مؤسسات وروابط العلماء تعلن انطلاق أعمال وفعاليات أسبوع القدس العالمي
أطلقت اللجنة العليا لأسبوع القدس العالمي فعاليات الأسبوع، ابتداءً من أمس الخميس الثالث والعشرين من رجب 1443هـ الموافق للرابع والعشرين من شباط/فبراير الجاري؛ في التجمّع الافتتاحي الذي تشارك فيه مئات المؤسسات العلمائية والهيئات والروابط ومؤسسات المجتمع المدني حول العالم.
وتأتي فعاليات أسبوع القدس العالمي للعام الثاني على التوالي؛ بوصفها مبادرة عالمية مفتوحة لنصرة مدينة القدس وأهلها ومسجدها المبارك، بالتزامن مع ذكرى الإسراء والمعراج وذكرى الفتح الصلاحي لبيت المقدس، والتي تتوافق جميعها في الأسبوع الأخير من شهر رجب من كل عام.
وقال رئيس هيئة علماء فلسطين ورئيس اللجنة العليا لأسبوع القدس الشيخ د. نواف تكروري: “إن العام الثاني من فعاليات الأسبوع يشهد مشاركة ما يزيد عن 320 مؤسسة من 45 دولة حول العالم، مضيفًا بأن جماعات وأحزاب ووزارات أوقاف عديدة تتفاعل مع الأسبوع وفعالياته”، مشيرًا إلى أن “هذه المناسبة هي محطة تزود للعمل لأجل القدس وفلسطين على مدار العام كله وليس في نطاق أيّام معدودة”.
وشدد على أن “من مقاصد أسبوع القدس العالمي ضبط الأولويات على مستوى الأفراد والمؤسسات، وإدخال القدس وفلسطين في بيت كل مسلم”، داعيًا إلى “أن يبقى الأسبوع مشروع عمل يسهم الجميع فيه ويبذل وسعه لحمل لواء القدس والمسجد الأقصى بوصفه مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وميراث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وراية صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وأنه لا ينبغي لأحد التقاعس عن نصرته”.
ودعا الشيخ تكروري إلى “استثمار أسبوع القدس العالمي للتجهيز لمعركة التحرير، وتثبيت المرابطين في بيت المقدس، وإلى أن يأخذ كل إنسان مسلم ومنصف دوره في حمل الأمانة وأدائها على الوجه الصحيح”، مضيفًا أن “الأسبوع هو رسالة من العلماء المسلمين لحث الأمة والناس جميعًا على أخذ الدور وحمل الأمانة في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، فضلًا عن أنه فرصة عمل لتجديد العهد مع الله تعالى في تطهير مقدسات المسلمين من الاحتلال”.
من جهته؛ حيّا رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أ. خالد مشعل، علماءَ المسلمين ومؤسساتهم على انطلاقة أسبوع القدس العالمي، مبينًا أن هذه الانطلاقة هي مما هو مأمول من العلماء الذين لهم الدور الأكبر في الأمّة، وداعيًا إلى المشاركة الواسعة في فعاليات الأسبوع وبذل الجهود في سبيل إنجاحها.
وأكّد مشعل أن “القدس والمسجد الأقصى المبارك في خطر حقيقي يتعاظم بمشاريع التهويد والتقسيم الزماني والمكاني وتسارع الاقتحامات، إذ أن العدو الصهيوني بادر إلى تسريع تشريعاته لحث جمهوره الصهيوني وجماعاته المتطرفة على القيام بالمزيد من العدوان على الفلسطينيين وأحياء المدينة المقدسة، مستغلاً ضعف الأمة واختلال موازين القوى، والتواطؤ الدولي معه، علاوة على استغلاله حالة الغفلة والانشغال بالأزمات الكبيرة التي تشهدها المنطقة وتزاحم القضايا فيها”.
وأضاف أن “الأمة أمام مسؤولية كبيرة في الانتصار للقدس والأقصى والمرابطين”؛ مشددًا على “وجوب أن يكون أسبوع القدس رمزًا وعنوانًا محفزًا للانطلاق نحو استراتيجية ثابتة وبرنامج دائم؛ لأن القوة هي التي تصنع الحاضر والمستقبل وتقرر المصائر”.
وختم مشعل حديثه بالقول “إن في فلسطين مقاومة عظيمة وحالة نضالية كبيرة وهي تقوم بمسؤولياتها وواجباتها، ولكن المطلوب أن يتسق معها إعداد الأمة جيش التحرير؛ بتحفيز الطاقات وقيادة العلماء، لتزيل مقاومة وصمود فلسطين مع الجيش المنشود العدو المحتل وتطهّر الأقصى المبارك وبقيّة الأراضي والمقدسات”.
فيما أشار الرئيس التونسي الأسبق، د. المنصف المرزوقي، في كلمته إلى أن “العرب والمسلمين يحملون ثلاثيًا مقدسًا في قلوبهم، وهو ثلاثي فلسطين والقدس والأقصى”.
وقال إن “هذا الثلاثي المقدس يتعرض لعمليتي تضييع وتطبيع، أما التضييع فهو إنساء هذه القضية، ومراكمة القضايا والحروب فوقها، وبذلك يتم تناسيها وتضييعها في خضم كل المآسي التي تتعرض لها الأمة”.
وتابع: “أما الخطر الأكبر فيأتي من داخل هذه الأمة، وهو خطر التطبيع، الثلاثي المقدس في قلوب وعقول العرب والمسلمين لم يعد مقدسًا عند البعض، فاليوم وبكل وقاحة يجتمع العرب والمسلمون مع ممثلي العدو الإسرائيلي ناسين أن هذا العدو يحتل شعبًا ويحتل أرضًا”.
وأكد المرزوقي أنه “من الضروري أن تُعقد مثل هذه الفعاليات -على رمزيتها-، لتذكر دائمًا بأن القضية لا زالت مقدسة وأن هذا الثلاثي لا زال في العقول والقلوب، وأننا لن نتخلى أبدًا عنه، من الضروري أن تُبعث هذه الرسالة إلى كل من يجب أن يتلقاها، وخاصة إلى أهلنا القابضين على الجمر في فلسطين”.
وفي كلمته في ملتقى الافتتاح؛ أكّد رئيس الشؤون الدينة التركية الأسبق ورئيس مركز التفكّر، د. محمد كورماز، أن “أسبوع القدس ذكرى حيّة تعيشها الأمة الإسلامية بكل تفاصيلها، وأن قضية فلسطين ليست مجرد سرقة أرض أو مجرد رفض لهيمنة عسكرية احتلالية، بل هي معركة وحرب على هوية شعب ووجود أمّة بكاملها”.
ووجّه رسالة إلى “الإنسانية كلّها”، داعيًا إلى “الكف عن دعم الكيان العنصري المحتل، وإلى إثبات حق الشعب الفلسطيني وكافة المسلمين في تحرير أرضهم ومقدساتهم”، وخاطب الأمة الإسلامية “بضرورة القيام بالكثير من الواجبات في سبيل تحقيق الوحدة بين المسلمين، التي هي المنطلق نحو تحرير وصيانة المقدسات”.
وناشد كورماز شباب المسلمين “أن يجعلوا وعيهم مقدسيًا، وأن يكون وعيًا يقوم على الحرية واستقلال الأمة بكيانها”، مؤكدًا أن “المرابطين في أكناف بيت المقدس هم أصحاب حق ثابت لا يغيره خذلان العالم، لأن النبي عليه الصلاة والسلام وصفهم بذلك”.
وعن رؤية الشعب التركي للقضية الفلسطينية؛ أكد أن “الاتراك مع فلسطين ومسجدها المبارك بقلوبهم وأجسادهم، وأن سياسات الحكومات التي تتغير بين حين وآخر؛ لا تغيّر الشعوب، لذلك فإن الشعب التركي يؤمن بأن قضية القدس والمسجد الأقصى هي البوصلة التي تدله وترشده إلى الحق”.
