ما حقيقة ما يسمى بالاسلام الراديكالي؟
بقلم الشيخ عبد الحي يوسف
هذه الكلمات: الإسلام السياسي – الإسلام الراديكالي – الإسلام المنكفئ – الإسلام الجهادي – الإسلام الظلامي – الإسلام الرجعي، كلها مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان، وإنما يتخذها أعداء الله تعالى وسيلة لنبز ناس ممن يدعون إلى الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بكماله وشموله، ويصرون على تطبيقه في شئون الحياة كافة؛ عملاً بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}،
وقوله سبحانه {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}،
وقوله جل من قائل {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}،
وقوله جل جلاله {إِنَّا أنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}،
وقوله تبارك اسمه {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}،
وقوله عز وجل {أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}،
مع اعتقاد كمال هذا الدين وصلاحيته لكل زمان ومكان كما قال منزله سبحانه {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.
وخلاصة هذه الآيات الكريمة جميعاً أن الله تعالى شرع لنا ديناً جامعاً، وألزمنا إلزاماً باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، وجعله فوق الكفاية؛ بحيث لا نحتاج إلى استعارة أي حكم أو تشريع من غيره، ولذلك أَلزَمَنا بالدخول في كافة شرائعه، وحرَّم علينا تفرقته وتجزئته تحريماً قطعياً؛ لأن هذا ينافي الإيمان، ويبطل دعوى صاحبه في دخول الإسلام.
وقد استفاض أئمة التفسير في تقرير هذه المعاني عند تفسير هذه الآيات الجامعة، وبيان تفصيلاتها الجزئية، وما يندرج تحتها في العقائد، والأخلاق، والعبادات، والمعاملات: كآيات البيع، والرهن، والنكاح، والطلاق، والعدة، والرضاع، والنفقة، والميراث، والوصية… وغير ذلك من شؤون الحياة جميعاً التي تربو على الإحصاء والعد، بما يجِدُّ فيها من جديد دائم، ينضوي تحت هذا الشمول الجامع لقواعده، وأصوله، وشُعَبِه المتكاثرة.
كما أن هؤلاء الأعداء يتخذون مصطلحات أخرى كالإسلام المعتدل والإسلام الحداثي والإسلام المستنير والإسلام العقلاني لمدح ناس من المتحللين من عرى الدين؛ الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، فلا مانع عندهم من الرجوع إلى الدين في شأن الصلاة والصيام والحج وعقد النكاح وأحكام الجنائز، لكنهم ينفرون حين يسمعون أحكام الإسلام المتعلقة بالميراث والقصاص والجهاد والحدود والربا والصرف والبيوع وما إلى ذلك، ويقول قائلهم: ما شأن الدين بذلك كله؟.
وخلاصة القول أن هذه أسماء باطلة يكفر بها كل مسلم ولا يعترف بها؛ فإن الإسلام واحد لا ثاني له، وهو ما أنزله الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتديَّن به أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، ونسأل الله تعالى أن يحيينا عليه ويميتنا عليه.
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)