ما دلالات إدخال التوراة وتأدية الصلوات منه مباشرة لأول مرة في الأقصى؟
إعداد أسيل الجندي
في انتهاك جديد أدى مستوطن إسرائيلي متطرف اقتحم ساحات المسجد الأقصى صباح اليوم الخميس صلوات علنية من التوراة مباشرة، وذلك في سابقة خطيرة، بعدما كان المتطرفون يؤدون الصلوات شفهيا أو عبر قراءتها من هواتفهم الخاصة في السابق.
ومن المتعارف عليه منع إدخال الكتب اليهودية المقدسة بشكل قاطع إلى المسجد، وفي حال تم ذلك كان حراس الأقصى يملكون صلاحية إخراج المتطرفين ممن يقدمون على هذا الانتهاك، لكن الشرطة الإسرائيلية هددت الحراس المعترضين على هذا الانتهاك اليوم بالاعتقال والإبعاد.
وقال مدير المسجد الأقصى المبارك عمر الكسواني إنه ينظر بعين الخطورة لهذا السلوك والانتهاك بحق الأقصى.
وحمّل الكسواني سلطات الاحتلال “المسؤولية الكاملة عن ردود الفعل تجاه التصرفات الشاذة بالمسجد”، حسب تعبيره.
وأضاف مدير المسجد الأقصى في حديثه للجزيرة نت أن الانتهاكات بحق الأقصى تتم بشكل تدريجي، وأنه بالإضافة إلى إدخال التوراة اليوم أدى أحد المتطرفين طقس الانبطاح أو ما يعرف بـ”السجود الملحمي”.
إشعال حرب دينية
وحسب مدير المسجد الأقصى، فإن الاقتحامات مؤخرا اتخذت منحى مختلفا، إذ يؤدي المتطرفون يوميا طقوسا توراتية علنية بحماية الشرطة، واصفا ذلك بـ”المشاهد المستفزة التي تثير مشاعر المسلمين وتشعل حربا دينية في الأقصى، وهو المرفوض من قبل كل المسلمين في المعمورة”.
وشدد الكسواني على أن الاقتحامات التي تتم بقوة الاحتلال والسلاح لم ولن تعطيها أي شرعية، وقال إن دائرة الأوقاف تتابع هذا الانتهاك الخطير، وأوعزت للحراس بالاعتراض فور تكرره مهما بلغت العقوبة المترتبة على ذلك.
من ناحية أخرى، عقب الشيخ الكسواني على إقدام الحاخام المتطرف يهودا غليك -وللمرة الثانية خلال أيام- على التجول في المسجد الأقصى وحده دون مرافقة الشرطة الإسرائيلية، وقال إنه “أمر غير اعتيادي في الاقتحامات”.
وحسب الكسواني، تواصلت أوقاف القدس مع الأوقاف الأردنية (صاحبة الولاية الدينية على المسجد الأقصى) “من أجل وقف الانتهاك والسلوكيات الجديدة، والتي يسعى الاحتلال من خلالها إلى فرض أمر واقع جديد”.
الرباط في وجه الاقتحامات
ولدى “جماعات الهيكل” المتطرفة 4 مواسم كبرى لاقتحام الأقصى خلال العام كما يوضحها الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص.
ويتمثل الموسم الأول بعيد “الفصح العبري”، والثاني بذكرى “توحيد القدس”، والثالث بذكرى “خراب الهيكل” في الأيام القادمة، والرابع موسم الأعياد الطويل الذي يبدأ برأس السنة العبرية مرورا بيوم “الغفران” وينتهي بعيد “العُرش”.
وحسب ابحيص، تستخدم هذه الجماعات الأعياد الدينية كمواسم لتصعيد العدوان على المسجد الأقصى.
وعولت من تطلق على نفسها “جماعات الهيكل” على تمكنها في الموسم السابق المتمثل بـ”توحيد القدس” من فرض أداء الطقوس اليهودية في الأقصى بشكل علني جماعي، لتثبيت روايتها بأنه “مكان يهودي مقدس”، لكن حسب الباحث ابحيص “هذا لم يتم لهم في 28 رمضان، وانطلقت الحرب حينها”.
واليوم، تتطلع الجماعات للتعويض -ولو بشكل نسبي- في ما تسمى “ذكرى خراب الهيكل” التي ستحل في 18 يوليو/تموز الجاري.
وأوضح الباحث أن الفترة التي تسبق هذه الذكرى في الديانة اليهودية تسمى “أسابيع الصوم”، ومدتها 3 أسابيع، وهي الأيام التي يستعد فيها المتطرفون للاقتحام الأكبر في الذكرى التي ستسبق هذا العام يوم عرفة بيوم واحد فقط.
ويقول ابحيص “هناك محاولة لتحقيق أي إنجاز لتعويض ما حصل في 28 رمضان من فشل لاقتحام الأقصى في “ذكرى توحيد القدس” وفقا للتقويم العبري، لذلك تبدأ التحضيرات بانتهاك جديد اليوم، وبدعوات لا تتوقف لاقتحامات مركزية وأداء طقوس جماعية يوميا في المسجد الأقصى”.
ويرى الباحث أهمية في عدم فصل ما حدث اليوم عن التشكيلات التي تتم داخل “جماعات الهيكل”، والتي جرى من خلالها توحيد جماعتي “طلاب لأجل الهيكل” و”تراث الهيكل”، بهدف تحسين وحشد الإمكانات التي يسعى المتطرفون إلى استخدامها، لفرض أداء الطقوس الجماعية العلنية في الأقصى.
وختم الباحث حديثه للجزيرة نت بالقول إن ما حصل اليوم من اعتداء هو تحضير تدريجي للموسم الثالث من مواسم اقتحام الأقصى المفترض تنفيذه بعد أقل من أسبوعين.
وقال إن التصدي والعودة لمعادلة “الرباط مقابل العدوان” بإطلاق دعوات للاعتكاف في المسجد ليلة 18 يوليو/تموز الجاري هو الحل، لأن ” الرباط وحده سيكون مفتاح إفشال العدوان القادم كما السابق”.