مؤتمر صحفي لعلماء فلسطين بعنوان (التطبيع طعنة في قلب الأمة)
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
يقول الله تبارك و تعالى: { وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } صدق الله العظيم.
فقد نُـــكِـــب شعبنا العربي الفلسطيني بنكبة 1948م ، ووقفت شعوبنا العربية والإسلامية مع شعبنا، واحتضنته وشاركته آلامه وهجرته ، ودخلت الجيوش العربية حروباً كثيرة من أجل استرداد حقنا الشرعي ، وإعادة شعبنا إلى أرضه ووطنه ، ودفعت الكثير من الشهداء والدماء والجرحى والأسرى لأجل ذلك ، وقام العدو الصهيوني سنة 1956م وسنة 1967م بتوسيع اعتداءاته واحتلال المزيد من أرض البلاد العربية المجاورة من مصر وسوريا ولبنان والأردن ، وفيها استولى واحتل بقية أرض فلسطين، ثم أعلن أن القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني ، إلا أن جهاد شعبنا الفلسطيني لم يتوقف يوماً ، فدخل في انتفاضته الأولى والثانية ، واستطاع أن يحرر قطاع غزة دون الاعتراف بالكيان الصهيوني ، والتف الشعب الفلسطيني حول المقاومة التي رفعت رأسه، وطردت عدوه ، وحررت أسراه.
إلا أن شعبنا الفلسطيني وهو ما زال يخوض غمار الجهاد للحرية والاستقلال وتحرير المقدسات الإسلامية والمسيحية من نير الاحتلال الصهيوني، فُــجِـــع بمحاولة الصهاينة اختراق جدار المقاطعة من البلاد العربية وحكوماتها، فإذا ببعض الحكومات العربية تطعن صمود شعبنا في القلب وليس في الظهر ، لأنها لم تكتف بالتطبيع مع الصهاينة سراً ، بل فتحت أبواب عواصمها لرؤساء حكومات الصهاينة ، واجتمعت جهاراً نهاراً ، بل تدعي أن فعلت ذلك من أجل المساعدة في حل القضية الفلسطينية.
إننا علماء فلسطين نقول وبالله والتوفيق: إن التطبيع مع الصهاينة طعنة في قلب الأمة العربية والإسلامية، خاصة شعبنا الفلسطيني الذي يدافع عن حياض أمتنا العربية والإسلامية ، ومقدساتها في أرض النبوات ، وقد أفتى علماء الأمة العربية والإسلامية منذ سنة 1935م بحرمة التعامل مع الصهاينة ، ويعتبر ذلك خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين ، فكيف بمن يعترف بالكيان الصهيون على أرض فلسطين ؟ ويعترف أن أرض فلسطين لليهود الغاصبين ؟! وإن الزيارات واللقاءات التي تجرى لقادة وسياسيين في بعض البلاد العربية والإسلامية مع بعض الصهاينة سيكون لها من التداعيات الخطيرة على شعبنا وحقوقه وقضيته المقدسة.
فتحية لأهلنا في القدس الصابرين الصامدين ، الذين نبذوا من باع جزءا قليلاً من أرض فلسطين ليهود ، فلم يغسلوه ولم يكفنوه ولم يصلوا عليه ، لا في الأقصى ولا في أي مسجد آخر، فكيف بمن يتنازل عن كل فلسطين بما فيها القدس والأقصى المبارك ؟!!
لذا فإننا نناشد ونهيب بأمتنا العربية والإسلامية ، وخاصة العلماء والدعاة والمثقفين أن يقفوا في الخندق المتقدم للدفاع عن حياض الأمة الإسلامية والعربية ، وأن يُــبَيِّـنوا حُـرمة التطبيع والتنازل عن أي شبر من أرضنا المقدسة فلسطين، فلا للتطبيع مع الصهاينة، ولا لفتح عواصمنا العربية والإسلامية أمامهم، ومن فعل ذلك فهو مُجَّرم وفعله مُحرّمٌ، وقد يصل إلى الخروج من ملة الإسلام.
فعلى الحكومات العربية والإسلامية الوقوف مع قضيتها المركزية؛ قضية فلسطين والقدس، لا مع الصهاينة والتطبيع معهم، لأن ذلك خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، ولأن الله سبحانه وتعالى يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } .
كما لا ننسى في هذا الموقف أن نشكر الحكومات والشعوب العربية والإسلامية التي مدت يد العون لشعبنا وشهدائه وجرحاه وأسراه، مثل: قطر والكويت والإمارات ومصر وتركيا والجزائر ونثمن دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية على تبنيها لشهداء وجرحى مسيرات العودة وكسر الحصار، مجددين دعوتنا لقادة الأمة العربية والإسلامية وحكوماتها أن تحذو حذو إيران في دعم شعبنا بمختلف الإمكانيات، ونهيب بهم أن يتجاوزوا كل الخلافات والتي يجب أن تتراجع أمام عدونا المركزي وهو العدو الصهيوني.
واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: ” مَنْ جهَّزَ غَازِيًا في سبيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، ومنْ خَلَفَ غَازيًا في أَهْلِهِ بخَيْر فَقَدْ غزَا ” تحية لمقاومتنا في فلسطين كلها، في القدس والضفة الغربية والقطاع الحبيب المقاوم، وكل التحية للشهداء، كل الشهداء من أمتنا العربية والإسلامية، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى البواسل.
والله أكبر ولله الحمد ، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
رابطة علماء فلسطين – غزة
الأربعاء 20 ربيع أول 1440 هـ الموافق 28 نوفمبر 2018 مـ
(المصدر: رابطة علماء فلسطين)