مقالاتمقالات مختارة

محاكم التفتيش الخليجية!

محاكم التفتيش الخليجية!

بقلم سيف الهاجري

بعد مرور قرون من جرائم محاكم التفتيش المسيحية بحق مسلمي الأندلس ظن الكثير بإن حقبة هذه المحاكم الدينية قد إنتهت بإخراج المسلمين من الأندلس!
لكن حقبة الحرب على الإرهاب المعاصرة أعادت محاكم التفتيش من جديد وفي عقر ديار الإسلام!
ولم يعد رجال محاكم التفتيش المعاصرة كاردينالات وقساوسة كسابقتها بل أصبحوا دكاترة شريعة وشيوخ دين وأئمة وخطباء من بني جلدتنا تحت رعاية المؤسسات الأمنية!
فتحت شعار المناصحة ومنهج الوسطية أنشئت محاكم تفتيش خليجية ووضع لها مراكز ولجان لتقوم بدورها الفكري والسياسي الخطير لمواجهة العلماء والدعاة والمجاهدين الذي يرفضون الاعتراف بالوجود الأجنبي وينكرون الواقع السياسي الذي يرون تناقضه مع الإسلام وقطعياته ويطالبون بالحرية والإصلاح والتغيير!
وتحت الرعاية الرسمية لمحاكم التفتيش الخليجية تم مصادرة أبسط الحقوق الشرعية والعدلية لكل من وضع اسمه في القوائم الغربية للإرهاب وقوائم الأمم المتحدة ومجلس الأمن فأصبح علماء الخليج ومجاهديه ودعاته ما بين السجن أو إلغاء مواطنتهم من السجلات الرسمية أو مهجر ومحاصر تنفيذا لأجندة القوى الدولية الغربية والتي لن تقبل من هؤلاء الأحرار إلا الإيمان بالطاغوت الدولي والرضا بحكمه!
إن أخطر ما يطرح في هذه المحاكم ولجانها الشرعية هو امتحان العقائد والإيمان لهؤلاء الأحرار ودعوتهم لترك ما هم عليه من دعوة وجهاد بإشراف أساتذة من الكليات الشرعية لترفع بعد ذلك تقاريرهم الرسمية للجان الدولية والغربية لتقييم مواقفهم وعقائدهم من النظام الدولي، وهذا لعمري هو ما واجهه مسلمي الأندلس والذين كانوا يٌخيرون بين الردة عن الإسلام أو الموت والتهجير!
ولم تكتف محاكم التفتيش الخليجية بلجانها ومراكزها فأرسلت سدنتها ورجالها ممن يلبسون لباس العلم والدعوة ليقوموا بدورهم الوظيفي بالتواصل مع كل من يرون منه رفضا ومعارضة ممن تحقق معه هذه المحاكم للتأثير عليه باسم الواقعية والمصلحة العامة لدفعهم لقبول توصيات وتوجيهات لجان محاكم التفتيش ليصدق فيهم الحديث «َخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رِجَالٌ يَخْتِلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ , يَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ مِنَ اللِّينِ , أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ , قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ».
للأسف هذا واقع مؤلم يجري خلف الكواليس لأخوة لنا في ظل صمت شعبي، فما يتعرضون له ليس مناصحة وحوار وصلح لمصلحة مجتمعاتهم كما يدعي إعلام الأنظمة وسدنتها بل هو مصادرة لحرياتهم وحقوقهم حتى أصبحوا غرباء وأسرى في أوطانهم، فالظلم قد وقع فإن لم ينكر ويرفع فسنن الله لا تحابي أحدا كما في الحديث «إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، وَالْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ، عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ».

(المصدر: قناة سيف الهاجري على التيليجرام)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى