“القلق” هو سيد الموقف في أوروبا، بعد أن شهدت دول القارة عدة هجمات “إرهابية” بالطعن والدهس في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا وإسبانيا، راح ضحيتها العشرات.
اللافت أن منفذي هذه الجرائم ليسوا ممن هاجروا إلى العراق أو سوريا أو أفغانستان، أو حتى ممن قدموا منها، بل هم مواطنون ولدوا وعاشوا على الأراضي الأوروبية، ولم يعرفوا غيرها دولاً.
وكما هو دارج في أوروبا، فقد دفع “الإسلاموفوبيا” إلى توجيه أصابع الاتهام لمجالس الجاليات الإسلامية والمسجد هناك، بدعوى أن معظم القائمين عليها يحملون أفكاراً متطرفة، تغذي الشباب المسلم بالحقد والكراهية للدول الغربية.
آخر من عانى من هذه الظاهرة كانت بلجيكا، التي أعلن وزير الهجرة فيها، ثيو فرانكين، الثلاثاء 3 أكتوبر 2017، أن بلاده اتخذت خطوات لطرد رجل دين سعودي، إمام أكبر مسجد في البلاد، بدعوى نشره “فكراً متطرفاً”.
وقال الوزير لإذاعة “آر.تي.إل” البلجيكية الناطقة بالفرنسية: “سحب تصريح إقامة الإمام تمهيداً لترحيله”، مضيفاً أنه “قدم طعناً على القرار، وإذا لم يقبل فسيكون ملزماً بالمغادرة”.
وواجه المسجد الكبير في بروكسل، الذي استأجرته السعودية لمدة 99 عاماً في الستينيات، في إطار اتفاق طاقة، اتهامات متكررة من الساسة المحليين بالترويج لأفكار “شديدة التحفظ” في الإسلام.
وفي هذا الصدد يقول فرانكين: “هناك مشكلة تتعلق بالمسجد الكبير، اتخذ قرار سحب تصريح إقامة إمام هذا المسجد، لدينا مؤشرات واضحة بشكل جلي، بأنه شديد التطرف وسلفي ومتحفظ، إنه خطر على مجتمعنا وأمننا القومي”.
وليست بلجيكا وحدها التي واجهت “الأئمة” بل حتى فرنسا، التي كان لها نصيب الأسد من الهجمات الإرهابية، عاشت ذات المشكلة، فقد كشفت وزارة الداخلية الفرنسية في العام 2016 أنها طردت 40 إماماً، ممن “ينشرون الكراهية” منذ سنة 2012 من أصل 1500 إمام هناك، علماً أن عدد المساجد بلغ 2449 مسجداً، حتى عام 2012 بعد أن كانت 1536 عام 2000، بحسب الداخلية.
وفي ألمانيا، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، في أبريل 2017، أن أكثر من 100 شخص يعملون كدعاة مصنفون “خطرين أمنياً”، كما تم ترحيل 13 داعية منذ بداية العام الحالي، بتهم نشر الكراهية، وتجري 760 حالة تحقيق ذات علاقة بإسلاميين متطرفين، وفقاً للوكالة الاتحادية الألمانية لمكافحة الجريمة.
وتعد أوروبا مكاناً ملائماً لعمل الأئمة والدعاة، بعيداً عن العالم العربي والإسلامي، إذ يجد فيه هؤلاء مكاناً لإبعاد خطابهم الديني عن رقابة السلطات، من خلال منحهم الحرية الكاملة في أوروبا بالدعوة ونشر أفكارهم.
واحدة من أبرز ظواهر الترحيل من أوروبا وما زلت حاضرة في الأذهان، هي ترحيل بريطانيا في العام 2013 لمنظر “الفكر المتطرف” أبي قتادة الأردني، الذي كان يوصف بأنه “سفير بن لادن في أوروبا”.
وتم ترحيل أبي قتادة إلى بلده الأردن لكي تتم محاكمته هناك بتهم “الإرهاب”، كما عثر على تسجيلات فيديو لخطبه في شقة أقام فيها محمد عطا، أحد منفذي هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
وفي العام 2002، اعتقل أبو قتادة في بريطانيا بموجب قانون مكافحة الإرهاب، ثم بقي خارج السجن بكفالة وتحت رقابة مشددة استناداً إلى معلومات استخبارية قالت إنه زعيم روحي لمجندي القاعدة الجدد.
ولا بد من الإشارة إلى أن بريطانيا سلمت إسلامياً وإماماً آخر هو أبو حمزة المصري، إلى الولايات المتحدة في العام 2013، كي تتم محاكمتهم هناك، بتهم تتعلق بمشاركتهم في تنفيذ عمليات إرهابية والمشاركة في خطف 16 سائحاً غربياً في اليمن عام 1998، قتل أربعة منهم في أثناء عملية عسكرية لتحريرهم.
(المصدر: الخليج أونلاين)