مؤتمر حوار الأديان يدعو للتصدي لخطاب الكراهية والانتقال من مرحلة الحوار إلى الشراكة
أوصى مؤتمر الدوحة الرابع عشر لحوار الأديان بالعمل على مواجهة الفكر المتطرف وخطاب الكراهية، وإيجاد استراتيجية إعلامية للحد منه.
وحضر الجلسة الختامية فضيلة الشيخ الدكتور علي القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذذي التقى عقب ختام فعاليات الملتقى بعدد من الشخصيات المشاركة في المؤتمر.
ودعا المؤتمر، في بيانه الختامي الأربعاء، الذي تضمن جملة من التوصيات، إلى المحبة والسلام وتوحيد الجهود لمساندة الشعوب المقهورة التي تعاني من خطاب الكراهية، وتطوير المناهج التعليمية لغرس القيم النبيلة لدى النشء، مع ضرورة الانتقال من مرحلة الحوار إلى مرحلة الشراكة.
وأكد البيان، الذي تلاه سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، أن الأديان السماوية تدعو في أصولها وتشريعاتها الأصيلة إلى المحبة والسلام، وترفض كافة صور خطاب الكراهية والتطرف والعنصرية والتمييز على أساس الدين أو الجنس أو العرق، مشيرا إلى أن مواجهة الفكر المتطرف وخطاب الكراهية، هدف إنساني، وأنه لابد من تضافر كافة الجهود للتصدي لهذا الخطاب المتطرف والآثار الناتجة عنه على مستوى الأفراد والمؤسسات والقيادات الدينية والفكرية والسياسية، بإيجاد روح إنسانية ودينية مسالمة ومحبة لبناء عالم مسالم متحضر.
ودان المؤتمرون كافة أشكال وصور خطاب الكراهية، داعين إلى التبرؤ من ممارسات الجماعات المتطرفة التي تنسب نفسها للدين في غيبة عن جوهره وما يدعو إليه.
وشددوا على ضرورة اتخاذ كافة الوسائل التشريعية لإيجاد استراتيجية إعلامية مهنية وأخلاقية، للحد من اتخاذ المنابر الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي كمنصات لنشر خطاب الكراهية، وفرض الرقابة القانونية عليها، والدعوة كذلك إلى تبني مقترح يرفع للمنظمات الدولية، يقضي بضرورة تطوير المناهج التعليمية، خاصة للنشء، لغرس القيم الدينية الصحيحة التي تدعو لاحترام الآخر والتعايش معه، وحذف كل ما يحض على الكراهية.
ودعا البيان القيادات الدينية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها في ذلك التطوير، بما نصت عليه الشرائع والتعاليم الدينية من دعوة للمحبة والحوار ونبذ الكراهية والتطرف.
وحذر المشاركون في المؤتمر، في البيان الختامي، من وجود بعض صور الخطاب المزدوج بين المعنيين بحوار الأديان، مطالبين بضرورة ألا يكون هناك خطاب يخاطب به المرء نفسه وأتباع دينه، وخطاب آخر يخاطب به الآخرين. ونبهوا في هذا السياق، إلى أنه إن لم يستقم الخطاب ويكون صادقا وحقيقيا، فسيكون هو أخطر مولدات الكراهية.
وأكد البيان أن ظاهرة “الإسلاموفوبيا” والتحامل على الإسلام، ليس منهج الكثرة في الغرب، وإنما هو منهج القلة التي تتجاهل المعرفة الحقيقية لجوهر الإسلام، وتتجاهل كذلك الصلات الحضارية المتسامحة بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى.
وشدد على ضرورة الانتقال من مرحلة الحوار إلى مرحلة الشراكة الحقيقية والفاعلة بين المؤسسات الدينية والحوارية ومؤسسات المجتمع المدني، ليكون لهم صوت موحد ضد كل أشكال ممارسات خطاب الكراهية من أي طرف كانت هذه الممارسات.
ودعا البيان إلى إرسال رسالة موحدة للفاعلين الأساسيين في المجتمع الدولي بضرورة توحيد كافة الجهود لمساندة الشعوب المقهورة التي تعاني من خطاب الكراهية والإبادة الجماعية، والسعي بكل السبل الممكنة للمساعدة عند حدوث اضطهاد أو كراهية من طرف دون طرف أيا كان دينه أو جنسه.
وشكر رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، في كلمة له قبل إعلان التوصيات، جميع المشاركين على حضورهم وتفاعلهم الكبير مع القضايا التي جرى مناقشتها خلال يومي انعقاد المؤتمر، لافتا إلى أن ذلك يؤكد أن لديهم قضية يرغبون في مناقشتها وطرحها، وبالتالي يملكون القدرة على معالجتها ليس من أجل أوطانهم ومجتمعاتهم بل لأجل العالم كله.
ودعا الدكتور النعيمي المشاركين الى التكاتف والتعاضد في مواجهة الهجمة التي تتعرض لها الأديان، والى نبذ خطاب الكراهية الذي يؤجج الكثير من الأحداث ويتسبب في تكرارها، ويروح ضحيتها العديد من الأبرياء وبينهم أطفال، معربا عن أمله في أن تمثل نتائج ما جرى في المؤتمر إضافة حقيقية لجهود مكافحة هذا الخطاب والتصدي له على مستوى العالم.
من جانب آخر، وقع مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، على هامش مؤتمر الدوحة الرابع عشر لحوار الأديان، خمس اتفاقيات مع مراكز ومؤسسات حوارية وبحثية مختلفة، بهدف تعزيز التعاون وإقامة شراكات مع هذه المؤسسات في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
ضمت قائمة المراكز والمؤسسات التي جرى التوقيع على اتفاقيات معها، مركز وارسو في بولندا، ومركز حمد بن خليفة الحضاري في كوبنهاغن بالدنمارك، ومركز نزار باييف لتطوير الحوار بين الحضارات في كازاخستان، والأمانة الدائمة لمكافحة التطرف والإرهاب التابعة للأمانة العامة لوزارة الشؤون الدينية والعقيدة بجمهورية مالي، وجامعة بريغام يانغ بالولايات المتحدة الأمريكية.
كما شهدت الجلسة الختامية للمؤتمر تكريم مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان من عدد من المراكز والمؤسسات الدولية المعنية بالحوار حول العالم، تقديرا للجهود التي يبذلها على صعيد الحوار بين الأديان.
وجرى على هامش المؤتمر كذلك، افتتاح المقر الجديد لمركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في الحي الثقافي كتارا، وذلك بحضور عدد من المشاركين في المؤتمر.
وقال سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، إن اختيار المقر الجديد في الحي الثقافي كتارا يضفي بعدا جديدا لدور المركز واختصاصه، لا سيما وأن هذا الحي أصبح حاضنا للكثير من الأنشطة الثقافية المتنوعة. وأضاف” من المهم التأكيد على دور المركز أيضا في التعريف بالحوار بين الأديان وأهمية اللقاءات الثقافية بين أتباعها“.
وأشار إلى أن المركز الجديد يضم مكتبة تشتمل على مئات العناوين سواء من إصدارات المركز أو تلك الإصدارات الأخرى التي تعنى بالحوار الديني والثقافي والحضاري، وغيرها من المطبوعات ذات الصلة، إلى جانب مرافق أخرى في هذا المقر مثل قاعة المؤتمرات والندوات وغيرها من المرافق التي تسهم في تعزيز دور المركز على الصعيدين المحلي والعالمي.
كانت أعمال مؤتمر الدوحة الرابع عشر لحوار الأديان تواصلت على مدى يومين، تم خلالهما مناقشة موضوع “الأديان وخطاب الكراهية بين الممارسة والنصوص”، في محاولة لاستعراض أسباب هذه الظاهرة التي تنامت في السنوات الأخيرة بشكل خطير، وبحث سبل مواجهتها قانونيا ودينيا وأخلاقيا.
وركز المؤتمر على ثلاثة محاور أساسية، تناول الأول خطاب الكراهية من حيث مفهومه وأسبابه ودوافعه، وتطرق المحور الثاني إلى أنماط وأشكال خطاب الكراهية، بينما ركز المحور الثالث على مناقشة وسائل مواجهة هذا الخطاب.