ماذا ربح مسلمو بريطانيا من “آيات شيطانية”؟
“آيات شيطانية” للبريطاني من أصول هندية سلمان رشدي ساهم في بلورة إدراك جديد بالذات لدى مسلمي بريطانيا، كما ساهم في إدخال عنصر جديد للصراع في المجتمع البريطاني بعد أن دفع المسلمين هناك للتعرّف على ما يوحدهم.
وقال كينان مالك الكاتب بصحيفة أوبزيرفر -في مقال له اليوم- إن المسلمين وبعد أن كانوا يعرّفون أنفسهم بلون بشرتهم أو الموقع الجغرافي لبلدانهم الأصلية، بدؤوا يتعرفون على ما يوحدهم كمعتنقي ديانة واحدة (مسلمين).
وبدلا من الصراعات التي جرت في الخمسينيات والسبعينيات والثمانينيات بين الأقليات والدولة بالمملكة المتحدة، وكانت ذات طابع سياسي أو نقابي أو تتعلق بالنظام والقانون، فتح “آيات شيطانية” الباب لنوع جديد من الصراع.
ظلم من نوع جديد
فما أثار غضب المسلمين من هذا الكتاب لا يتعلق بانتهاك الحقوق السياسية أو الإنسانية أو التمييز بمختلف أشكاله، ولا الفقر، بل الشعور بأن معتقداتهم قد تم الاعتداء عليها.
ويضيف مالك أن هذا الشعور بالظلم قد تغلغل في المشهد الثقافي البريطاني منذ نشر “آيات شيطانية” قبل ثلاثين عاما.
ولفت الكاتب إلى أن منتقدي رشدي خسروا معركة لكنهم كسبوا الحرب، إذ إن القانون وقف إلى جانب الناشر الرئيسي الذي لم يوقف طباعة الكتاب، لكن كاتبها اختفى عن الأنظار لعشر سنوات. والآن كل ما يتطلبه الأمر لوقف أي ناشر من إعادة طباعة الكتاب هو إشارة طفيفة إلى احتمال أن الطباعة ربما تُعتبر إساءة.
أعظم إنجازاتها
وحسب الكاتب فإن أعظم ما أنجزته رواية “آيات شيطانية” أن الحجة القائلة -إن الإساءة للآخرين والثقافات الأخرى خطأ أخلاقي- قد أصبحت مقبولة تماما وراسخة في بريطانيا والغرب عموما.
وقال مالك إن قضية رشدي كانت تعبيرا مبكرا عما يُطلق عليه اليوم “العمل السياسي المعتمد على الهوية”.
ففي الثمانينيات لم يكن هناك “مجتمع المسلمين”. وكان البريطانيون ذوو الأصول الإسلامية يُسمون أنفسهم آسيويين أو سودا، ونادرا ما يقولون إنهم مسلمون. فقد تسببت قضية رشدي في نقلة إدراكية وأثارت بدايات لبلورة الهوية الإسلامية المميزة.
وكان كثير من منظمي الحملات ضد “آيات شيطانية” ليسوا متدينين بل كانوا شبابا نشطاء ويساريين شاركوا بهذه الحملة جزئيا بسبب فشل اليسار البريطاني في التعامل بجدية مع قضية العنصرية وجزئيا، بسبب أن اليسار نفسه تخلى عن قيمه العالمية لصالح الهويات الأدنى شمولا من الناحية الإنسانية.
خونة تراثهم الديني
وأشار الكاتب إلى أن الطريق نحو الوحدة الدينية للمسلمين سهله لجوء السلطات المحلية والوطنية في بريطانيا إلى رجال الدين المسلمين التقليديين أحيانا لمواجهة غضب المسلمين من “آيات شيطانية” الأمر الذي تسبب في أن ينظر الشباب إلى هؤلاء التقليديين باعتبارهم “خونة لتراثهم الديني”.
وفي الغرب، بدأ بعض المؤيدين لرشدي تغليف حججهم بلغة الهوية أيضا، معتبرين وجود المسلمين نفسه لا يتلاءم مع “القيم الغربية”. ففي التسعينيات روّج عالم السياسة الأميركي صمويل هنتنغتون لمصطلح “صراع الحضارات” الذي لقي أذنا صاغية من الدوائر الليبرالية خاصة غداة 11 سبتمبر، إذ انبرى كثيرون للدفاع عن حرية التعبير والأفكار الكبرى للعلمانية والتنوير باعتبارها منتجات غربية حصرية.
(المصدر: صحيفة الغارديان / الجزيرة)