مرض التعوّد السلبي :
غًًزَّة نموذجاً
بقلم د. سعيد بن ناصر الغامدي (خاص بالمنتدى)
التعوّد المَرضي عملية يتكيف فيها الإنسان مع وضع سَيِّئ أو حدث قبيح يواجهه بشكل متكرر، بحيث يصبح ذلك الحدث أو الوضع جزءًا من مرئياته أو مسموعاته اليومية.
بهذا التعوّد يصبح الإنسان أقل تأثّرًا به، ويشعر بأن تأثيره يضعف تدريجيًا، حتى لو كان يقرّ بأن هذا الشيء فيه ألم وانتهاك وظلم.
هذا الأمر ينطبق بشكل خاص على الأوضاع المأساوية التي يتعرض لها البعض، مثل مآسي غزة أو الحروب والتدمير الذي تبسطه قوة مّا، أو الرعب الذي تبسطة سلطة مّا.
علامة هذا التعوّد السلبي تظهر عندما يصبح الإنسان أقل اهتمامًا أو لا يظهر رد فعل إيجابي تجاه المآسي الإنسانية بسبب تكرار مشاهدتها.
بدلاً من الشعور بالضرر والحاجة إلى التغيير أو التحرك.
قد يبدأ الناس في التكيف مع الوضع الصعب ويشعرون بأنه جزء من الواقع الذي لا يمكن تغييره.
هذا التكيف الشائِن قد يؤدي إلى:
1.فقدان الإحساس بالإنسانية الطبيعية.
فيصبح الفرد غير مدرك لأبعاد المعاناة أو يقل اهتمامه بالتحرك من أجل المساعدة.
2.اللامبالاة
مع مرور الوقت، قد يتوقف الأفراد عن التفاعل أو حتى إظهار التعاطف مع الأشخاص المتضررين.
3.العجز عن التغيير
يصبح الوضع المأساوي جزءًا من الحياة اليومية، مما يعزز الشعور بالعجز عن إحداث أي تغيير.
*إذا لم يتخذ الإنسان خطوات للتفاعل مع تلك المآسي بشكل إيجابي (مثل المشاركة في حملات الإغاثة أو العمل على التوعية أو إيصال أي نوع من المساعدات )حينها يصبح التعوّد على المعاناة سببًا في استمرار الأوضاع الرديئة، بل وتفاقمها.
وفي القرآن إيضاحات لخطورة هذا الأمر منها قول الحق ﷻ :
(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)
هذه الآية تشير إلى أن التعود على الإصرار على الخطيئة أو التفاعل السلبي مع الأحداث يمكن أن يؤدي إلى قسوة القلب وتراكم أوحال الغفلة فيه.
حتى يصبح القلب في عماوة عن المواعظ الظاهرة في الأحداث ذاتها، فيحصل نوع من “التعود” على الظلم أو المعاناة، ثم يصبح الشخص غير حساس تجاه الأحداث المأساوية أو المواعظ. كما قال تعالى:(وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ)
لأنهم يتوهمون أنهم في عافية من البلاء
أو لأن عندهم نعم متوفرة تصنع لهم حواجز نفسية أو مبررات شخصية أو حدوداً مصطنعة
فيعرضون ولا يبالون
كما قال تعالى:
(وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ)
اقرأ أيضا: متى تتوقف الحرب على غزة؟