ماذا تعرف عن تاريخ الإسلام في الكونغو والكونغو الديمقراطية؟ .. وماذا عن التنصير والصراعات؟
إعداد د. ليلى حمدان
في وسط القارة الأفريقية، دولتان اشتركتا في الاسم لكن اختلفتا في تفاصيل الهوية، اقترن اسم الكبرى بالحروب الأهلية ولا تكاد تذكر الصغرى إلا ما ندر في شريط الأخبار اليومية.
يهمنا في هذه السطور أن نسلط الضوء على تاريخ المسلمين في هذه المنطقة، وواقعهم الحالي؛ لنحقق نوعًا من الوصال الذي يصنع الوعي بتفاصيل الأقلية المضطهدة المنسية في هذه الزاوية من القارة السمراء، ورب تذكرة ألهمت الفكرة وألهبت العزيمة.
جمهورية الكونغو الديمقراطية
أكبر الدُّول مساحةً في أفريقيا جنوب الصحراء، وثاني أكبر دولة في القارة الأفريقية بعد الجزائر، تعرف أيضًا باسم كونغو كينشاسا، أو الكونغو، اشتهرت في التاريخ باسم زائير، تقع في وسط أفريقيا. ارتبط اسمها بنهر الكونغو؛ وهو أعمق نهر في العالم وثاني أكبر نهر من حيث الحمولة. وهي بلاد اشتهرت بالحروب الأهلية.
خضعت هذه الدولة الأفريقية كباقي دول القارة للاحتلال الأوروبي منذ سبعينات القرن التاسع عشر الميلادي (الثالث عشر الهجري)، حيث حاز ملك بلجيكا ليوبولد الثاني حق امتلاك منطقة الكونغو في مؤتمر برلين عام 1302هـ (1885م)، واستمرت البلاد تحت وطأة الاستغلال البشع والاستعباد إلى غاية عام 1326هـ (1908م) التاريخ الذي تنازل فيه ليوبولد مكرهًا عن الكونغو لبلجيكا، فتحول اسمها إلى الكونغو البلجيكية.
استمرت البلاد تحت الاحتلال البلجيكي إلى أن أعلن استقلالها في عام 1380هـ (1960م) تحت اسم «جمهورية الكونغو». وأصبح باتريس لومومبا أول رئيسٍ للوزراء، وجوزيف كازافوبو أول رئيس للجمهورية. وحملت مستعمرة الكونغو الوسطى الفرنسية المجاورة أيضًا اسم جمهورية الكونغو وأصبح البلدان يسمَّيان الكونغو ليوبولدفيل والكونغو برازافيل؛ للتمييز بينهما باسم عاصمة كل بلد منهما.
وعلى إثر صراع انفصالي يعرف باسم أزمة الكونغو. تجاهل المجتمع الدولي طلب لومومبا للدعم، فتوجه للاستعانة بالاتحاد السوفييتي آنذاك، فأثار ذلك سخط الأمريكيين وتم عزله من الحكم وإعدامه على يد قوات كاتانغية بقيادة بلجيكية في عام 1381هـ (1961م).
وفي عام 1385هـ (1965م) قاد قائد الجيش جوزيف ديزيري موبوتو انقلابًا عسكريًا، وغيّر اسمه إلى “موبوتو سيسي سيكو” وغير اسم البلاد إلى زائير. ولأنه كان مناهضًا للشيوعية إبان الحرب الباردة فقد حصل على الدعم الكبير من الولايات المتحدة لكنه سرعان ما تلاشى مع تلاشي الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي.
وفي أوائل تسعينات القرن العشرين الميلادي (الرابع عشر الهجري)، على إثر الإبادة الجماعية الرواندية عام 1415هـ (1994م) اشتعل فتيل حرب الكونغو الأولى. وبحلول عام 1417هـ (1996م)، بعد الحرب الأهلية الرواندية والإبادة الجماعية وصعود الحكومة ذات الأغلبية التوتسية في رواندا، هربت ميليشيات الهوتو الرواندية (إنتراهاموي) إلى شرق زائير، واستعملت مخيمات اللاجئين قاعدةً لغاراتها على رواندا. وتحالفت هذه القوات مع القوات المسلحة الزائيرية وشنوا حملة مشتركة ضد التوتسيين الكونغوليين في شرق زائير.
ثم غزا تحالف بين الجيشين الرواندي والأوغندي زائير وأسقط حكومة موبوتو، عندما رفض حكام البلاد تسليم المعارضين الذين قتلوا عشرات الآلاف في البلد المجاور رواندا، وتمت السيطرة على الموارد المعدنية في زائير، وأشعل فتيل حرب الكونغو الأولى. فتحالف الحلف مع بعض شخصيات المعارضة، وأصبح حلف القوات الديمقراطية لتحرير الكونغو بقيادة لوران ديزيري كابيلا. وفي عام 1418هـ (1997م) هرب موبوتو إلى المغرب وزحف كابيلا إلى كينشاسا، وسمّى نفسه رئيسًا، وأعاد اسم البلاد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.
واندلعت حرب الكونغو الثانية في عام 1419هـ (1998م)، واستمرت إلى غاية 1424هـ (2003م) وهي الحرب التي أدت إلى مقتل 5.4 مليون نسمة. واشتركت فيها الجيوش الأنغولية والزمبابوية والناميبية في النزاعات إلى جانب الحكومة. وفي أثناء ذلك اغتيل الرئيس كابيلا على يد أحد مرافقيه في عام 1422هـ (2001م)، وخلفه ابنه جوزيف، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد.
ورغم تميز البلاد بثروات الطبيعة المختلفة إلا أن نهب الاحتلال الجشع تسبب في الأزمات والنزاعات الداخلية ففر من البلاد نحو 600 ألف كونغوليّ عام 1439هـ (2018م)، وارتفع عدد اللاجئين إلى 4.5 مليون نسمة بحسب الإحصاءات الرسمية.
وأدت المحادثات بين الأطراف المتصارعة إلى اتفاق سلام قضى بمشاركة كابيلا للسلطة مع المتمردين السابقين. وخرجت القوات الأجنبية في عام 1424هـ (2003م)، إلا قوات رواندا. وشُكّلت حكومة انتهت باقتتال بين كابيلا وجان بيير لكنها استقرت في الأخير على تنصيب كابيلا في عام 1427هـ (2006م). لكنه تنصيب أعقبه تمرد مسلح ضد الحكومة، واشتعل ما عرف باسم نزاع كيفو.
استمر الاقتتال والتنازع على السلطة وارتفعت معه معدلات القتلى والمشردين، وظهر جيش الرب للمقاومة بقيادة “جوزيف كوني” الذي تحول من قواعده الأصلية في أوغندا وجنوب السودان إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2005م. ووُصفت الحرب في الكونغو بأنها الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية.
في عام 1436هـ (2015م)، اندلعت احتجاجات كبيرة في أرجاء البلد وطالب المحتجون أن يتنحى الرئيس جوزيف كابيلا. تم تهدئتها بالوعود ثم اندلعت من جديد فراح ضحيتها العشرات واعتقل المئات.
عُقدت الانتخابات العامة في جمهورية الكونغو الديمقراطية في 1439هـ (2018م) وفاز مرشح المعارضة فليكس تشيسكيدى لكن الانتخابات كانت محط اتهام بالتزوير. في 1440هـ (2019م)، تقلّد فيلكس تشسكيدي الحكم، وبعده بستة أشهر انتشر وباء الحصبة في البلد فمات نحو 5 آلاف إنسان.
ولم تتوقَّف تدخُّلات الدول الأخرى في الكونغو مع جميع الحكومات غير المستقرَّة التي تناوبت على حكم البلاد. وبعيدًا عن الاقتتال والحروب والأوبئة والأمراض فإن جمهورية الكونغو الديمقراطية أكبر منتج في العالم للكوبالت الخام، ومن أكبر منتجي النحاس والألماس.
ورغم حجم الإبادات والوفيات مع الحروب الأهلية والأوبئة القاتلة، يبلغ عدد سكان الكونغو اليوم 86.8 مليون بحسب إحصاء عام 1441هـ (2019م). وفي البلاد أكثر من 200 مجموعة عرقية، الأغلبية من شعوب البانتو. يتحدثون اللغات الوسيطة مثل الكيكونغو والتشيلوبا والسواحيلية واللينغالا. فضلًا عن الفرنسية اللغة الرسمية.
وتعاني البلاد إلى اليوم من مرض الإيبولا.
تاريخ الإسلام في الكونغو الديمقراطية
عرفت الكونغو الإسلام منذ منتصف القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر ميلادي)، حيث كان للمسلمين مركزًا في إقليم كاسونغو وعرفوا آنذاك بتجارة العاج والرقيق.
وكان لهؤلاء التجار المسلمين الدور الرئيسي في نشر الإسلام بين شعوب المنطقة. لذلك يعتبر الإسلام أول دين سماوي في الكونغو حتى جاء الاحتلال بمنظماته التنصيرية.
وازدادت هذه المنظمات اهتمامًا بسكان المنطقة منذ أصبحت محط استقطاب لجشع الأوروبيين بما تملكه من ثروات طبيعية.
ومع تكثيف حملات التنصير عمل الاحتلال على محاربة الإسلام وبدعم من بلجيكيا والفاتيكان، بنيت الكنائس والمدارس والمستشفيات والمراكز الثقافية والأندية والجامعات، وحارب الاحتلال البلجيكي كل ما يتصل بالإسلام فمنع بناء المساجد والمدارس القرآنية والدعوة لله.
وبقي المسلمون في اضطهاد حيث أجبرهم المحتل البلجيكي على ترك شعائرهم وعباداتهم وأرغمهم على أكل لحم الخنزير والإفطار في رمضان على غرار ما يفعل الصينيون بالمسلمين الإيغور في تركستان الشرقية، وطُرد أبناء المسلمين من المدارس واستمر اضطهادهم إلى غاية القرن الرابع عشر الهجري (العشرين الميلادي)؛ حيث تمكن المسلمون من الظهور وبدأت مؤسساتهم بالانتشار، ومدارس تعليم القرآن الكريم بالعمل.
وتشير التقارير إلى أن ليوبولد تسبب في الكثير من الجرائم التي أدت إلى مقتل حوالي 10 ملايين ضحية قضوا نحبهم تحت التعذيب أو بالقتل المباشر أو بالجوع أثناء المجاعات التي أهمل فيها المحتل السكان بما فيهم المسلمون.
وبحسب دراسة نشرها مركز البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة أفريقيا العالمية، أدت حملات الحرب على الإسلام إلى إبادة الاحتلال البلجيكي في عام 1311هـ (1893م) ما يقارب من 45 ألف مسلم.
استوجب الاحتلال البلجيكي اشتعال المقاومة المحلية ضده حيث برز الزعيم باتريس لوموبا (1344 – 1381هـ) (1925 – 1961م) الذي انتهت مقاومته بانتزاع استقلال الكونغو وتشكيل أول حكومة كونغولية عام 1380هـ (1960م)، لكن المحتل دسّ له وتخلص منه بالاغتيال في أوائل ستينيات القرن الماضي وهربت أسرته إلى مصر.
وقد اجتمع حوله المسلمون في مقاومة شاملة لإخراج المحتل. فسمح لهم خلال حكمه بترخيص هيئة تعنى بتدبير شؤونهم.
ومع تتابع الحروب الأهلية والانقلابات العسكرية ازداد تهميش الأقلية المسلمة. وفي أزمة 1431هـ (2010م) استهدفت الحكومة الأقليَّة المسلمة بتهمة التعاون مع الجماعات المسلَّحة المعارِضة، مما أدى إلى نزوحهم بحثًا عن مكان آمن في العاصمة وغيرها من مراكز المدن.
وتفرقت صفوف المسلمين بسبب القَبَلية والأحزاب السياسية، مما شكل عائقًا أمام توحدهم. وغالبيتهم من السُنَّة كما يوجد نسبة قليلة من الشيعة في العاصمة كينشاسا، إضافة إلى جماعة الأحمدية التي تتستر باسم الإسلام.
وتشهد الكونغو صراعًا عقديًا بين الحركات الصوفية التقليدية وبين الحركات السلفية، وهو الخلاف الذي ظهر بين جيل كبار السن المتمسك بتقاليده القديمة وجيل الشباب الذي انفتح على العالم الخارجي وتجذبه عالمية الإسلام.
تعتبر منطقة كوما بعد كينشاسا من أهم مناطق انتشار الإسلام إذ يقدر عدد المسلمين فيها بحوالي 45 ألف مسلم، ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد المسلمين حيث يرى المكتب الرسمي لمسلمي الكونغو أن أعداد المسلمين تتراوح ما بين 10% و12% من عدد السكان الإجمالي، لكنهم ضعفاء على مستوى النفوذ والإعلام والاقتصاد. على عكس الكنيسة الكاثوليكية الكونغولية التي تهيمن على البلاد.
ويصنف المسلمون في الكونغو على 3 أصناف:
- قسم ضعيف يسكن المناطق النائية؛ كإقليم كيفو والإقليم الشرقي.
- والنيجريون، وقد بنوا مسجدًا جامعًا وهو أكبر جامع في كنشاسا حتى الآن، كما أسسوا مدرسة إسلامية، ولهم جهود في الدعوة.
- والسنغاليون، ولهم نشاط في الدعوة الإسلامية أيضًا.
ومن مشاكل المسلمين في الكونغو حملات الشيطنة التي ترعاها الكنيسة وتهم ما يسمى الإرهاب ودعم التمردات. كما شهد عددهم انخفاضًا مستمرًا بسبب الأمراض والحروب.
وينقص المسلمين في الكونغو الدعم الخارجي لترميم مساجدهم وتزويدهم بالدعاة والمعلمين وبرامج الدعوة والكتب باللغات المتداولة بالإضافة إلى الخطط لمواجهة كيد التنصير.
ومما قاله الرحالة العبودي عن هذه البلاد: “قد أخبرنا الشيخ علي محمد الطوقي وهو عماني أنه كان في مدين كندو في مقاطعة أورنال في الكونغو عام 1383هـ (1963م) عندما كانت الثورة ضد البيض على أشدها، هناك شاهدوا ثلاثة عشر أوروبيًّا من الإيطاليين نزلوا بطائرتهم في مطار مدينة كندو الذي يسيطر عليه الثوار، نزلوا اضطراريًّا فأمسك الكونغويون بثلاثة منهم، وأججوا لهم نارًا وشووهم قريبًا من المطار، وأكلوهم كما يؤكل لحم الغنم، لذلك امتنعنا عن السفر إلى الكونغو”. [1]
وقال عنها في مقطع آخر: “الوقت ليل، ولا نستطيع أن نتعرف إلى معالم المطار. وعند خروجنا اجتمع حولنا ثلاثة من الأوربيين وقالوا لنا: لا تسكنوا إلا في فندق كبير مشهور، ولا تركبوا سيارة أجرة إلا مجتمعين، ولا تحملوا نقودًا كبيرة معكم، ولا تضعوا نقودكم إلا في البنوك، ولا تسافروا خارج المدينة إلا ومعكم من تعرفونه من الأفريقيين، ولا تركبوا حافلة وأنتم تحملون نقودًا، وإذا رأيتم اجتماعًا للأفريقيين فتجنبوا الدخول فيه”. [2] في إشارة إلى حالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد.
الجماعات المتمردة
بحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان، توجد أكثر من 120 جماعة مسلحة شرقي الكونغو. أغلب هذه المجموعات شرقي البلاد، منها؛ حركة “مبورورو” المتمردة، و”الجبهة الوطنية المقاومة” في إيتوري، و”تحالف الوطنيين من أجل كونغو حرة” و”القوات الديمقراطية المتحالفة المسلحة” و”جيش الرب للمقاومة” اللذان كانا ينشطان في أوغندا منذ سنوات. ولكل جماعة أهدافها وقيادتها الخاصة.
ومنذ أكثر من عقدين، تمول هذه الجماعات نفسها من خلال تجارة المعادن والثروات المعدنية من شرق الكونغو؛ حيث تزخر هذه البلاد بمعادن الذهب والنحاس والكوبالت، وغيرها.
تحالف القوى الديمقراطية
هو من أبرز الجماعات المتمردة في كونغو، تأسس التحالف في شمال أوغندا عام 1416هـ (1995م) على يد مجموعة من ضباط الجيش السابقين الموالين للزعيم السابق عيدي أمين هو رئيس أوغندا الثالث في الفترة بين عامي 1391 و1399هـ (1971 و1979م). وحمل التحالف السلاح ضد الرئيس الأوغندي الدكتاتور يوري موسيفيني الذي بقي طويلًا في السلطة ولايزال، ومما يدفع التحالف لحمل السلاح استنكار سياسات الحكومة واضطهادها للمسلمين.
وبعد تعثر التحالف بسبب المواجهة مع الجيش الأوغندي، انتقل في عام 1422هـ (2001م) إلى مقاطعة شمال كيفو في الكونغو. وبعد فترة من النشاط المحدود، عاد تحالف القوى الديمقراطية للظهور في 1435هـ (2014م) بمجموعة من الهجمات التي تستهدف داخل الكونغو. وأصبح موسي سيكا بالوكو قائدًا للتحالف عام 1436هـ (2015م) بعد القبض على سلفه جميل موكولو في تنزانيا والذي تم تسليمه إلى أوغندا في نفس العام.
من جانبها اتهمت الحكومة الأوغندية تحالف القوى الديمقراطية بأنه على صلة بحركة الشباب المجاهدين التي تنشط في شرق أفريقيا، بينما قال وزير الشؤون الداخلية الأوغندي للبرلمان إن التحالف لديه علاقات مع تنظيم القاعدة. وأنه ساعد التحالف في إقامة معسكرات تدريب لقواته.
أيضًا اتهمت الحكومة الأوغندية السودان بدعم التحالف، ولم تثبت هذه الاتهامات بشكل أو بآخر إلا أن هذا التحالف الغامض على الرغم من الأسماء غير الإسلامية التي يحتضنها في تركيبته، وكذلك خلفيته المشوشة، كان على ما يبدو متأثرًا بالدعوات الجهادية العالمية التي تتبناها التنظيمات الجهادية، وهذا ما يفسر إعلان بالوكو في عام 1437هـ (2016م)، الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية. مع أن التنظيم لم يعترف بنشاط التحالف في المنطقة حتى عام 1441هـ (2019م) بعد تبني هجوم على مواقع للجيش قرب حدود أوغندا.
ويضمّ التحالف أغلب المعارضين للرئيس الأوغندي من بينهم “الحركة الديمقراطية المتحدة”، و”الجيش الوطني لتحرير أوغندا”، و”جيش تحرير أوغندا المسلم”، ويتمركز في سلسلة جبال “روينزوري” وسط أفريقيا على الحدود بين أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية التي لاتزال تعيش صراعًا عرقيًا ودينيًا وسياسيًا مستمرًا بين الجماعات المتمردة والحكومة.
جمهورية الكونغو
تعرف أيضًا باسم الكونغو برازافيل نسبة إلى عاصمتها لتمييزها عن جمهورية الكونغو الديمقراطية. تقع في وسط أفريقيا، تحدّها كل من الغابون، الكاميرون، جمهورية أفريقيا الوسطى، جمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا. اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية للكونغو، إضافة للغتين محليتين، اللينغالا والكيتواب.
في عام 1303هـ (1886م) بعد عام من مؤتمر برلين، أصبحت الكونغو مستعمرة فرنسية. ثم تحول اسمها إلى الكونغو الوسطى التي تم دمجها في عام 1328هـ (1910م) في أفريقيا الاستوائية الفرنسية. وانضمت بعد ذلك مع فرنسا الحرة وشارل ديغول الذي قبل استقلال الكونغو الوسطى في عام 1380هـ (1960م) وأصبحت جمهورية الكونغو ورئيسها “ فولبار يولو”. لكنه استقال في انتفاضة الشعب فيما يُسمى “الثلاثة المجيدة” وخلفه “ألفونس ماسامبا ديبا” رئيسًا للجمهورية.
وشهدت البلاد في 1389هـ (1969م) انقلابًا على السلطة قاده “ماريان نغوابي” ذي الاتجاه الماركسي لكنه انتهى بمقتله في عام 1397هـ (1977م). وشهدت البلاد بعد ذلك اضطرابات سياسية وتوترات.
ثم كانت الحرب الأهلية التي استمرت سنة واحدة منذ 1414هـ (1993م) لتشتعل من جديد في عام 1418هـ (1997م) بين الجيش وميليشيات الجنرال “ساسو – نغيسو” حيث استلم الأخير الحكم في نهاية المطاف بعد انقلاب عسكري.
واندلع القتال من جديد في عام 1420هـ (1999م) بين الجيش والميليشيات وفي عام 1442هـ (2021م)، وأعيد انتخاب رئيس جمهورية الكونغو ساسو نغيسو لولاية جديدة وسط مقاطعة من أحزاب المعارضة الرئيسية للانتخابات حيث تعارض هذه الأحزاب ساسو نغيسو الاستبدادي القابع في السلطة منذ 36 عامًا، مع استمرار الفساد والفقر والظلم على الرغم من امتلاك البلاد للثروة النفطية.
تاريخ الإسلام في الكونغو
وصل الإسلام إلى الكونغو في منتصف القرن (13 الهجري) (19 الميلادي). ويبلغ عدد سكانها نحو 5.4 ملايين نسمة بحسب إحصاء 1441هـ (2019م)، مع أقلية مسلمة بنسبة 2%. وذكرت الدكتورة فاطو ماتا أمادوا في حوار أجري معها أن نسبة المسلمين قد تراجعت، فبعد أن كانوا يشكلون 25% من عدد سكان البلاد، صاروا لا يزيدون على 3% من السكان، وذهبت تقارير إلى نسبة 4%. [3]
يعيش في الكونغو مهاجرون مسلمون من شمال وغرب أفريقيا، من مالي وبنين وتوغو وموريتانيا والسنغال. كما يتواجد لبنانيون ونشاديون. واعتنق عدد من الكونغوليين الأصليين الإسلام على مر السنين. وأسسوا جمعيات إسلامية خاصة بهم وتم تشييد مسجد في عام 1426هـ (2005م) في العاصمة برازافيل.
ولا يحظى المسلمون بنفوذ ولا حتى اعتراف بشأن أعيادهم الإسلامية، إلا ما يحصل من تصرفات فردية من أرباب العمل بمنحهم عطلًا لأجل ذلك.
وأثار حظر ارتداء النقاب الذي فرضته السلطات في الكونغو برازافيل استياءً كبيرًا بين المسلمين في البلاد، وهو قرار لم يجد له المسلمون تفسيرًا نظرًا لكون البلاد لم تشتك من حوادث على علاقة بالنقاب كما أن القرار يناقض دستور البلاد. [4]
الخاتمة
لا يكاد يختلف واقع الأقلية المسلمة المضطهدة في وسط أفريقيا من دولة لأخرى وإن كان حالها في جمهورية أفريقيا الوسطى هو الأشد، إذ يشترك المسلمون في هذه المناطق في ضعف القوة وضعف الدعوة وتفرق الصفوف والفقر والخوف، ورغم تباين درجات الأذى الذي يتعرضون له، إلا أنهم يشتركون في المصير الواحد، هذا دون الحديث عن حقيقة التعتيم الإعلامي أو الإهمال الإعلامي حيث نادرًا ما تصلنا أخبار المسلمين في الكونغو بشقيها الديمقراطي والجمهورية، مما يستوجب العناية بهذا الجانب ومد الجسور مع مراكزهم وتقديم المدد اللازم معنويًا وماديًا، ولعل هذا الدعم يؤثر في واقعهم فيخشاهم الأعداء وتحترمهم السلطات، ففي بلاد نصرانية تعاني الضعف والاضطراب لاشك أن حال المسلمين هو الأسوأ وتفقد حالهم أولوية.
حتى يدرك العالم أن هذه الأمة واحدة لا تتجزأ.