مقالاتمقالات مختارة

مسالك المفتين المعاصرين في النوازل الطبية

مسالك المفتين المعاصرين في النوازل الطبية

بقلم معتز الخطيب

حافظ التقليد الفقهي المذهبي على سلطته وحضوره عبر قرون، وأمكن له أن يستوعب المستجدّات وفق آليات كل مذهب فقهي على حدة، ولكن منذ نهايات القرن الـ19 لم تَعُد تقنيات المذاهب في التلاؤم مع التغيرات قادرة على استيعابها (كما برزت لدى مفتي تلك المذاهب على الأقل)، فبدأ الخروج عن التقيد بالمذهب الواحد إلى التخيُّر من المذاهب الفقهية الأربعة، ثم بدأت تشريعات قوانين الأحوال الشخصية المبنية على مذهب واحد الاقتباس من المذاهب الأخرى بدافع رعاية المصلحة؛ كما وقع في سوريا وتونس والعراق منذ منتصف القرن الـ20.

وأمام هذه التغيرات وجد رموز حركة الإصلاح الإسلامي ضرورة لفتح باب الاجتهاد والخروج من التقليد، فظهرت فتاوى عديدة في المسائل المستجدة لمحمد عبده (1905م)، ورشيد رضا (1935م)، ومصطفى المراغي (1945م)، وعبد الوهاب خلاف (1956م)، ومحمود شلتوت (1963م)، ومحمد أبو زهرة (1974م)، وعبد الرحمن تاج (1975م)، وعلي الخفيف (1978م) وغيرهم، وقد كثرت فتاوى الأفراد جدًّا في العقود اللاحقة.

ولكنّ تزاحم المستجدات وتعقيدات الواقع دفعا إلى ظهور فكرة “الاجتهاد الجماعي”، وقد نشأت مجامع متعددة منذ سبعينيات القرن الـ20، من أبرزها: المجمع الفقهي الإسلامي بمكة الذي أنشئ سنة 1977م، ومَجْمع الفقه الإسلامي الدولي الذي أُنشئ بجدّة سنة 1984م، والمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية التي أُنشئت سنة 1984م في سياق نشوء مجال “الأخلاق الطبية” وبعد إنجاز أول ولادة عن طريق التلقيح الصناعي (1978م) الذي أورث شعورًا بوجود تحديات أخلاقية تجب مواجهتها إسلاميًّا.

درج الفقه في الأزمنة الكلاسيكية على التعامل مع المستجدات بالاجتهاد فيها عبر إحدى طريقتين:

الأولى: التخريج أو القياس على الأشباه والنظائر من الفروع التي نص عليها أئمة المذهب، أي البحث عن شبيه أو نظير للمسألة المستجدة ثم حملها عليه بحيث يأخذ حكمها؛ للشبه.

والثانية: الاستنباط من الأدلة الشرعية (مصادر التشريع المختلفة) وفق قواعد إمام المذهب وأصوله في الاستنباط.

ولكن تغيرات الأزمنة الحديثة أربكت الفقهاء المعاصرين، وقد ظهر هذا الإرباك من خلال توقّف بعضهم عن إصدار فتوى في وقائع عدة، كما نجد في توقف الشيخ عبد العزيز بن باز وغيره في مسألة التلقيح الصناعيّ (سنة 1985م)، وتأجيل اتخاذ قرار في عدد من المسائل المبحوثة، وقد تكرر هذا في مسائل متعددة في مجمعي مكة وجدّة، كما في التلقيح الصناعي، والبصمة الوراثية، وتحديد جنس الجنين، والهندسة الوراثية، وغير ذلك.

ويَرجع الارتباك إلى حجم التغيرات التي لم يعد يمكن لفقهاء أو مفتي المذهب التعاطي معها من جهة تمثلهم لآليات المذهب التقليدية ومن جهة وعيهم بالواقع وتغيراته، فكثير من المُحدثات الطبية كانت نتاج تحول في النسق الكلي للحياة، وهو ما جعل من الاجتهاد الفقهي ضرورةً حياتية لمواجهة هذه المتغيرات واتخاذ موقف منها.

عنى هذا الاجتهاد المعاصر الخروج عن التقليد الفقهي وهرميته (فهناك مراتب للمنتسبين إلى المذهب)، كما عنى الخروج عن سلطة المذهب نفسه الذي لم يعد يتسع لمثل هذه النوازل في واقع حال المنتسبين إليه، ولذلك حدد المجمع الفقهي الإسلامي بمكة وظيفته في “بيان الأحكام الشرعية في المشكلات والنوازل والقضايا المستجدة استنادًا إلى مصادر التشريع الإسلامي المعتبرة”، وحدد مَجْمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة وظيفته في “بحث المسائل المستجدة؛ وفق نظرٍ يعتمد قوة الدليل الشرعي، ويهتم بتحقيق المقاصد الشرعية المعتبرة”. أما المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية فكانت معنية بالجمع بين الأطباء والمفتين معًا ولأول مرة حيث تم إشراك الأطباء في عملية الفتوى. فنحن إذن أمام توسيع حدود النظر الفقهي ومصادره أبعد مما سمح به التقليد الفقهي المذهبي تاريخيًّا.

وقد اختلفت هذه العودة المباشرة للأدلة والممارسة الاجتهادية من شخص إلى آخر، ومن مجمع إلى آخر، فمجمع مكة يغلب عليه الاتجاه السلفي وإن ضمّ بعض الفقهاء من باقي المذاهب السنّية، أما مجمع جدة فهو منبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي التي تمثل جميع الدول الإسلامية بما فيها إيران الشيعية، فهو يأخذ طابعًا سياسيًّا رسميًّا، في حين أن المنظمة الطبية جمعت تكتلًا متنوعًا من الأطباء والفقهاء مختلفي الاتجاهات. ولم يهتم المفتون والمجامع ببيان مناهجهم في الفتوى، كما أن المجامع خاصةً قد ضمّت شخصيات مختلفة المشارب والتوجهات وهو ما قد يجعل من الصعب ردّ الناتج عنها إلى منهج واحد.

ولكن يمكن رصد مسلكين رئيسين في الاجتهاد المعاصر في النوازل عامةً، هما: مسلك التخريج أو القياس، ومسلك مقاصد الشريعة والقواعد الكلية، وهما يصوران عقل المفتي المعاصر وأفقه المنهجي في التعاطي مع مستجدات الواقع، وأثر التطورات الطبية في طريقة تفكير المفتي، وقد ناقشت هذا بتوسع في دراسة علمية مطولة منشورة، ولكنني أقتصر هنا على إجمال القول في المسلكين المتبعين:

من أمثلة مسلك التخريج أو القياس تحريمُ التعقيم الدائم للنساء قياسًا على حرمة الخِصاء؛ لأن كلًا منهما يقطع النسل، وقياسُ جواز تشريح جثث الموتى على جواز شَقّ بطن الحامل الميتة لاستخراج جنينها الذي رُجيت حياته، وعلى جواز شق بطن الميت لاستخراج المال المغصوب الذي ابتلعه.

1. مسلك التخريج أو القياس

القياس هو المنهج الذي سلكه الفقهاء المجتهدون لمعرفة حكم ما لم يَرِد به نصٌّ من قرآن أو سنة نبوية، ومع التقليد المذهبي انتقل الأمر من القياس على نصوص الشارع إلى القياس على نصوص إمام المذهب، فإذا وقعت واقعة ولم نجد لها نصًّا في المذهب، ولا أمكن إدخالها ضمن نصٍّ عام فيه قام “مجتهد المذهب” باستنباط حكمها بالقياس على أشباهها ونظائرها في المذهب ويسمى “التخريج”، وتُقاس فقاهة الرجل بقدرته على القياس والتخريج. وقد جرى العمل في النوازل في الأزمنة الكلاسيكية على هذا المنهج.

