بقلم د. محمد عمارة
للذين يلحون في الدعوة إلى تغيير الخطاب الديني في بلادنا إلى خطابهم الديني الذي ينشرونه ويروجون له.. ولقد نشرت وزارة الثقافة المصرية عام 2014 -بمكتبة الأسرة- كتابا يمثل نموذجا لهذا الخطاب الديني الذي إليه يدعون.. وفي هذا الكتاب -على سبيل المثال- وبالنص:
أن القرآن الكريم “لازالت توجد فيه حتى الآن بعض الأخطاء النحوية واللغوية”!.
وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحكم الناس “بوثيقة شبه جاهلية، وليست إسلامية”! وأنه كان يقضي بين الناس “بسنة العرب في الجاهلية”! وأنه “كان محاربا للذين لم يسيئوا إليه ولا إلى الإسلام في شيء”!.
وأنه قد فرض على الناس “إتاوة أو جزية أو رشوة يسوؤهم أداؤها ويذلهم دفعها”! وأن الإسلام قد تحول على يديه -منذ غزوة خيبر عام 7 هـ- إلى “اتجاه عسكري وصيغة حربية”!.
ولقد جاء بهذا الكتاب عن أبي بكر الصديق وخلافته الراشدة: “أنه خلط بين حقوق النبي وحقوق الحكام.. فحدث زيوغ في الخلافة، وحيود في الحكم، يبدو جليا في اغتصاب حقوق النبي، واشتداد نزعة الغزو، وانتشار الجشع والفساد، وظهور القبلية والطائفية، وأنه فرض ضريبة وإتاوة وجزية على جميع المسلمين في عصره، وأنه أخذ من حقوق النبي ما ليس له، واغتصب من سلطات الرسول ما لا ينبغي أن يغتصبه، وأكره المؤمنين على ما ليس من الإسلام في شيء، وأنشأ في الواقع دينا جديدا غير دين النبي، فبدأ بذلك خطوات وضع أحكام دين جديد”!.
أما صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن حالهم بعد وفاة الرسول بنص هذا الكتاب: “لقد اضطربت جماعتهم، واهتزت نفوسهم، واضطربت موازينهم وتصرفاتهم، واختلطت معاييرهم، فساد الغيوم في العالم الإسلامي، وخلطوا بين ما هو لله وما هو للناس، حتى انتشر الظلام الدامس واختفت الحقائق”!.
وفي هذا الكتاب حكم على الفقه الإسلامي بأنه “قد تردى في ترخص خطير، وأصبح فقه الحيل، فانحدر وضل وأخطأ وأصبح سفسطات لفظية، ومماحكات لغوية، وهو قد عمد إلى ذلك عن جهل بالوقائع أو إخفاء للحقائق، وهو فقه حروب ومجتمعات مضطربة، لا فقه سلام ومجتمعات مطمئنة”!.
هذا هو الفقه الإسلامي -في الخطاب الديني العلماني الذي تروج له وزارة الثقافة المصرية- رغم أن مؤتمرات القانون الدولية قد اعتمدته منظومة قانونية مستقلة تغني وتثري القانون المقارن على النطاق العالمي.
بل لقد وصل هذا الخطاب الديني إلى هجاء الأمة الإسلامية، والقول “بأنها ارتدت إلى عناصر الشخصية الجاهلية القبلية والتطرف والصراع، وعاد كثير منها إلى السلب والصعلكة، فأصبحت شخصيتها الحقيقية أخلاق جاهلية وتصرفات جاهلية، وصار الجميع إلى طباع جافة من الأنانية والخوف والجين والفساد والوشاية والتملق والانتهازية”.
بل لقد وصف هذا الخطاب -الذي نشرته الهيئة العامة للكتاب- صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم الذين أقاموا الدين وأسسوا الدولة والحضارة، بأنهم “كانوا يتسابقون في الاغتيالات إرضاء للرسول، ولم يميزوا بين النبوة والملك، فحجبوا عن مفهوم النبوة، وعزلوا عن صميم الرسالة، ولقد ارتد كثير منهم إلى خُلق الجاهلية بعد فترة وجيزة من وفاة عمر بن الخطاب”!.
تلك نماذج من الخطاب الديني الذي يروج له العلمانيون في وزارة الثقافة في مصر، كنانة الله وبلد الأزهر الشريف!.
المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسملين.