إعداد الإمام محمد محمود
انعقد يوم الثلثاء 09 يناير 2017 مؤتمر الدوحة الرابع للمال الإسلامي وسط حضورلفيف من خبراء المالية والاقتصاد والفقهاء والمهتمين بمجال المالية الإسلامية، المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان “المستجدات المالية المعاصرة والبناء المعرفي” نظم من طرف بيت المشورة للاستشارات المالية، وهو مؤسسة استشارية متخصصة في هذا المجال، وذلك بالشراكة مع مركز قطر للمال، شهد المؤتمر نقاشات هامة وقدمت خلاله مجموعة من الأوراق البحثية حول التحديات التي تواجه المالية الإسلامية سواء كانت هذه التحديات فقهية قانونية أو متعلقة بالتكنلوجيا المالية والعملات الرقمية، يهدف المؤتمر الذي دأبت الدوحة على تنظيمه خلال السنوات الثلاث الماضية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف في طليعتها:
ـ نشرالوعي بأهمية صناعة المالية الإسلامية وتأثيرها على التنمية الاقتصادية.
ـ كيفية استفادة التمويل الإسلامي من التطورالرقمي الذي يشهده العالم.
ـ معرفة الأدوات الاستثمارية المعاصرة التى تسهم في تنمية الوقف بما يتماشى مع رؤية قطر الاقتصادية.
ـ إيجاد مقاربة شرعية وقانونية تسهم في صياغة عقود التمويل الإسلامي.
ـ العمل على تطوير آليات التحكيم في قضايا المالية الإسلامية.
تقرير تومسون رويترز عن المالية الإسلامية في قطر 2017
كانت أولى جلسات المؤتمر عبارة عن حلقة نقاشية حول تقرير مؤسسة توماس رويترز السنوي عن المالية الإسلامية في قطر، وقد تطرق النقاش لأهمية التقرير من حيث كفاءة البيانات المنشورة فيه ومدى فاعليتها في رسم الصورة الحقيقية للمالية الإسلامية يضيف التقرير بأن المالية الإسلامية هي جزء فعال وأساسي في المنظومة المالية في قطر، حيث يسهم هذا القطاع بشكل كبير في تحقيق الأهداف الاقتصادية المعلنة من قبل السلطات المختصة، كما أكد التقرير أن البنوك الإسلامية في قطر تشكل جزء كبيرا من السوق المالية الإسلامية على مستوى العالم.
عن أهم محرك لنجاح التجربة القطرية في المالية الإسلامية أكد الدكتور سيد ناظم علي مدير مركز الاقتصاد والتمويل الإسلامي بجامعة حمد بن خليفة أن تثقيف المستهلك بخصوص منتجات المالية الإسلامية إضافة إلى تكوين رأس المال البشري الذي يمتلك المهارات اللازمة التي تحتاجها سوق المالية الإسلامية من ضمن العوامل التي ساهمت في تحقيق هذا النجاح.
في ختام النقاش حول تقرير تومسون رويترز 2017 قدم الخبراء مجموعة اقتراحات بخصوص تطوير المالية الإسلامية هي:
ـ ضرورة العمل على دعم الابتكارات في المالية الإسلامية.
ـ العمل على تبسيط أدوات المالية الإسلامية وتصميمها بحيث يسهل على الزبناء فهمها.
ـ العمل على تثقيف وتوعية الزبناء من خلال برامج تعليمية تستخدم فيها التكنلوجيا.
ـ تطوير وتحسين آليات الحوكمة.
البنوك الإسلامية وتحديات التكنلوجيا الرقمية
كان موضوع العملات الرقمية حاضرا بقوة خلال المؤتمر سواء من خلال نقاشات الجانب الشرعي أو الجانب التقني، وقدمت عدة ورقات بحثية حول الموضوع كانت أولاها مع د.عبد الستار أبو غدة رئيس الهيئة الشرعية لمجموعة البركة المصرفية، حيث تحدث أبو غدة عن تعريف العملات الرقمية وخصائصها وطرق تشغيلها وهل هي عملة أم سلعة؟ أبو غدة أكد أن التراث الفقهي الإسلامي قادر على إيجاد الحلول للكثير من القضايا المعاصرة والتى من ضمنها مسألة العملة الرقمية.
ورغم أن العملة الرقمية ما تزال غامضة سواء ما تعلق بالجهات المسؤولة عن إصدارها أو حقيقة آلية العرض والطلب فيها فإن الفقهاء ما يزالون بحاجة ماسة لمعرفة المزيد عن حقيقة هذه العملة حتى يتسنى لهم البحث في التأصيل لتحريمها أو إجازتها.
واعتبر الدكتور أبو غدة أن الإشكالية الفقهية في قضية العملات الرقمية لا ترد فيها نصوص واضحة التحريم لأنها إحدى القضايا المستجدة على الساحة لذلك من الأفضل استخدام المنع بدل التحريم.
أما في ما يتعلق بالجانب التقني المتعلق بالتكنلوجيا الرقمية وأهميتها، فقد قدم البروفسورالألماني فولكر نيهوس من معهد اينسيف في ماليزيا ورقة بعنوان: Digital Finance Tools in Practice تحدث فيها عن أهمية تكنلوجيا المعلوماتية في القطاع المالي واعتبر أن التكنلوجيا استخدمت في القطاع البنكي منذ حوالي نصف قرن، وتطورت الأدوات التكنلوجية تطورا مذهلا خلال العشرية الأخيرة وساهمت في تحسين أداء الكثير من البنوك والمؤسسات المالية.
وأشار البروفوسير فولكر إلى أهمية إدخال التكنلوجيا الرقمية إلى القطاع المالي ومساهمتها في تذليل بعض العقبات المتعلقة بسهولة الحصول على التمويل مثل التمويل الجماعي Crowd funding التى تمكن أصحاب المشاريع من الحصول على التمويل عبر منصات خاصة في الانترنت أنشأت لهذا الغرض، كذلك سهلت التكنلوجيا الرقمية عملية الدفع الالكتروني Payment System حيث أصبحت عملية الدفع سهلة ومرنة وهذا ما زاد من فاعلية و كفاءة أداء المؤسسات المالية. في الختام اعتبر فولكر أن البيتكون هي عبارة عن بيع خدمة تكنلوجية وتواجه هذه العملة الرقمية تحديات كبيرة.
تعقيب الشيخ علي القره داغي على إشكالية العملة الرقمية
أكد الشيخ د.علي القره داغي في تعقيبه على ما تمت إثارته حول موضوع العملة الرقمية بالقول إن العالم الإسلامي يجب أن لا يتخلف عن ركب التطور والنمو المتسارع الذي يشهده العالم اليوم، واعتبر القره داغي بأن الفقه الإسلامي قادرعلى إيجاد حلول لكافة القضايا الشائكة التى تواجه المسلمين اليوم بما فيها العملة الرقمية، فالتراث الفقهي جم ووفير وقادرعلى التأصيل لقضايانا المعاصرة. وأضاف أن المشكلة الجوهرية في العملة الرقمية هي المخاطر إضافة لصعوبة تصنيفها، فهل البتكوين عملة؟ أم سلعة؟ أم حق وأي نوع من الحقوق هي؟. ونتيجة لصعوبة الإجابة على هذه الأسئلة فقد اعتبر القره داغي أن البتكوين ليست عملة لأنها لا تحمل مواصفات العملة، وليست سلعة فهي لا تحمل مواصفات السلعة، لذلك فالعملات الرقمية بشكلها الحالي ليست مما يجوز التعامل به، وحسب القره داغي هناك مجموعة من العوامل إذا توافرت فإنه يمكن الإ\استفادة من العملة الرقمية وهذه العوامل هي:
ـ أن تتبناها الدولة من خلال مؤسسة البنك المركزي بحيث تصبح عملة معلومة المصدر، وذلك ما يكسبها ثقة واعتبارا.
ـ أن تؤسس شركات استثمارية تشرف على هذه العملة وتبيعها كحصص للمستثمرين.
ـ أن تتبناها مجموعة من المصارف وتشرف على تسييرها وإدارة آلياتها.
قضايا وإشكاليات أخرى ناقشها المؤتمر
عالجت مجموعة بحوث إشكالية المواءمة بين المتطلبات الشرعية والأطر القانونية، وهي إحدى الإشكاليات الأساسية التى تطرح في ميدان النزاعات التي تكون مؤسسات المالية الإسلامية طرفا فيها. وأكد الباحثون في هذا الإطار على ضرورة معالجة هذه الإشكالية خاصة بعد أن سجلت حالات نزاع في منتجات المالية الإسلامية وأخذ التحكيم فيها منحى دوليا. وقد أثرت هذه النزاعات على صناعة التمويل الإسلامي. هنا تقع المسؤولية على القانونيين والفقهاء للعمل على تصميم إطار قانوني يوائم المتطلبات الشرعية التى تحكم منتجات المالية الإسلامية.
إسهامات الوقف في معالجة العديد من قضايا التنمية كالفقر والبطالة كانت ضمن محاور المؤتمر، وقدمت دراسات عن أهمية الوقف وضرورة إحيائه من جديد وضبطه بالقوانين التى يحتاج من أجل لعب دوره الأساسي والحيوي في التنمية الاقتصادية، كما تطرقت مداخلات الضيوف لأهمية الوقف في مجال التعليم.
كان المؤتمر فرصة هامة للقاء خبراء الاقتصاد والمالية بالفقهاء و موظفي البنوك والطلاب والباحثين للتطرق لقضايا الساعة في المالية الإسلامية، ولنقاش التحديات والعقبات التى تواجه مسار هذه المنظومة التى أصبحت تشكل أحد أهم مجالات البحث وميادين العطاء العلمي.
(المصدر: إسلام أونلاين)