ماذا يحصل في سوريا؟
يسألني الكثير من أحبابنا في #غزة عن حقيقة ما يجري في سوريا، وعن المصالح المتوقعة من هذه المعركة، وعن دور الصهاينة فيما يجري. ويشوّش على بعض الأحبة أحياناً بعض التحليلات ضيقة الأفق التي تركب جملة من المغالطات لتجعل هذه المعركة في سياق مساندة الاحتلال الصهيوني.
أسوق هنا للأحبة في #غزة بعض النقاط المختصرة التي توضح المشهد السوري الحالي:
١- كاد الشعب السوري أن يطيح بنظام البعث الأسدي الذي استبد بالسوريين ونكّل بالفلسطينيين عقوداً طويلة، إبان انطلاق ثورته المجيدة عام ٢٠١١، فاستعان بشار الأسد بإيران في ٢٠١٣، والتي أطلقت أذرعها الطائفية: حزبها في لبنان، ومليشياتها من العراق وأفغانستان، ولمّا كاد الثوار أن يقتلعوا النظام ومليشياته الطائفية، استقدم الأسد الاحتلال الروسي آخر سبتمبر ٢٠١٥ الذي قلب المعادلة بفعل تفوق سلاح الطيران.
٢- كانت نتيجة التدخل الإيراني ثم الروسي هي استعادة النظام المجرم لغالبية المناطق الثائرة بعد تدميرها واستعمال الأسلحة الكيماوية، وتهجير غالب أهلها إلى الشمال السوري ثم إحداث تغيير ديموغرافي بتوطين الشيعة في مناطق السنة التي خلت من غالب سكانها لا سيما في دمشق وحمص وحلب، إلى جانب استشهاد وفقد نحو مليون سوري، واعتقال مئات الآلاف، وتهجير أكثر من ١٣ مليوناً داخلياً وخارجياً.
٣- باتت خارطة السيطرة في سوريا موزعة كالتالي:
ثلثا الأراضي السورية تحت سيطرة النظام السوري وحلفاؤه بما في ذلك محافظات دمشق وريفها وحمص وحماة ومدينة حلب والساحل السوري.
ربع الأراضي السورية تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية والمناوئة للدولة التركية، وتسيطر على شمال شرقي سوريا بما في ذلك محافظات القامشلي ودير الزور والرقة ومناطق أخرى.
حوالي عشر الأراضي السورية بقيت مع ثوار سوريا بعد أن تم تهجيرهم من كامل التراب السوري وحشرهم في إدلب وشمال حلب على الحدود التركية.
٤- خلال السنوات الخمس الأخيرة لم يحدث تطور جذري في السيطرة الميدانية، ووصلت الحالة السياسية إلى الاستعصاء على جميع المسارات، لكن القصف الروسي واعتداءات النظام لم تتوقف، وعملية مصادرة أملاك المهجرين والاستيطان الطائفي تجري على قدم وساق. في المقابل كان الثوار يخططون ويعدّون العدة، وكانت المناطق المحررة -على الرغم من وجود الخلافات وغياب القيادة السياسية الموحدة- تقدّم نموذجاً مقبولاً للإدارة لا سيما على المستوى الأمني والاقتصادي.
٥- مع تغير الظروف في المنطقة بعد #طوفان_الأقصى المجيد، وتراجع حركة التطبيع العربي، وتلقي مليشيات إيران وحزبها اللبناني ضربات مفصلية في لبنان، وتبريد الملفات مع انتقال الإدارة الأمريكية، وانشغال روسيا بحرب أوكرانيا، وقلة شهية داعمي النظام لتمويله وتقديم المزيد من أعباء دعمه… مع كل ذلك انكشفت ثغرة نادرة للثورة السورية.
٦- تعمّد المجاهدون إطلاق معركتهم المباركة عقب اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، تنزيهاً لمعركتهم عن أي تأثير يمكن أن يمسّ ثبات أهل #غزة، على الرغم من عدم وجود مبرر لتواجد قوات حزب الله ومليشيا إيران في سوريا في حين تحتدم المعارك في جنوب لبنان.
٧- انطلقت أولى محاور المعركة من ريف حلب الغربي باتجاه مدينة حلب، وبعد أن كُسر خط الدفاع الأول للعدو، اندفعت أكثر من مائة مجموعة من المجاهدين -بما يشبه طوفان الأقصى- تُحرر وتمشط بلدات الريف الغربي لحلب، حتى انهارت قوات العدو وتمكن الثوار من تحرير حلب، ويطوروا بعد ذلك هجومهم من محاور أخرى؛ ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الشمالي، لتبلغ مساحة ما تم تحريره نحو ألف كم حتى الآن.
٨- بقي أن نشير إلى أن قوات قسد وبتوجيه أمريكي كانت تستعد لأخذ هذه المناطق لملء الفراغ الذي بدأ ينكشف في الأشهر الأخيرة، وهو ما أشار إليه بعض المسؤولين الأتراك من طموح إسرائيلي للوصول إلى الحدود التركية، وهذا سيتم طبعاً بتمدد الانفصاليين حلفاء إسرائيل بدعم أمريكي عبر شرق سوريا في حال دخول القوات الإسرائيلية من الجنوب باتجاه قاعدة التنف الأمريكية على الحدود مع العراق.
٩- ولا ننسى أن نشير إلى التصريحات الإسرائيلية المتخوفة مما يحصل، والتصريحات الأمريكية التي تحاول بخبث أن تربط دائماً وجودها غير الشرعي في سوريا بذريعة الحرب على داعش.. لكن تصرفات الثوار الواعية بعد تحرير حلب، وتصريحات قيادة المعركتين تُظهر كفاءة واضحة في تفويت هذه الذرائع.
١٠- وأخيراً فإن حجم التقاطعات التي لا يمكن إغفالها بين #طوفان_الأقصى و #ردع_العدوان تؤكد حضور #غزة وأبطالها في وعي الثوار السوريين، ويكفي أن نشير إلى وجود أبطال من #غزة استشهدوا اليوم في #حلب، وأن عدداً كبيراً من المجاهدين كان يحمل شارة #القسام أثناء المعركة.. وهكذا فجراح غزة حاضرة لأن القضية واحدة (وأن هذه أمتكم أمة واحدة)..