وغلب هذا المسلك على عدد من المفتين الذين حرصوا على إيجاد أشباه ونظائر للمستجدات الطبية في الفقه الموروث، وإذا كان التخريج في اصطلاح الفقهاء السابقين محصورًا في التخريج داخل حدود المذهب الواحد، فإن النوازل الحديثة دفعت المفتين إلى تجاوز فكرة التخريج على مذهب واحد. ومن الأمثلة الكثيرة لهذا المسلك: تحريمُ التعقيم الدائم للنساء قياسًا على حرمة الخِصاء؛ لأن كلًا منهما يقطع النسل، وقياسُ جواز تشريح جثث الموتى على جواز شَقّ بطن الحامل الميتة لاستخراج جنينها الذي رُجيت حياته، وعلى جواز شق بطن الميت لاستخراج المال المغصوب الذي ابتلعه.

ويمكن أن نلحظ هذا المسلك القياسي في فتاوى كل من جاد الحق علي جاد الحق، وعبد الستار أبو غدة، ومحمد نعيم ياسين، ومحمد سليمان الأشقر، وعمر سليمان الأشقر وغيرهم. فجاد الحق -مثلًا- كان أول مَن خرّج جواز نقل أعضاء الإنسان بناء على جملة اعتبارات، أولها جواز شق بطن الميت لاستخراج ما ابتلعه من مال أو لاستخراج جنين، وأن جسد الميت طاهر حيًّا وميتًا عند جمهور الفقهاء، وأن الفقهاء أجازوا وَصْل عظم الإنسان المكسور بعظم طاهر.

2. مسلك مقاصد الشريعة والقواعد الكلية

المقاصد هي “المعاني والحِكَم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها” كما قال الطاهر بن عاشور، فهي تعبّر عن النظر العقلي في حال غياب النصّ المباشر، وتدخل فيها مصادر تشريعية (أو أصول منهجية) متعددة هي: المصالح المرسلة (المصالح التي لم يرد نص يؤيدها أو يعارضها)، وسد الذرائع (أي الأسباب المفضية إلى محرَّم)، والاستحسان (وهو إخراج الشيء عن نظائره باستثنائه منها، فهو خروج عن القياس لمصلحة مرجوّة).

ومقاصد الشريعة كانت جزءًا من مباحث القياس الفقهي، ولكن تم توسيعها حتى تحولت إلى منهجية لتجاوز القياس الجزئيّ نفسه. والأصل في التقليد الفقهي أن الفقيه يبني أحكامه على التخريج كما سبق، ولكن كثيرًا من الفتاوى الجماعية والفردية تجاوزت ذلك إلى البناء على مقاصد الشريعة والمصالح من جهة أو البناء على القواعد الفقهية الكلية من جهة أخرى، وذلك تحت ضغط الأزمنة الحديثة بنوازلها ومتغيراتها.

والاستنجاد بالمقاصد والقواعد الكلية بدأه الإصلاحيون من أجل التواؤم مع الغرب وبناء فكرة المؤسسات، ولكن الحاجة الماسة إلى إنتاج فتاوى تفصيلية في كل ما يستَجدّ أجبرت العديد من المفتين والمجامع الفقهية على اتباع نهج الإصلاحيين منذ سبعينيات القرن الـ20، وذلك أن الفتوى في المستجدات واجبة حتى لا تتعطل الشريعة، والتخريج على السوابق الفقهية لم يعد ممكنًا في كل جديد، فلجأ المفتون إلى التخريج على الأدلة الأصولية مباشرة (الأدلة المتفق عليها هي: القرآن والسنة والإجماع والقياس، وثمة أدلة مختلف فيها).

من هؤلاء الذي خرجوا على الأدلة مباشرة هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، ومجمع مكة، وكان هذا هو الاتجاه الغالب على مجمع جدة والعديد من المفتين الأفراد مثل محمود شلتوت ومصطفى الزرقا ويوسف القرضاوي والمختار السلّامي وغيرهم.

