بقلم د. محمد جبر الألفي
عرف الماوردي الجريمة بأنها: محظورات شرعية زجر الله تعالى عنها بحد أو تعزير.
ولا يبعد تعريف القانون الوضعي عن هذا المعنى، فالجريمة: فعل أو امتناع عن فعل، مسند إلى صاحبه، ينص عليه القانون ويعاقب من أجله بعقوبة جنائية.
ولكي نتعرف على ماهية الجريمة الجنائية لا بد من توافر ركنيها: المادي والمعنوي. فالركن المادي هو السلوك الإجرامي، والركن المعنوي هو القصد الجنائي، أي العلم بطبيعة السلوك وبالنتيجة التي يفضي إليها وإرادة السلوك والنتيجة معًا.
والتعرف على ماهية الجريمة الجنائية يقتضي تمحيص الوقائع المختلطة وتخليصها من الأوصاف التي لا تأثير لها في توصيف الواقعة، لتعيين وتحديد نوع الجريمة.
يقول ابن خلدون: «وربما تركبت الواقعة من عدة أبواب، فليفحص عن ذلك، وليميز لكل باب محله منها، ثم ينقح الواقعة بأخذ ما يتعين اعتباره، وإلغاء ما لا مدخل له في الحكم بحذف. ثم يطبق الحكم العدل على ما ينقح له».
وحتى يكون التعرف على ماهية الجريمة الجنائية صحيحًا لابد من تحقق الوجود الحسي للواقعة الإجرامية بطرق الحكم المقررة شرعًا من مثل الإقرار والشهادة والكتابة والقرائن، حتى يتم التأكد من وجود الواقعة أو انتفائها، يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾.
ولا تعتبر الجريمة جنائية إلا إذا وجد نص صريح ينهى عن إتيان الفعل ويتضمن عقوبة يقضى بها على الفاعل، وبدون ذلك لا يدخل فعل الفاعل تحت مفهوم الجريمة الجنائية.
المصدر: شبكة الألوكة.