ما لا تعرفه عن وظيفة ناظر المظالم في التاريخ الإسلامي
بقلم مصطفى الأنصاري
ناظر المظالم في التاريخ الإسلامي .. سلطته أعلى من القضاء ويقف أمام ظلم الولاة
ناظر المظالم كوظيفة القاضي وقد تطوَّرَتْ حتى أصبحت منصبًا قضائيًّا مستقلا أعلى من منصب القاضي نفسه
إن التطورات التي شهدتها الحياة في تاريخ الحضارة الإسلامية أدت إلى ظهور وظيفة جديدة؛ وهي وظيفة ناظر المظالم إلى جانب وظيفة القاضي، وقد تطوَّرَتْ هذه الوظيفة حتى أصبحت منصبًا قضائيًّا مهمًّا ومستقلا عن القضاء؛ لمنع الظُّلْـمِ عن الرعية، ولَـمَّا كان القاضي يعجز عن النظر فيه؛ لتناوله جهاز الحكم، فإن الذي كان ينظر فيه هو الخليفة أو السلطان، أو مَنْ ينوب عنه من كبار رجال الدولة.
وقد ذكر ابن خلدون أهمية وظيفة ناظر المظالم بقوله: هي وظيفة ممتزجة من سطوة السلطنة ونَصَفة القضاء، تحتاج إلى علو يد، وعظيم رهبة تقمع الظالم، وتزجر المتعدي..
هذا، وكان اختصاص مَنْ ينظر في المظالم واسعًا؛ يشمل: النظر في تعدِّي الولاة وكبار رجال الدولة على الرعية، وجور العمَّال والجباة (محصلي الضرائب) فيما يجمعونه من الأموال، وتظلم الأجراء – الذين يعملون بأجر يومي- من نقص أجورهم، أو تأخرها عنهم، وتنفيذ ما وقف القضاة من أحكامها لضعفهم عن إنفاذها، وعجزهم عن المحكوم عليه لقوة يده، أو لعلو قدره.
من هنا نتبيَّن أن ناظر المظالم كان أسرع نفاذًا، وأوسع مدًى؛ وأن اختصاصه يشمل القضاء العالي ومجلس الدولة في زماننا، كما نقف على مبلغ أهمية وظيفة ناظر المظالم، وما كان لصاحبها من السلطة، ونفاذ الكلمة، وعلى ما كان عليه النظام القضائي من الدقَّة في تاريخ الحضارة الإسلامية.
فإذا ما عرفنا أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان جلس للمظالم، تيقَّنَّا أن الحضارة الإسلامية قد ابتكرت هذا النوع من القضاء الإداري قبل أكثر من ثلاثة عشر قرنًا، وهو ما لم يعرفه الأوربيون ويُطَبِّقوه بالفعل إلا في الأزمنة الأخيرة.
للمزيد ..
د.راغب السرجاني: ديوان النظر في المظالم .. نشأته وتطوره
(المصدر: موقع قصة الإسلام)