أما المُفْتُون الأفراد كمصطفى الزرقا ويوسف القرضاوي، فهم لا يُخفون توجههم المنفتح، فقد أوضح الزرقا أن الاجتهاد الجماعي ونشوء المجامع الفقهية تَمَخض عن الاتجاه العصري نحو تجديد الفقه والاستمداد منه في صياغة القوانين، وهو ما دفع إلى “التخريج الجديد على أصول الفقه ومقاصد الشريعة في حين سكتت عنه المذاهب الفقهية في نصوصها القديمة من قضايا الساعة والأمور المستجدة”، وقد مارس الزرقا ذلك في فتاواه فأفتى بجواز التشريح لمعرفة أنواع الأمراض المختلفة أو لتعلم الطب؛ لتحقيق المصالح الحاجيّة (وهي مرتبة متوسطة بين الضروري والتحسيني).

أما القرضاوي فقد كتب عن ضرورة الاجتهاد الجديد وإعادة النظر في التراث الفقهي بناء على معايير مقاصد الشرع ومصالح الخلق والتيسير على الناس، فكل عصر له مشكلاته، وهناك وقائع جديدة لم يعرفها السابقون، وبعض الأمور القديمة قد يطرأ عليها من الأوصاف ما يُغيّر طبيعتها أو حجمها أو تأثيرها، فالمعاصَرَة تقتضي -برأيه- نوعين من الاجتهاد: الاجتهاد الانتقائي والاجتهاد الإنشائي، فمن الاجتهاد الانتقائي اختياره رأي ابن حزم الأندلسي في الوقوف عند ألفاظ الشارع، وأن الرضاع المحرِّم هو “ما امتصه الراضع من ثدي المرضعة بِفِيه فقط”، ومن ثَم أجاز بنوك الحليب بناء على هذا، وأنه “يحقق مصلحة شرعية معتبرة ويدفع حاجة يجب دفعها” بالإضافة إلى استدلالات أخرى.

أما علماء السعودية أفرادًا وهيئات فإنهم على الرغم من التزامهم بالمذهب الحنبليّ غالبًا، مع ميلٍ إلى أقوال ابن تيمية واختياراته، لجؤوا في كثير من المستجدات الطبية إلى المصالح أو قواعد الشريعة العامة حيث أَعْوَزَهم النصُّ الفقهي أو التخريجُ على النظائر الفقهية القديمة، ومن أمثلة ذلك فتوى هيئة كبار العلماء -بالإجماع- بجواز التشريح لغرض التحقق من دعوى جنائية أو أمراض وبائية؛ “تحقيقًا لمصالح كثيرة في مجالات الأمن والعدل ووقاية المجتمع من الأمراض الوبائية. ومفسدةُ انتهاك كرامة الجثة المشرّحة مغمورةٌ في جنب المصالح الكثيرة والعامة المتحققة بذلك”، وكذلك فتوى هيئة كبار العلماء بجواز نقل قَرْنيّة العين؛ بناء على المصالح، وفتوى اللجنة الدائمة للبحوث بجواز التخدير الكلي والجزئي؛ “لما يقتضيه من المصلحة الراجحة”.

والاستناد إلى المصالح مقيَّدٌ بالمصالح المعتبرة شرعًا أو المصالح المرسَلة التي سكت عنها الشارع، وليس المراد بها مطلق المصالح، ولذلك اتفقت الفتاوى -مثلًا- على حرمة إجهاض الجنين بعد بلوغه 120 يومًا؛ لنفخ الروح فيه، “ولو كان التشخيص الطبي يُفيد أنه مشوه الخِلقة؛ إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء الثقات المختصين أن بقاء الحمل فيه خطرٌ مؤكَّد على حياة الأم، فيجوز إسقاطه؛ سواء كان مشوَّهًا أو لا؛ دفعًا لأعظم الضررين”.

يعكس هذا التصنيف الثنائي للفتاوى الاختلافَ في منهج الفتوى والموقف من التراث الفقهي عامة، فالفتوى تتنازعها رؤيتان مختلفتان:

الأولى ترى أنه “متى قَدر الإنسان على اتباع النصوص لم يَعدل عنها، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقلَّ أن تعوز النصوص من يكون خبيرًا بها وبدلالتها على الأحكام” كما قال ابن تيمية.

أما الثانية فترى أنه من المبالغة الادّعاء بأن الكتب القديمة فيها الإجابة عن كل سؤال، وهي الرؤية التي عبّر عنها مصطفى الزرقا ويوسف القرضاوي في ما سبق، ولكن تجديدها إنما يكمن في الانتقاء من التراث أو بالتخريج على القواعد أو مصادر التشريع مباشرة عبر تجاوز التمسك بمذهب معين.

وهذا يعني أن لجوء الفريق الأول إلى المقاصد والقواعد العامة ليس مستبعدًا بالكلية، ولكنه مرهون بالعجز عن التخريج أو إيجاد النظير الفقهي القديم الذي يقيس عليه، ولجوء الفريق الثاني إلى التخريج ليس مرفوضًا بالكلية ولكنه ليس شرطًا في التعامل مع المستجدات والنوازل الفقهية، وبناء عليه يمكن ردُّ الفتاوى عامةً إلى مسألتين مركزيتين:

الأولى: ما يَقبل الإلحاق والتخريج من المستجدات الطبية وما لا يَقبله، ويؤثر في ذلك تكوين الفقيه وتمكُّنه من الفروع الفقهية وقدرته على التخريج.

والثانية: طريقة الفقيه في الفتوى وموقفه من التراث الفقهي كما سبق القول، هل يتقيد بالتقليد المذهبي أم يتوسع خارج المذاهب المعتمدة؟ وكيف ينتقي منها؟ وما معاييره في ذلك؟

وفي كلا الحالين، لم يحصل تقدم في منهجية الإفتاء المعاصر في المستجدات، بل يبدو في كثير من الفتاوى أنه لا يوجد لديهم منهج متماسك يستوعب المستجدات ومنطقها ويتلاءم مع متغيرات النسق الكلي (من التخصيب الصناعي وتقنيات الإنجاب إلى تقنيات التعديل الجيني وتطبيقات الذكاء الصناعي)، ومن ثم فإن الاختلاف بين المفتين هو -في رأيي- اختلاف في الدرجة لا في عمق المنهج؛ فقد بدا في كثير من المستجدات أنه تم التعامل مع كل مسألة بمفردها، ولم يرق التفكير إلى محاولة بلورة منهج عام يستوعب التراث الفقهي ومنطقه وتقنياته، كما يستوعب روح العصر وتحولاته من جهة، ويحفظ لنفسه التماسك المنهجي وعدم الانتقائية من جهة أخرى.

وكل ذلك لا يتسنى إلا بتحصيل معرفة راسخة ومزدوجة في المجالين: 1) التراث الفقهي 2) والمجال أو التخصص الذي تنتمي إليه هذه المستجدات، 3) مع الاشتباك الفاعل والنقدي مع النقاشات الأخلاقية الحديثة حول المسائل المطروحة نفسها. فمجرد الإحالة إلى الاجتهاد المصلحي أو القواعد الكلية إحالة إلى عمومات قابلة للتوظيف في التحليل والتحريم على السواء؛ بحجة تحقيق مصلحة أو دفع مفسدة، فالإشكال إنما يكمن في كيفية تنزيل هذه المبادئ على الحالات المعينة، ومعايير ذلك التنزيل، وموازين المصالح والمضار، ومن يحددها؟ وبناء على ماذا؟ (منظور طبي أو قانوني أو فقهي أو اجتماعي أو شخصي أو كل هذا؟)، وكل هذه مسائل بقيت مبهمة ومرنة في الفتاوى المعاصرة.

المصدر: الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى