ماذا في كتاب المسلمون والحضارة الغربية؟ – الجزء الثاني
قراءة د. ليلى حمدان
تحت عنوان “تفوق الحضارة الإسلامية وتقدمها”، بسط الشيخ سفر الحوالي حديثه عن الحضارة الإسلامية وميزاتها، ولكنه نبّه إلى أن الحديث عنها إنما هو في صورتها المثلى التي كانت عليها في عصرها الذهبي، أي أيام النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والقرون الثلاثة المفضلة، وليس في عصور الانحراف الأخيرة.
وفي هذا الباب أسهب الشيخ في الحديث عن مرجع الحضارة الإسلامية، وهو الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
بعض ميزات الحضارة الإسلامية
كما سرد بعض ميزات الحضارة الإسلامية بتفصيل ملمّ،كاشفًا عند كل ميزة تفوقها على بقية الحضارات، منها أنها حضارة تقوم على الحجة والبرهان واليقين، وأنها حضارة توحيدية ربانية التشريع، وأنها حضارة ذات قيم وموازين خاصة ومعايير مستقلة، ولكل قيمة مفهومها الإسلامي الخاص الذي تختلف به عن سائر الحضارات. إنها حضارة إنسانية لكل بني آدم، لا تختص بعرق أو جنس أو لون. حضارة عدل مطلق، حضارة عفو وإحسان، حضارة المساواة، حضارة حق يجب قوله ويحرم كتمه، حضارة حب وتقدير، حضارة طيبات وأخلاق ووفاء والتزام واجتماع وألفة، إنها حضارة عمل، حضارة حقوق وآداب، إنها الأسبق إلى كل علم ومعرفة ومصلحة، حضارة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، إنها حضارة جهاد وإيمان، حضارة تنوع، إنها الحضارة الوحيدة التي للمصيب فيها أجران وللمخطئ أجر واحد، حضارة تراعي سنن الله في المجتمعات، وتجتنب الأدواء الاجتماعية، حضارة توسط واعتدال، تدعو إلى الهمة العالية من الصغير والكبير، حضارة شاملة كاملة تجمع بين خيري الدنيا والآخرة، حضارة ضمير ورقابة داخلية ووازع إيماني، حضارة شمول ومفاهيم واسعة، حضارة جادة في الأصل وإن أباحت اللهو بحدود وضوابط، تجعل بناء الإنسان هو المهم، حضارة لها مقياسها الخاص المتفرد، تحتكم لشرع الله وليس إلى الأهواء والنظريات البشرية والقوانين الوضعية، وفي الواقع كما يقول الشيخ سفر إنها “الحضارة التي يصعب حصر ميزاتها”.
ومع تفصيل الشيخ لكل ميزة قدم الجواب على سؤال: متى بدأ العصر الحديث؟ وبسطًا لحقيقة العبادة والتوحيد والشرك والطاغوت والجاهلية وغيرها.
التاريخ العقدي الإسلامي
وتحت عنوان “موجز للتاريخ العقدي الإسلامي”، استعرض الشيخ التاريخ العقدي في الإسلام موجزًا، لكي تكون مقارنتنا بين الحضارتين عادلة، ولكي نعرف أسباب ما يقال عن تأخر المسلمين وتقدم غيرهم، ولبيان درجة الانحراف عن الكتاب والسنة، والفِرَق التي أثرت في الحياة الإسلامية وجعلتها لقمة سائغة للغرب. وبدأ برأس الفساد، الماسونية.
ومما ينبغي لطالب العلم معرفته بحسب الشيخ، أن الفرق الإسلامية ليست جماعات منقرضة، بل هي ظواهر عامة، والظاهرة تعود متى توفرت شروطها الموضوعية. ومع انتشار التصوف والرفض والإرجاء والفلسفة والكلام، ظلت في هذه الأمة طائفة منصورة، تجاهد على أمر الله لا يضرها من خذلها أو خالفها، وهكذا أحيت الأمة فريضة الجهاد، وظهر فيها السلاطين المجاهدون مثل نور الدين وصلاح الدين، رحمهما الله، الذين عرض الشيخ سيرتهما قائلًا: “هذه الأمة المباركة تمرض ولكنها لا تموت، وقد تشغلها الشهوات ولكنها لا تنسى الجهاد”.
تاريخ الفِرق وتأثيراتها في الأمة
كما تناول الشيخ أيضًا الحديث عن العبيديين، وظهور القوميات التي غذاها الغرب، على نهج «فرق تسد»، ثم أفرد بابًا خاصًا بالصوفية، أحد أمراض هذه الأمة التي تشجعها أمريكا وتعتبرها معتدلة، وبابًا آخر خاصًا بالإرجاء، والذي يعتبر أخطر البدع التي ابتُلِي بها المسلمون، وقد ضرب الشيخ مثلًا في هذا الباب بالحَجَّاج، وأسهب في ذكر مناقبه وجهاده، رافضًا أن يقاس حكام العصر على الحجاج؛ إذ أنهم أشد ظلمًا وفسادًا، حيث قال في وصف الطواغيت المعاصرين: “يظنون أن أمريكا على كل شيء قدير، ويعتقدون أن تقلب الذين كفروا في البلاد أمر حتمي دائم لا حيلة فيه، وأن الفكر والحضارة والتقدم هي فيما جاء به الغرب وحده، وما عداه ماضٍ يجب تركه والتخلي عنه”.
وبعد تعرية صفاتهم قال الشيخ الحوالي: “هؤلاء الطواغيت الحكام -الذين يطبل لهم المرجئة- يجب الإنكار عليهم، ولا تجوز طاعتهم، وإن صلى أحدهم وصام وحج وزعم أنه مسلم كما جاء في الحديث”، ويمكن اعتبار انتشار التصوفيين المسلمين -بحسب الشيخ- سببًا ونتيجة لانتشار الإرجاء.
الرافضة وقراءات الشيخ العميقة
وعلى غرار الصوفية والمرجئة، أفرد الشيخ بابًا خاصًا بالرافضة، وعن نشأتهم وعلاقتهم بأعداء الإسلام، مستدلًا بحقائق من التاريخ والواقع المعاصر. وفي هذا الباب سلط الضوء على مجوسية الرافضة، وعلى صلتهم بالصوفية وبالنصيرية وبالإسماعيلية وبالمرجئة وبالحوثيين وبإيران، وتعدد فرقهم وعقائدهم الباطلة، مستشهدًا بموقف المتكلمين منهم، وكذلك سلط الضوء على الاحتلال الصهيوغربي ووثيقة مكة. وعلى عداوة الرافضة لأهل السنة موضحًا الحكم فيهم.
ونبّه الشيخ على أنه لا يصح العمل بتقارير الخارجية الأمريكية عنهم، ولا المنظمات الحقوقية التي تتيح حرية الاعتقاد، قائلًا: “فأمريكا نفسها بيتها من زجاج، فكيف ترمي الناس بالحجارة؟! وإنما جرأ أمريكا علينا تبعيتنا لها”.
وقد خلص الشيخ إلى أن العداوة مع الرافضة دينية عقدية وليست سياسية. ومعلوم أن السياسات تتبدل، أما العقائد فهي ثابتة، فيجب على أهل التوحيد التعامل مع الثابت لا مع المتبدل، بحسب وصف الشيخ.
كما انتقد في هذا الباب مرة أخرى السلطات السعودية لعدم اكتراثها بما يمكره الرافضة لأهل السنة، وقال: “وقد وعد بعض المسؤولين بمعاقبة الرافضة، ثم إنه هلك فلم يعاقب أحدًا، وهو مثل وعده بمعاقبة العلمانيين والليبراليين، فالقوم يخدعوننا ويكذبون علينا ويجعلون للأعداء المناصب وللأصدقاء السجون!”.
تجديد الحضارة الإسلامية بالدعوة السلفية
وتحت عنوان ” تجديد الحضارة الإسلامية بالدعوة السلفية المباركة”، تناول الشيخ الدعوة السلفية التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. معددًا آثار هذه الدعوة في العالم، وكذا بيئتها وميزتها وموقف مؤسسها من الدولة العثمانية التي لم يخرج عليها بحسب الشيخ.
ثم -ولمكانة الشيخ الألباني -رحمه الله- وأهمية ما دعا إليه، ولتأثيره الكبير اليوم على المسلمين- كان لا بد للشيخ من التعريج عليه بشيء من الإطالة، مع ذكر بعض العبر والاستنباطات التي ظهرت من خلالها مواقف الشيخ سفر التي لا يتفق فيها مع ما ذهب إليه الشيخ الألباني من اجتهادات، فعدد في هذه الإطالة أخطاءه وردود بعض أهل العلم عليه.
ليتطرق بعد ذلك للحركات التجديدية قبل دعوة الشيخ عبد الوهاب أو خارجها، ثم لأعداء الدعوة السلفية، وهم بحسب الشيخ أربعة: الغرب، وأهل الشرك والبدعة والخرافة، والغلاة، والمنافقون. وفي هذا الجزء، أمعن الشيخ في تعرية الليبراليين وكشف عوار الإسلاميين الجدد الذين يعتبرهم من أخطر أعداء الدعوة في زماننا، أو ما يعرف بـ”المعاصرين”، أو”التنويريين”.
حركات موالية للغرب باسم السلفية
كما أوضح الشيخ الأسباب التي دفعت أعداء الله على مدار التاريخ إلى إنشاء حركات موالية لهم بأسماء سلفية، وقال: “فلما أخفق الإنجليز في مقاومة الجهاد الإسلامي في الهند أنشأوا القاديانية، ولما غزا الأمريكان العراق نشروا فتوى السيستاني عن تحريم مقاومة الأمريكان، ولما قدمت جيوشهم إلى الخليج واحتلوا جزيرة العرب، وضعفت حجتهم في أن هذا مجرد استعانة، أسسوا “الجامية”، ولما رأى الأمريكان النجاح المطرد للإسلام صنفوا أهل الدين إلى معتدل ومتطرف أو إسلامي وإسلاموي”.
والشيء المجمع عليه بين كل حركاتهم بحسب تفصيل الشيخ، هو وجوب طاعة الحاكم ولو كان متغلبًا، بل وإن كان غير مسلم، والسلاح لا بد من جمعه من أيدي الناس سلبًا لحريتهم، والجهاد محظور، أو يضعون له شروطًا تعجيزية، ويقولون إن كل من جاهد إرهابي، مع أن الأمم المتحدة لم تضع حتى الآن تعريفًا “للإرهاب!”.
الفكر الديني
وتحت عنوان “الفكر الديني”، تناول الشيخ أصل الدين عند الغربيين والمسلمين على حد سواء، وكيف تعامل الغرب مع المسلمين ووصموهم بالإرهاب، مع أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي حكمت عليها محكمة العدل الدولية بأنها دولة إرهابية كما ذكر تشومسكي.
من هو تشومسكي؟
وقد سلط الشيخ الضوء على تشومسكي وآرائه فقال: “تشومسكي ليس مسلمًا ولا عربيًا، بل هو يهودي عاش في إسرائيل وأمريكا وتكلم عنهما كلام المطلع الخبير. وهو ليس كاتبًا مغمورًا، بل هو أكبر كاتب أمريكي، وتأتي كتبه عندهم في المرتبة الثانية بعد كتابهم المقدس مباشرة، كما أنه، وفق المعايير الليبرالية، ليس إرهابيًا ولا عدوانيًا، بل متقدم متحضر، وهو يؤمن بالإسلام الأمريكي المعتدل كما يقول العم سام، أي الذي لا جهاد فيه”.
ظلم الغرب للمسلمين ونظرتهم لدول الخليج
وفي هذا الباب، أمعن الشيخ في توصيف ظلم الغرب وعدوانهم بحق المسلمين، سواء في إعلامهم حين يتغافل عن مصاب آلاف المسلمين ويكثر الحديث عن غربي واحد أصابه أذى، وكذلك الأمم المتحدة التي تستنفر لصحفي غربي وتتغاضى عن قتل بشار الأسد لآلاف السوريين.
ثم نظرتهم لدول الخليج كمجرد مجموعات من البدو المتأخرين، لديهم ثروات لا يستحقونها، معتبرين أدلة غبائهم وتأخرهم كثيرة منها: أنهم يبيعون النفط بأقل مما يشترون الماء المستورد من الغرب، وأن الشركات التي تستخرج النفط والغاز غربية!
ومنها أنهم يبالغون في الاحتفاء بمن يزورهم، ومنها أنهم يعقدون الصفقات الضخمة مع من يعاديهم، ومنها أنهم لا يعتبِرون، بل يصادقون اليوم من كان عدوًا لهم بالأمس، والمهم أنه يمدحهم إعلاميًا ويقول إنهم سائرون في طريق التقدم!
ومنها أن يعامل الغربي غير ما يعامل به المواطن، فللغربي ميزات كثيرة مهما كان جهله أو عداوته.
ومثل دول الخليج سائر الدول التي تقول إنها إسلامية: فهي تبيع الأطنان من القطن أو الكاكاو أو الصمغ بثمن بخس للغرب الذي يبيع الجرامات من ذلك بثمن غالٍ.
مكانة الدين والمتدين
وتحت عنوان “مكانة الدين والمتدين عند أهل الكتاب” تحدث الشيخ عن الفَرْق الهائل بين الدين والمتدين في الغرب، وبين الدين والمتدين في البلاد التي تدعي أنها إسلامية، قاصدًا الحكومات وليس الشعوب. وضرب أمثلة عديدة على ذلك، بما فيها اهتمام الغرب بالعمل الخيري وبناء دولهم، على عكس حكومات تحكم المسلمين وتنهب ثرواتهم، وقد ضرب مثلًا شركة أرامكو، كيف تمت “سعودتها” في حين بقيت أمريكية الأصل.
الكيان الصهيوني
كان لـلكيان الصهيوني نصيب من الطرح، ظهر خلاله رأي الشيخ في نتنياهو الذي يحمل فكرة شعب الله المختار وفكرة أرض الميعاد. وبرزت معرفة الشيخ الدقيقة باختلافات اليهود، وكيف هو حال اليهود غير الصهاينة وحيلهم التي يوظفونها لتحقيق مآربهم، مع نبذة عن تاريخهم وواقعهم، ختمها بحكم شريعة الإسلام فيهم، والذي ينص على عدم ظلمهم ولكن على إخراجهم من حزيرة العرب، موجهًا النقد مرة أخرى لحكام آل سعود قائلًا: “أما أن يسكن أهل الذمة المنطقة الشرقية أو الرياض أو جدة، فذلك لا يجوز، وكل الكفار والمبتدعة ينبغي إذلالهم، ولكن لا يجوز ظلمهم. وأشنع من ذلك ما نراه اليوم من مئات الآلاف من الأوروبيين الأمريكان، مع ما لهم من ميزات لا يحلم بها مواطن فضلًا عن المقيم. كما يحرم بناء الكنائس أو معابد الهندوس في جزيرة العرب، والسماح بذلك مخالف للكتاب والسنة وإجماع الصحابة والفقهاء، ولكل ما درجت عليه الدول الإسلامية المتعاقبة. فالمسألة إجماعية ولم ينسخ منها شيء”.
ثم فصل الشيخ حقيقة الصهيونية النصرانية وأصل الدين لأهل الكتاب، والتي اعتبرها أخطر من الصهيونية اليهودية. وكذلك فصل إرهاب اليهود، ضاربًا الأمثلة من التاريخ والواقع.
الدين والثقافة في أمريكا
لم تتوقف غزارة الطرح في كتاب الشيخ سفر الحوالي في تبيان تاريخ المسلمين وفكرهم، بل ظهر جليًا أيضًا بشدة اطلاعه على الثقافة الغربية، وتعمقه في مصادر الكتابات عنها، حيث تناول الشيخ الدين والثقافة في أمريكا، ووصف هذه الثقافة بثقافة كتابية، والقيم فيها بقيم يهودية ونصرانية، كما قرر “ستيف بانون” أستاذ “ترامب”، بحسب وصف الشيخ. أما الإيمان الغربي فهو إيمان توراتي، يؤمن به النصارى كما يؤمن به اليهود؛ إذ التوراة شريعة للجميع. وفي هذا الباب، أتقن الشيخ تبيان تناقضات معتقدات الغرب، مؤكدًا أن الشرك واحد، ومظهرًا الفروق بين دين التوحيد ودينهم، مستندًا إلى أمثلة وبيّنات عديدة.
المستشرقون
كان للمستشرقين نصيب من الذكر في طرح الشيخ سفر، وخصهم بعنوان “المستشرقون كهان الفكر”، وقد سلط الضوء على ضعفهم وسوء فعالهم.
أغلال الجبريات وفساد العقائد
وبالتأكيد على أن الشرك لم يتغير، بقي ذاته في الماضي والحاضر، تناول الشيخ تعريف الجبرية الحديثة، وأنواعها الاقتصادية والتطورية والنفسية والاجتماعية والسياسية والنسائية، وهي الجبريات التي حبست الإرادة الإنسانية لتجعل من الإنسان عبدًا مسيرًا لا حرية له في ظل هذه الحضارة.
وسلط الشيخ الضوء على عقيدة وحدة الوجود، وهي من أخطر العقائد في الغرب والعالم كله. لها تاريخ وحاضر وضرر وفساد كبير.
لينتقل بعد ذلك مبرزًا درايته الواسعة بالديانات وتاريخها، إلى ديانات حوض البحر الأبيض المتوسط الغربية. ومخصصًا فقرة عن الديانة في اليابان، وتأثرها بالغرب.
طائفتا اليهود والنصارى
توسع الشيخ بشيء من التخصيص في باب عن أهل الكتاب -المغضوب عليهم والضالين- وهم اليهود والنصارى. وهنا يبسط الشيخ العديد من الأمثلة المستقاة من تاريخ الإسلام القديم والحديث مع هاتين الطائفتين، وواقعهما الذي يصل أحيانًا إلى الطرافة.
تناول فيه فِرق اليهود، وتحريفهم للتوراة، وتلونهم بلون البيئة المحيطة بهم فيماثلونها في شركها، وقدرتهم على التنظيم التي تبدو بوضوح في عالم الاقتصاد، مؤكدًا أن مرجع اليهود والنصارى واحد، هو التوراة.
وبنفس التفصيل، تناول الحديث عن النصارى وعن المسيح في الأناجيل، وتناقضاتهم الكثيرة، معرجًا في ذات الوقت على ابتداعات رجال الدين والمدافعين عنها كـ”أنيس شورش”، العربي الفلسطيني الذي خصه الشيخ سفر بنصيحة عنوانها “محبة الخير ودعوة صادقة للإسلام”.
وبوضوح أيضًا، برزت سعة اطلاع الشيخ في هذا الباب بالأناجيل القديمة، وقدرته على تقييم درجة معرفة الغرب بنصرانيته، وحقيقة الفاتيكان، وكل ما يدور في فلك انحرافهم وضلالهم.
وفي جواب على سؤال: هل يختلف الصهاينة والأمريكان؟ يقول الشيخ سفر: “الجواب نعم، يختلف اليهود فيما بينهم! من كان منهم في إسرائيل ومن كان في الكونجرس، ولكنهم يتفقون كلهم على العمل لمصلحة اليهود، فالخلاف بينهم في الوسيلة فقط، أو كما يقولون: تكتيكي. بل حتى الجماعات اليهودية المعادية للصهيونية ترى أن مصلحة اليهود هي بقاؤهم مشتتين وخاضعين لحكم مجتمعاتهم حتى ينزل المسيح، وأن الصهيونية ضد إرادة الله وضد التوراة، والمصلحة تقتضي بقاءهم خاضعين لحكم المجتمعات القاطنين فيها، وأن يدينوا لها بالولاء، وأن الله هو الذي يقيم الدولة على يد المسيح المنتظر”.
وفي خاتمة هذا الباب، أكد الشيخ الحوالي على أنه بدل التلون والتنقل بين فِرق أهل الكتاب، على الغربيين أن يقرأوا ترجمة القرآن والصحيحين ليعرفوا حقيقة الإسلام ومحاسنه. فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها.
لم ننتهِ من تبيان معالم كتاب دفع صاحبه ثمنًا له حياته، ويعتبر خلاصة علمية جامعة زاخرة تكشف درجة معرفة الشيخ سفر ودرايته بالحضارتين الإسلامية والغربية. فكونوا بالقرب؛ لا زال فيه ما يستحق الذكر.
(المصدر: موقع تبيان)