الإرهاب على أنه ظاهرة إجرامية، يشارك الرئيس ماكرون اليوم من خلال خطابه لخلق مشكلة للمسلمين، واستهداف المؤمنين ومعتقداتهم باعتبارهم “طابورا خامسا.. ابتليت به الجمهورية” يجعل أسسها ترتعش ويهددها.. بقطعة قماش.
وإذا كان ما على رأس ماريان يُنظر إليه على أنه مجرد قبعة صغيرة فريجية (في إشارة إلى القبعة التي شاعت خلال الثورة الفرنسية، وتعد اليوم رمزا للحرية بفرنسا)، وما على رأس مريم ينظر إليه على أنه خطر “الإسلام السياسي” -كما تقول المدونة- وإذا كانت الجمهورية ستنهار وتشهد أحلك اللحظات؛ لأن بعض أبنائها يصلّي ويؤمن بالله، أفلا يعني ذلك أنها قد تضررت بالفعل؟
وتابعت المدونة متسائلة، إذا كانت الحقيقة البسيطة المتمثلة في تعريف أنفسنا كمسلمين تجعلنا مواطنين استثنائيين على الرغم من انخراطنا اليومي في المجتمع، فماذا تبقى من وعود المساواة المكتوبة على واجهات بلداتنا؟ وإذا ارتعدت أمتنا بمجرد أن سمعت أن بعض مواطنيها مسلمون، أفلا تصبح هشة للغاية؟
فكفى نعم كفى دون تحد أو تراخ، نحن المسلمون والمسلمات نستعيد السيطرة على حياتنا وخياراتنا وأصواتنا ومشاريعنا بسلام وهدوء وكرامة وحرية، ونتواصل مع المجتمع طامحين فقط للعيش في مساواة حقيقية غير مفروضة وفي أخوة.
إنها -كما تقول المدونة- هذه الهشاشة، التي تجعل نُخبنا تتعثر عند طرح مسألة الامتيازات، هذه الهشاشة التي تثير حماسة المعلقين في قنواتنا الإخبارية على الهواء، هذه الهشاشة التي تضخ وتطبع الإدانة داخل خدماتنا العامة بمجرد أن يذكر طفل مسلم اسم الله.
وحسب المدونة، يزعم رئيس الدولة الذي بدأ بالفعل حملته الانتخابية، أنه يحارب “الانعزالية”، وسيقوم بضربات، ويقدم وعودا كسابقيه بأنه سوف “يعيد النظام الجمهوري”؛ إلا أنه ما لم يتم تقديم تعريف دقيق وموضوعي للمفاهيم التي تثير الاضطراب، فإن الهدف سيكون تقييد الحريات، وتعزيز سياسة الاستثناء، وزيادة السيطرة التنظيمية والأيديولوجية واللاهوتية للمجتمعات المسلمة.
وبما أن نفس الأسباب تنتج نفس التأثيرات، فإن مخططات اليمين المتطرف وإعادة التأكيد القومي هي التي ستتعزز؛ لأن الأخطر هو أن إضفاء الطابع الرسمي على سياسة الاتهام هذه سيثبط عزيمة المسلمين الذين يحاولون القيام بعمل مشترك، ويرهقهم بدوام مصارعة الإسلاموفوبيا التي أصبحت عقيدة سياسية.
(المصدر: الجزيرة)