مقالات مختارة

ما أروع الزوجة المثقفة

بقلم هناء المداح

أن يُرزَق الرجل بزوجة عاقلة، مثقفة، آراؤها حكيمة، ورؤاها ثاقبة، سديدة، ولديها قدرة فائقة على حسن التصرف، وإدارة وتسيير شؤون بيتها بسهولة، لهو فضل وكرم عظيم، ونعمة جليلة من الله تعالى، ينبغي له أن يشكره، ويحمده سبحانه أن امتن بها عليه، كما ينبغي له أن يحافظ عليها، ويقدرها حق قدرها..

فازدياد معدلات الطلاق السريع الذي يشهده العالم العربي في السنوات الأخيرة، يرجع في المقام الأول إلى تركيز الكثير من الشباب عند اختيار من سيشاركنهم حياتهم على الجوانب الشكلية السطحية، وإغفال الجوانب المهمة الأخرى، المتعلقة بالدين، والخلق، والعقل،، مما أدى بدوره إلى خراب بيوت عدة قبل استكمال تعميرها؛ لأن الجمال، أو المال، وغير ذلك لا يمكن أن يقوم على أساسه بيت، ولا يجلب راحة ولا سعادة..

فما فائدة الزوجة صاحبة الجمال الباهر، أو المال الكثير، إذا ما كان عقلها ضيقا، وفهمها محدودا، ولا تحسن التصرف أو التعامل مع زوجها، وليست لديها أية مؤهلات أو خبرات تمكنها من تربية الأبناء، والتغلب على أي مشكلة تعترض طريقهم – خصوصًا في هذا الزمن الصعب الذي يواجه فيه الأبناء تحديات وعقبات كثيرة على المستويات كافة؟!..

ماذا يجدي الحسب، والنسب الطيب،، أو الوظيفة الراقية – لو كانت الزوجة صعبة المراس، وتتصرف بغباء، وعشوائية، وجاهلة بأمور كثيرة في الزواج؟!..

فالدور الحقيقي للزوجة لا يمكن اختزاله في الطبخ، والغسل، وتنظيف وترتيب البيت، والولادة فحسب، وإنما يتعدى إلى ما هو أبعد وأعمق من ذلك، لذا من المهم جدا أن يكون لدى الزوجة ثقافة حياتية، وتربوية، واجتماعية، حتى تكون زوجة ناجحة، تستطيع بذكائها، وحسن منطقها وفهمها أن تكسب عقل وقلب زوجها، فتكون له حبيبة رحيمة، وصديقة حميمة، ومستشارة حكيمة، وكاتمة أسرار أمينة، فيثق بها، ويركن ويسكن إليها، ويسعد، ويأنس بها، ولا يجد راحته إلا معها، كما تستطيع فهم أبنائها، واحتوائهم، وغرس كل ما هو طيب، ونافع في عقولهم، وأنفسهم، ليكونوا أسوياء أخلاقيا، وتعليميا، ونفسيا..

 ويتأتى ذلك بالقراءة، والتعلم، والتثقيف. فالزوجة المطلعة، القارئة في مجالات وكتب عدة – لاسيما التي تساعدها بشكل كبير على إنجاح حياتها الزوجية، وفي مقدمتها القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وسيرة رسولنا الكريم، والفقه، إضافة إلى الكتب التربوية، والاجتماعية التي تثري العقل، وتصقله بالمعرفة، التي تسهل عليها كل عسير، وتجعلها قادرة على الارتقاء بحياتها وحياة أفراد أسرتها، وتوفير مناخ مستقر مريح، باعث على الهدوء والسعادة، والنجاح؛ تكون بالطبع أفضل حالا، وأسعد حظًا من تلك الزوجة التقليدية صاحبة العقل السطحي التي لا ملمح فيها لأي تميز أو تفوق، والتي يصعب عليها فهم أمور كثيرة تتعرض لها في مشوار حياتها الزوجية، إذ لا تحسن فهم أسبابها، أو وضع تصورات لنتائجها، وبالتالي تعجز عن مواجهتها والتعامل معها بما تستحق..

ما أود الإشارة إليه، هو أن تلك الزوجة الرائعة المثقفة التي أتحدث عنها، لن تصل إلى هذه الثقافة وهذا العقل المستنير اليقظ، إلا إذا كانت نشأتها الأولى في كنف أسرة ديِّنة، خلوقة، تقدر العلم، والثقافة، وتفسح المجال لحرية التعبير لجميع أفرادها، وتتعامل بعقل وحكمة مع ما يحدث من خلافات أو مشكلات، فوراء كل زوجة مثقفة، أب مثقف حكيم، محب للعلم، أو أم عاقلة، رشيدة، حسنة الفهم، والمنطق.

المصدر: الملتقى الفقهي.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى