مقالاتمقالات مختارة

مخاطر نتفليكس على الأطفال

مخاطر نتفليكس على الأطفال

بقلم أحمد الشيبة النعيمي

يحتفل العالم هذه الأيام بالأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية لمواجهة تداعيات مجتمع المعرفة وثورة المعلومات والبيئة الرقمية الحديثة على تعليم الأبناء وثقافتهم وقيمهم مع تصاعد وباء المعلومات المزيفة والاستقطابات الثقافية والأيديولوجية وتفشي ثقافة الكراهية وغير ذلك، ونظراً إلى تداخل عالم الإعلام والمعلومات والمحتويات الثقافية عبر وسائل الإعلام المتعددة، فالمفترض أن تتوسع مجالات الدراية الإعلامية والمعلوماتية لتشمل الدراية النقدية بمحتويات الأفلام التي تنشر على مواقع رقمية.

 ومن أشهر هذه الوسائط شبكة نتفليكس “Netflix”، وهي خدمة تابعة لشركة أمريكية مسبوقة الدفع تبث الأفلام والبرامج التلفزيونية في أكثر من 190 دولة ومنها الدول العربية باستثناء سوريا ومع توفير ترجمات احترافية بأكثر من لغة.

وتقدم شبكة نتفليكس إغراءات كثيرة لمتابعيها ولا سيما مدمني المسلسلات، لأنها تعرضها قبل العرض التلفزيوني، ويعد موقع نتفليكس الموقع الثاني والثلاثين من حيث الزيارات في العالم، وتشير الإحصائيات إلى أن المستخدمين يشاهدون الموقع بما يقارب 100 بليون ساعة شهرياً.

ومن الإغراءات التي تقدمها الشبكة للمشاهدين عرض المسلسلات الحصرية التي تعرض فقط في شبكة نتفليكس ولا تعرض في القنوات التلفزيونية أو المنصات الرقمية الأخرى. مع الشهرة الواسعة التي نالتها شبكة نتفليكس ووصول ساعات المشاهدة إلى أكثر من بليون ساعة شهرياً، بدأ التفكير في طبيعة المحتويات التي تعرضها هذه الشبكة وخطورتها على أخلاق وقيم الناشئة، لا سيما بعد أن تأكد تركيز الشبكة على بث محتويات غير أخلاقية تشجع على الانحرافات الجنسية بمختلف أنواعها كالشذوذ وزنا المحارم والتحرش بالأطفال والسخرية الأديان والأنبياء وغير ذلك.

ويؤكد المتابعون لمحتويات شبكة نتفليكس أن الترويج لهذه الانحرافات لا يحدث بصورة عرضية أو نادرة ولكنه يتكرر بصورة مقصودة في معظم المسلسلات والأفلام، مما يعني أن الترويج للانحرافات توجه مقصود من الشبكة وضمن أجندتها الثقافية والسياسية والتجارية، ومن الغريب أن نجد أن بعض منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية الغربية بدأت تدعو للتصدي لهذه المخاطر في ظل صمت غريب ومريب في العالم العربي والإسلامي كأن القيم والأخلاق وقضايا العقيدة والدين لا تعنينا، أو أن هناك تواطؤاً رسمياً للتطبيع مع هذه الانحرافات الفكرية والأخلاقية والعقائدية تماشياً مع سياسة التطبيع مع الانحرافات السياسية والتخلي عن قضايا الأمة ومحاربة حريات وحقوق الشعوب العربية والإسلامية.

بعد وضوح قصدية التأثير على الثقافة والقيم والمعتقدات في محتويات شبكة نتفليكس ووضوح تخلي الحكومات والمؤسسات التربوية العربية عن مسؤولياتها في مواجهة هذه التحديات، يأتي السؤال عن كيفية التعامل مع هذه المخاطر.

اختارت قلة من دول العالم مواجهة هذه المخاطر بمنع الشبكة من البث في دولها كما فعلت الصين وكوريا الشمالية وسوريا في الوطن العربي، ويبدو أن الدوافع السياسية وراء هذا المنع، وهذا الأسلوب من الصعب الاعتماد عليه في ظل تنامي وسائل كسر الحجب وغيرها، ولكن يمكن الضغط على الشبكة لتغيير بعض محتوياتها من خلال تنظيم حملات لمقاطعة الشبكة والتي قد تكبد الشركة خسائر تدفعها لمراجعة حساباتها، ولكن الأهم هو توعية الأبناء بمخاطر متابعة محتويات غير أخلاقية، وتأثيرها على دينهم وقيمهم وأخلاقهم وواجبهم في توعية غيرهم بهذه المخاطر ومساعدتهم على التقييم النقدي للمحتويات سواء كانت عبر نتفليكس أو غيرها، وتحديد المحتويات التي تستحق المشاهدة والتي تجمع بين المتعة والفائدة ومن المهم أيضاً تشجيع الرأسمال العربي والإسلامي على إيجاد البديل الأفضل وإنشاء منصة منافسة تبث محتويات تتفق مع قيمنا وثقافتنا وعدم الاكتفاء بنقد ثقافة الآخرين.

المصدر: الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى