مربع دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء.. انقلاب على المحور نفسه
بقلم أحمد زيدان
جاءت الانتفاضة العراقية واللبنانية لتؤكد ما ذهبت إليه مبكراً دمشق وصنعاء في الثورة على عهد ومحور أصرّ منذ اليوم الأول على مكافحة أي تمرد شعبي يطالب بأبسط حقوقه، ومقاومة أي تغيير، ورفض للتخلي عن المكتسبات والأرباح التي حققها هذا المحور خلال السنوات الماضية التي انتظر فيها الشعب طويلاً أن يرتدع أصحابه، ويفهموا الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي حرص على إرسالها.
لكن لم يكن الطرف الآخر مستعداً لفهمها أو إدراكها، بعد أن أغلق عيونه، وأصم آذانه، وهو الذي ذاق طعم الثورة والثروة، فرفض أن يضحي بأي من مكتسباته ولو كان ذلك على حساب دماء الملايين وتشريد الملايين ودمار البلاد والعباد، فهو محور يعرف تماماً حجم الدمار والخراب الذي ألحقه بالبلاد على مدى سنوات وربما العقود الماضية في بعض البلدان وبالتالي ففاتورة دفعه للثمن ستكون بحجم فاتورة الخراب والدمار الذي ألحقه بها..
نفس المنطق الذي سنّه بشار حافظ الأسد، وسلالة الأسد من قبل بحق الشعب السوري على مدى نصف قرن، أو بحق الشعب الفلسطيني وخنق ثورته منذ الستينيات كما هو معروف، وكذلك بحق الشعب اللبناني والاحتلال الأسدي للبنان، ومن بعده التدخلات الإجرامية الأسدية في العراق والتي وصلت إلى أن شكا رئيس الوزراء العراقي المالكي يومها إلى مجلس الأمن الدولي عن التورط الأسدي في التفجيرات التي هزت بغداد..
هذا المنطق يتكرر اليوم في بغداد، ومعه تكرر في صنعاء التي خضعت لسلطة الحوثي المتحالف مع إيران، واليوم يتكرر أيضاً في لبنان على لسان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي يهدد ويتوعد كل من ينقلب على عهده ووديعته، بل ويرفض مجرد تغيير وزير خارجية الحكومة جبران باسيل، حيث أعاد إلى الذاكرة ما كان يردده بشار الأسد من شعار “الأسد أو نحرق البلد”، والأعجب من ذلك كله أنه لا سياسي لبناني انتفض ضد الحراك الشعبي إلاّ نصر الله، وهو ما يعكس ويؤكد أن الانقلاب في الجوهر واللب هو انقلاب على المحور نفسه..
نفس الاتهامات ونفس التهديدات تتكرر اليوم من ذات المحور في بغداد وبيروت، ويتكرر معه الدعم والتأييد للمحور من الولي الفقيه علي الخامنئي، إذ يثبت المحور من جديد لكل ذي عينين أنه قادر على نشر الخراب والدمار في هذا المربع وغيره، وليس لديه خطة باء فخططه من ألف إلى ياء هي نشر الخراب والدمار والتهديد والوعيد، ورفض المشاركة في السلطة، فالسلطة المطلقة لهم، ولا سلاح إلاّ سلاح ما تسمى بالمقاومة، بعد أن ثبت أنها مقاومة لكل طامح بالحرية فقتلت الصادعين بها في صنعاء وبيروت وبغداد ودمشق، ولا تزال، فنصر الله يحق له أن يتلقى تمويله من الولي الفقيه كما اعترف على الملاّ، أما مظاهرات ليست بحاجة لواحد بالمائة من ميزانيته فهي ممولة من الخارج، وأداة بأيدي الغير ومؤامرة خارجية، ليرد عليه المتظاهرون مباشرة بالصوت والصورة تقول أنا ممول للثورة..
كانت خطة الأسد والمحور المنتمي إليه أن يُربوا الشعوب العربية بمحرقة وهولوكوست العصر في سوريا، فانقلبت الآية، وقام الشعب السوري بتربية المحور كله، وها هو بصموده بوجه المؤامرة العالمية ضده وضد ثورته لا يزال الشعب السوري الثائر صامداً يقاوم بعيونه مخارز العالم ومخارز المحور الطائفي، وتعود معه الانتفاضة اللبنانية لتعيد الاعتبار للشعب السوري الذي اضطهدته طبقة سياسية لبنانية متحالفة مع العصابة الأسدية، فكان الانتقام الإلهي أولاً ثم الانتقام الشعبي اللبناني من الشخصيات السياسية التي زارت طاغية الشام وتوعدت برمي اللاجئين السوريين في سوريا بعيداً عن لبنان، ألا ترون حجم السباب والشتائم والانتقاد لصاحب الفكرة حبران باسيل، ومن قبله كان الانتقام من حسن البشير في السودان وغيره..
(المصدر: مدونات الجزيرة)