مقالاتمقالات مختارة

مركز التنبه لدى الدول الغربية.. وشعار تطبيق الشريعة !

مركز التنبه لدى الدول الغربية.. وشعار تطبيق الشريعة !

بقلم طعان خليل

الدول الغربية تحارب أي توجه في البلاد الإسلامية للتحرر من قبضتها؛ وهي في محاربتها للإسلام بوصفه مبدأ لشؤون الحياة كافة نإنما تحارب ما يجعل للأمة كيانًا غير تابع لها ،ويشكل بديلاً عن حضارتها ،ويزيل سيطرتها ليس في البلاد الإسلامية ،وحسب بل في العالم كله.
من هنا ؛فإنّ تلك الدول لا مشكلة لديها في وجود أي كيان تابع لها خاضع لسيطرتها مهما كان شكل هذا الكيان ومضمونه، وهي لا مشكلة لها في أية شعارات تُرفع ما دامت تلك الشعارات تخدم سياساتها وسيطرتها.
فأمريكا وبعض الدول الغربية هي من حرّض الدول في البلاد الإسلامية على الدعوة للنفير والجهاد في أفغانستان لمواجهة الاتحاد السوفييتي المحتل، وهي نفسها غضّت الطرف إن لم تكن قد ساعدت تنظيم الدولة على إعلان الخلافة، وهي استخدمت تنظيمات كثيرة ترفع شعارات تطبيق الشريعة والجهاد في سبيل الله في كثير من البلاد في سوريا ولبنان وفلسطين وليبيا والسودان وغيرها.

وللتذكير؛ فإن حركة طالبان الأفغانية التي ترفع شعارات إسلامية ومنها تطبيق الشريعة هي نفسها التي اعتمدت عليها أمريكا عام 1996 في الإمساك بزمام الأمور في أفغانستان من خلال دعم باكستان لها؛ وطالبان الآن في مفهومها للشريعة هي نفسها التي حكمت أفغانستان حتى عام 2001 ولم يستجد لديها شيء على هذا الصعيد، اللهم إلا ما كان من متطلبات جعلها مقبولة من النظام الدولي والمؤسسات الدولية من مثل مسايرتها للهازارة وقبولها بإشراك نخب علمانية في الحكومة وموالين للغرب، وكذلك “انفتاحها” على الصين وروسيا وغير ذلك.
والدول الغربية في نظرتها هذه تختلف عن الدولة الإسلامية التي تقوم على أساس الإسلام أو عن أي حزب إسلامي يتخذ من الإسلام مبدأ له، فلا وجود في الإسلام لفكرة الغاية تبرر الوسيلة ولا يوجد في الإسلام فكرة استخدام شعارات مثل العلمانية أو الحريات الغربية أو النظام الديمقراطي بصرف النظر عن كون ذلك يحقق مصلحة أو لا يحققها فذلك لا يجوز. أما الدول الغربية فهي تقدس المصلحة وهي لا تقيم وزنا إلا للمصلحة، والقيمة الثابتة لديها في سياساتها هي القيمة المادية، وهي ليس لديها مشكلة حقيقية إلا مع كل ما يحول البلاد التابعة لها إلى بلاد مستقلة.
لذلك؛ فإنّ مركز تنبه الدول الغربية هو عدم انفكاك أي كيان في العالم الإسلامي من التبعية لها وبخاصة إن كان قائمًا على أساس الإسلام قيامًا حقيقيًا لا صوريًا، وما سوى ذلك فهي لا مشكلة لديها لا في قطع يد السارق، ولا في جلد الزاني ،ولا في رفع راية الجهاد ،ولا في شعار تطبيق الشريعة طالما كان كل ذلك خادما لسياستها محققًا غاياتها!
من هنا فإن وصف وصول تنظيم يرفع شعار تطبيق الشريعة إلى الحكم بأنه على غير ما يريده الغرب وأنه هزيمة للغرب باعتبار أن الغرب ضد تطبيق الشريعة ،هو وصف غير صحيح وهو مقياس خاطئ يوصل إلى تصورات خاطئة منها عدم فهم الأفخاخ التي ينصبها العدو لنا والوقوع فيها! كما وقعنا في سوريا، فقد غرقنا في أبحاث من مثل “مشروعية أو عدم مشروعية القتال لإقامة الدولة” و”جواز أو عدم جواز القيام بالعمل المسلح لإسقاط النظام” مع أن الفصائل المقاتلة في سوريا بصرف النظر عن رفعها لكثير من الشعارات الإسلامية فقد كانت مرتبطة بدول لا يضيرها الشعارات طالما أن ذلك يحقق أهدافها، ولم نستيقظ إلا بعد أن وقع الفأس في الرأس!

المصدر: رسالة بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى