محمد شحرور من روّاد الباطنية المعاصرين
بقلم أحمد دعدوش
منذ عصر السلف كانت هناك محاولات هائلة لإدخال كل أشكال التخريفات والتحريفات في الإسلام، بل كان هذا ديدن كل رسالات الأنبياء منذ بداية بعثتهم، لكن الرسالة الخاتمة هي الوحيدة المحفوظة بوعد إلهي. لذا ظهر من حاول أن يقحم في جوهر الإسلام أفكارا وعقائد مثل #الإباحية والشذوذ والرقص والسحر وطقوس اليوغا وتناسخ الأرواح والحلول والاتحاد والفناء وأزلية العالم وتجسيد الإله وتقديس الأضرحة، والقائمة تطول لتتسع لكل خرافة جاء الإسلام أصلا لينقضها.
لكن الراسخين في العلم لم يترددوا في فضح هذه المحاولات وتصنيف أصحابها رواداً لفِرق ونِحل منحرفة، وأسهبوا في بيان موقف الإسلام من كل فرقة، ما بين ضالة وكافرة مارقة من الإسلام. وتورعوا أيضا في الحكم على أتباع هؤلاء بالكفر، ملتزمين قواعد من قبيل “عدم تكفير المُتأوّل” و”لازم المذهب ليس بمذهب”.
وبما أننا في أكثر عصور الإسلام انحطاطا وضعفا وانهزاما، فمن الطبيعي جدا أن يكون زنادقة هذا العصر أكثر عددا وأشد خطرا، ومن البديهي أن يؤسس مهندس ماركسي متلبرل مثل #محمد_شحرور فِرقة جديدة يرعاها الطواغيت وتباركها واشنطن رسميا وعلنيا.
وكل ما فعله هذا الزنديق هو السير على خطى رواد الباطنية والانحلال السابقين مستخدما أدوات هذا العصر، فكما لجؤوا هم إلى فلسفة الإغريق وغنوصية الهند وانحلالية المزدكية الفارسية، لجأ شحرور إلى جدلية (ديالكتيكية) الشيوعية وغرائز الإنسانوية ونسبية الليبرالية وتأويل الباطنية ولسانيات ما بعد الحداثة. وكما خرج السابقون بعقائد مغايرة تماما مثل فِرق الدروز والنصيرية، خرج شحرور بفرقة أكثر بعدا عن الإسلام الواضح الصريح، فأباح الزنا والخمر والربا، وقصر الحجاب على البكيني، وأسقط الفرائض وعبث في مسلمات العقائد، زاعما أنه يؤسس بذلك مذهبا جديدا للفقه وأصوله، وهو لم يصمد أمام أي نقاش علمي محكم، ولم يستطع التملص من حرج عجزه عن تلاوة آية قرآنية بطريقة صحيحة.
وأمام هذه العجائب لم يتردد العلماء في تصنيفه على رأس فرقة خاصة به، أما مسألة الحكم عليه وعلى أتباعه الأعيان بالكفر فنلتزم فيها ما التزم به السابقون من التضييق ما أمكن، مكتفين ببيان أن تحريم الحلال وإباحة الحرام وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة -دون تأويل- هو كفر بالعموم.
وكما كان في الماضي جهلة لا يميزون بين الفِرق وحدودها، فمن باب أولى يتطاول في عصرنا هذا متمشيخون أكثر جهلا وضعفا وسفها، وهم يرون في شحرور مجرد مجتهد، بل يزعمون أن له أجراً على “خطئه”، وهم لشدة عمائهم لا يميزون الاجتهاد عن الزندقة، ولا الخطأ عن الكفر الصريح، وعذرهم بذلك خضوعهم لطغيان الثقافة الليبرالية الغالبة التي تجعل من التسامح مع الانحلال والضلال وثنا يُعبد من دون الله، مع أنها تقيم “حد الإرهاب” على كل من شذ في الطرف المقابل وتشدد في الدين.
وتبقى طائفة من المقتاتين على موائد مواقع التواصل، ممن لم يقرؤوا كتابا فضلا عن أن يثنوا ركبا في العلم، وغايتهم في الدين ترديدهم مهازل يلعب بها الصبيان من قبيل “دع الخلق للخالق” و”لا تجوز للميت إلا الرحمة” و”تحرير العقل من النقل” و”تحريك المياه الراكدة”، فهؤلاء إن لم يكفوا عن سفههم بالتقريع والتبكيت، فلا مفر من حظرهم للتقليل من انتشار عدوى الجهل في هذا الفضاء المليء بالغثاء.
والله أعلم.
(المصدر: رابطة العلماء السوريين)