مقالاتمقالات مختارة

محمد عابد الجابري في الميزان …؟ا

محمد عابد الجابري في الميزان …؟ا

بقلم جمال نصرالله

هل كان المفكر المغربي الجابري المتوفي بتاريخ الـ03 ماي  2010يحمل مشروعا متجددا على مستوى الفكر العربي أم أنه أعاد أسئلة سابقيه الخاصة بنقد التراث لا غير؟ا … الجابري انتقد العقل المنتج للثقافة العربية ولم ينتقد الثقافة في حد ذاتها  وهو بذلك غيّب كل ماهو جميل ومفيد حتى ولو هو بالنزر القليل عاشت على أمجاده هذه الأمة من مشرقها لمغربها …فلقد أتاه وسحرالقراء بألمعية العناوين على شاكلة ـ نقد العقل ـ في أجزاءه الأربعة دون أن يحدد أي عقل مقصود.فهو يقول بنقد العقل العربي..ولو تمعنا مابين الأسطر خاصة لمن قرأ أعماله فهو يوجه السهام للعقل المشرقي المتأثر بالثقافة الفارسية والهندية عكس العقل المغاربي الذي اتسم بالعقلانية وكان متأثرا بالثقافة اليونانية بدليل أنه يتهجم كثيرا على الشافعي ويقول بأنه السبب المباشر للعقل المغلق والمنحط.ومن جهة يمجد الشاطبي وابن رشد ويرى بأنهما رموز التنوير؟ا زيادة عن عن أنه  يتهم الكثير من المفسيرن بالجمو الفكري  لأنهم صنعوا من حولهم هالة التأليه والقداسة واعتبرت فيما بعد أعماله قسما كبيرا من التراث ….عدد من الكتاب اتهموا الجابري بالإنحياز بل بالعصبية التي تصب في مسألة الصراع المشرقي المغربي.فالجابري لم يقل بنقد التراث بل نقد العقل وهو نفس الطرح ووجهان لعملة واحدة ـ الإختلاف في التسميات فقط ـ…نقد التراث هو الموضوع الشائك والحي على مدار عقود فقد سبق وأن كتب في هذا المجال علي عبد الرازق ثم زكي نجيب محمود والطيب تيزيني وصولا إلى نصر حامد أبوزيد وحسن حنفي …لماذا أراد إذا الجابري أن يغيّر العناوين دون المحتوى ..فقط ما جاء به هوالمنهج أو قل مجموعة المناهج الغربية الوافدة والتي من المؤكد أن الجابري تمعن فيها جيدا وهضمها وأراد بها الإستعمال والمسح أو بمصطلح علمي استخدامها كسكانير لقراءة التراث ؟ا   نجد هذا مع مجموعة تلامذته في جامعة محمد الخامس كسالم يفوت  ومحمد وقيدي و سعيد بن سعيد العلوي وهم الذين تأثروا بالمناهج الأوروبية وأرادوا بها قلب التراث رأسا على عقب واتهامه بأنه سبب مأساة العقل العربي قاطبة…ونعطي أمثلة حية هنا كمشروع محمد أركون الجزائري وعبد الله العروي المغربي وجعيط هشام التونسي وغيرهم ممن فككوا التراث بمناهج الغير وطالبوا بالقطيعة المعرفية معه اليوم أو غدا…وذهبت جرأة  بعضهم إلى حد التضحية بكل التراث ورميه بالمزبلة وليس فقط تنقيته من الشوائب وغربلته…فحازوا بذلك على شهرة منقطعة النظير عكس بعض المفكرين الذين كانوا توفيقيين أي الأخذ من التراث ماهو أصلح وأنسب لحياتنا العقلية والإجتماعية ومن الجهة المقابلة الأخذ كذلك ببعض المسائل الغربية المتعلقة بالأفكار والحريات والممارسات الحياتية المعيشية؟ا

إن الجابري وإذ نحن نحييه على جهده الجبار في القراءة والتحليل,إلا أننا نسقط على مشروعه الوهمي عددا من الأسئلة الموضوعية ..مالذي أراد الوصول إليه…ومالذي رسمه في هذا المخطط الكبير..وهل تجربته مميزة عن باقي المفكرين الذين كانوا أكثر صراحة حتى وهم تحملوا تبعات ذلك إلى درجة أن البعض دفع ثمن حياته لذلك …وهل كان الجابري أكثر ذكاء   لحظة  لم يشر بالبنان عن أهدافه المرجوة؟ا  ودون أن يعي بأن مشروعه الكبير هذا ظل تحت المجهر وأنه يعيد أسئلة لانستطيع القول بأنها قديمة بالية ولكن مكررة ومتداولة.فهو لم يوضح الغاية من نقد العقل..هل المقصود هو العقل بمفهومه البيولوجي لدى العامة أم العقلالنخبوي المنتج المفكر لدى فئات المبدعين وأكيد أنها كان يقصد الأول.الذي  غطس في ترديد العديد من القيم الشعبية التقليدية السحرية المتوارثة عن شعوب سابقة دون أن يحاول التخلص منها والإتيان بأنماط معيشية وفكرية تلائم وتلازم حياته..زيادة على هذا وكما قلنا الجابري لم يحدد الطبيعة الجغرافية لهذا العقل …فهل  صحيح أن العقل المشرقي  برمته عاجز عن القفز عن موروثاته…وهنا تُطرح ألف علامة استفهام…عن طبيعة هاته العقول هل هي عقول العامة المقصودة أو العقول النخبوية ..هنا وقع الجابري في معضلة عدم التخصيص والتحديد  وإفهام قراءه..وإلا أن المفاضلة تقع بين عقل أوروبي عقلاني وآخر عربي أسيوي روحي …  ومالفرق …إذ نحن نعلم بأن العقل الأوروبي بدوره تعرض للنقد وليس العربي فقط .أخيرا وحتى أن الأسئلة في حد ذاتها تتطلب جلسات وجلسات فإن ماجاء به مفكرنا رحمة الله علية نقولها صراحة هو نسخة مكررة من مجموع أسئلة لازمت الفكر وكيفية النهوض العربيين.وأن مشكلة مفكرينا العرب يتعمدون نوعا من الغموض لإثارة بعض الأسئلة المدهشة يوم يغلفونها بمصطلحات غريبة وغربية حديثة وإذ حاولنا البحث عن مكنوناتها نجد بأنه من سبقنا إليها في هذا المجال..وأن العقول متساوية لحد ما في طرح السؤال الفلسفي..فقط تختلف المناهج وطرائق التمكير في التغيير ؟!

(المصدر: صحيفة البصائر الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى