مسجد النور.. من كنيسة مهجورة لمعلم للحوار بهامبورغ
وأضفت آيات من سورة مريم ترجمت معانيها للألمانية ورفع أذان المغرب أجواء روحانية خاصة ببداية حفل افتتاح المسجد، الذي عبر إمامه سمير الرجب عن تطلعه للقيام بدور الجسر للتواصل بين الإسلام والمسيحية، وإسهامه في تعزيز التعايش السلمي بين الأديان في ألمانيا.
وأشار عابدين إلى أنه تغلب على إحساس المسلمين بالحرج من سوء فهم المجتمع الألماني لهم عن طريق الحرص على الحوار المستمر مع الجيران والكنائس والشرطة، وإشراكهم في كافة خطوات إقامة المسجد الجديد، ولفت إلى أن وضع الكنيسة المهجورة كمكان سابق للعبادة وكمحمية أثرية سهّل بشكل كبير تحويلها إلى مسجد.
ونال مسجد النور في فترة وجيزة عددا من الجوائز الألمانية تقديرا لإسهاماته بدعم الحوار والاندماج، وتحول إلى معلم في هامبورغ، التي سبقت باقي الولايات الألمانية باعترافها بالإسلام رسميا في العام 2012.
ويبلغ عدد سكان الولاية نحو 1.8 مليون نسمة أكثرهم من البروتستانت، وتقدر الإحصاءات الرسمية عدد المسلمين فيها بأكثر من 150 ألف نسمة، يشكلون 6% من السكان وتعود أصولهم إلى خمسين بلدا.
الحوار الديني
وشدد ممثل حكومة ولاية هامبورغ كريستوف كروب في تصريح للجزيرة على أهمية توسيع الحوار الديني، ونقله من النخب إلى القواعد الدينية بهامبورغ المتعددة الأديان، وأوضح كروب أن ما قام به مسجد النور في هذا المجال طيلة السنوات الماضية يمثل جهدا مقدرا ويحسب له.
ونوه ممثل الكويت في افتتاح مسجد النور علي الهزيم إلى أن بلاده تبرعت بالجزء الأكبر من نفقات إقامة المسجد بعد حصولها على موافقة الحكومة الألمانية، وتأكدها من وسطية مسؤوليه، وعزمهم عرض الإسلام بصورته السمحة المعتدلة، وتقديم خدمات المسجد لكل سكان هامبورغ على اختلاف أديانهم.
وبلغت تكلفة إنشاء مسجد النور خمسة ملايين يورو، سددت الكويت قسما كبيرا منها، ومثل وضع لفظ الجلالة بحروف عربية بدلا من الصليب في أعلى برج الكنيسة أبرز تعديل يجري لتحويل هذا المبنى.
وذكر رئيس المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا أيمن مزايك أن صلاة المسلمين الأوائل بكنيسة في الحبشة أثناء هجرتهم إليها عكست احترام الإسلام لكافة بيوت الله في جميع الأديان ورفضه أي مساس بها، وأشار مزايك إلى أن مسجد النور يكتسب أهميته من كونه مكانا للاندماج والتعلم والتضامن في وقت صعب تواجه فيه الديمقراطية والمجتمع المفتوح بألمانيا تهديدات من جانب أقصى اليمين.
مخاوف المحيط
وأثنى ممثل الكنيسة البروتستانتية كلاوس شيفر على “تعامل مسجد النور بمسؤولية مع مخاوف محيطه غير المسلم من خلال الحوار”، وأشار إلى أن كنيسته عبرت عن سعادتها ببناء المسجد بجمعها التبرعات له في ماراثون مدينة نيويورك.
من جانب آخر، قالت النائبة بالبرلمان الألماني عن حزب اليسار كريستينا بوخهولتس للجزيرة نت إنها شاركت بافتتاح مسجد النور للتعبير عن رفضها لتلطيخ جدرانه قبل افتتاحه بعبارات عنصرية، وتأكيد تضامنها مع مسلمي البلاد في مواجهة حملات التحريض ضدهم من أقصى اليمين.
(المصدر: الجزيرة)