بدوره؛ قال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ الدكتور علي القره داغي، إن إن “الاتحاد يشرفه أن يكون خادمًا للقضية الفلسطينية، ومضحيًا بكل شيء في سبيل المسجد الأقصى المبارك، وأن العلماء الربانيين يسعون إلى شرف التحرير، لا إلى ذل التطبيع”، مبينًا أن “القرآن الكريم حث على أن تكون نفوس المسلمين مهيأة دائمًا للعمل نحو تحقيق النصر، وأن الأخير من شروط تحقيق العبودية لله تعالى، وهذه العبودية تقتضي ألا تكون قضية الأمّة فلسطينية فقط أو عربية فقط، بل إنسانية عالمية”.
وفي نفس السياق؛ أكّد الأمين العام لرابطة العلماء المسلمين، الشيخ د. محمد عبد الكريم، أن “المسجد الأقصى المبارك هو مؤشر تصالح الأمة مع دين الله تعالى، وقد ربط الله بينه وبين المسجد الحرام في دليل على هذا المعنى”، مشيرًا إلى أن “التاريخ يُثبت للأمة أن بيت المقدس لم يُفتح ويُحرر إلا بعد أن صارت الأمة متصالحة مع الدين”.
وأضاف أن “الطريق إلى القدس يبدأ بالتصالح مع دين الله تعالى، وأنه لا انتصار مع الإصرار على محادة الله ورسوله، لأن النصر لا يكون إلا بإحياء الجهاد وتجديد العهد مع المرابطين ومدّهم بجميع أنواع الدعم”، لافتًا النظر إلى أن “أسبوع القدس العالمي فرصة لإيصال الصوت إلى جميع المسلمين وتذكيرهم وإرشادهم إلى الوجهة الصحيحة، بغية رد المسجد الأقصى إلى أهله، وشدّ الرحال إليه”.
من جهة أخرى، أكّد رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا، الشيخ د. محمد الحسن ولد الددو، أنه “لا يمكن أن تنسى الأمة المسجد الأقصى وما حوله؛ لأن المرابطين فيه شرّفهم الله ليكونوا رأس الحربة في هذا الزمان وفي مقدمة المدافعين عن مقدسات الأمّة”، وقال إن “أسبوع القدس العالمي واجب لبيان مسؤولية كل مسلم تجاه المقدسات وفي مقدمتها المسجد الأقصى الأسير، وإنه لا بد أن تبذل الأمة وسعها لتحريره؛ لأنها خير أمة أخرجت للناس فلا يليق أن تكون مقدساتها أسيرة، أو أن تكون ذليلة وتداس كرامتها”.
وفي ختام ملتقى الافتتاح؛ حث أمين المنبر وشيخ الأقصى، د. عكرمة صبري، على “نشر الرواية الإسلامية بشأن المسجد الأقصى ومدينة القدس”، مستحضرًا الرموز التاريخية الذين كانت لهم بصمات واضحة في هذا السياق، مثل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصلاح الدين الأيوبي والسلطان عبد الحميد الثاني رحمهما الله، وغيرهم من القادة المؤثرين.
وأشار إلى أن “الأجيال الصاعدة بحاجة إلى توعية مستفيضة بشأن قضية القدس والأقصى، وأن أسبوع القدس العالمي فرصة ثمينة لنشر هذا الوعي وفق الرواية الإسلامية”، وشدد على أن الرواية الإسلامية “وسيلة مهمة لإعداد جيل واعٍ ومؤمن بقضاياه”، مشيدًا بجهود العلماء في إقامة أسبوع القدس الذي يهدف إلى تعريف العالم بأن “أهل فلسطين وعموم المسلمين المؤمنين بقضية المسجد الأقصى هم أصحاب حق وأن العمل على استعادته واجب على الجميع”.
المصدر: هيئة علماء فلسطين في الخارج