مقالاتمقالات مختارة

ماذا صنعت العلمانية بإسلام تركيا؟

ماذا صنعت العلمانية بإسلام تركيا؟

بقلم د. محمد عمارة

كانت آخر المحاكمات التي عقدت لداعية الإسلام بديع الزمان سعيد النورسي (1294- 1379هـ، 1877- 1960م)، وحياته سلسلة من المحاكمات، تلك التي عقدت في عام 1958م.

وكعادة النورسي، كان يحول محاكمته إلى محاكمة لجلاديه وسجانيه!

ولقد توجه بالمرافعة إلى قضاته، فقال:

“أنتم تعلمون، دون شك، الاعتداءات الشنيعة التي تمت ضد دين هذه الأمة التركية، وضد إيمانها وقرآنها ونبيها، والإهانات التي جهت إليه، وإذا كان هناك احتمال ضعيف جدا في أن المدعي العام لا يعرف هذا، فإننا نسرد هنا بعضا منها:

• من هم الذين قاموا بمنع دروس الدين من المدارس؟ وأغلقوا جميع المؤسسات الدينية؟

• من هم الذين منعوا الأذان المحمدي؟ ورموا إلى السجون كل من يتجاسر على قول “الله أكبر” في الجوامع أو من فوق المنابر؟!

• أية أيادٍ قامت بمنع دخول الكتب الدينية إلى بيوت الشعب، وبسجن علماء الدين، وبإهانة المتدينين ومحاربتهم حتى أشرفوا على حافة التسول؟!

• أي رئيس وزراء خطب من فوق منصة مجلس الأمة قائلا: “إن الدين سم زعاف” وإنه يحتاج إلى ثلاثين عاما أخرى لكي ينتزع الدين من رؤوس الشعب؟!

• وأي رئيس وزراء وصف أصوات التكبير في الأذان بأنها كأصوات الأشباح التي بعثت من القبور؟!

• من هم الذين قاموا بفتح المحافل الماسونية وبرفع كلمة التوحيد من الرايات العسكرية؟!

• من هم الذين شتتوا أئمة ومفتي الوحدات العسكرية؟!

• ألم يقم هؤلاء بإزالة الآيات القرآنية من المساجد؟!

• ألم يحولوا الجوامع إلى مخازن للجلود أو إلى متاحف وإسطبلات؟! ألم يعطوا بعضا منها للأرمن؟!

• ثم، ألم تنزل اللوحات الكبيرة المخطوطة عليها أسماء الله واسم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأسماء الصحابة الكرام من جدران “أيا صوفيا” ليظهر بديلا عنها تماثيل العهد البيزنطي، لكي يقلبوا “أيا صوفيا” إلى متحف كنسي؟! ألم يرغبوا في تمزيق هذه اللوحات وفي هدم منابر “أيا صوفيا”؟!

• ألم يمنعوا الأطفال من سماع تلاوة القرآن الكريم من الشيوخ؟

• ألم يجمعوا صور الكعبة المشرفة وأتلفوها؟!

• ألم يمنعوا المسلمين من الحج؟!

• وعندما منعوا استعمال الحروف العربية، ألم يحتفلوا بذلك على موائد الشراب؟! وفي الذكرى العاشرة لهذا المنع ألم يتظاهروا في الشوارع حاملين معهم شعارات تقول: “لقد منعنا تلاوات الرهبان”، مشيرين بذلك للقرآن الكريم؟!

• ألم يقوموا بالإيعاز إلى معلمي المدارس بتحقير الدين وإهانته؟ ألم يكونوا على وشك أن يمنعوا استعمال لغة القرآن في الصلاة؟!

تلك بعض بنود لائحة الاتهام، التي حاكم بها النورسي (وهو في قفص الاتهام) الحكام والجلادين، من غلاة العلمانيين، وفيها من البشاعة ما يجعل محنة الشعب التركي (في ظل الأتاتوركية) مأساة فريدة بين مآسي الأمم والشعب، الأمر الذي يجعل مقام بديع الزمان النورسي بين عظماء الأئمة الذين نذروا حياتهم لحراسة القرآن والإيمان.

(المصدر: عربي21)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى