مقالاتمقالات مختارة

مأساة الإيغور المنْسيّة!

مأساة الإيغور المنْسيّة!

بقلم د. عبد المجيد الجلاّل

الإيغور قومية مُسلمة من آسيا الوسطى ، يُقدر عددهم حسب إحصاء 2003 بنحو 8.5 مليون نسمة ، يعيش نحو 99% منهم داخل إقليم ” شينجيانغ ” شمال غربي الصين ، الذي كان يسمى ” تركستان الشرقية ” قبل ضمه إلى الصين بالقوة المُسلحة عام 1950 . وكانوا يتمتعون بما يُشبه الحكم الذاتي.

لم تكتف الصين بضم الإقليم ، بل دفعت إليه بعرقية ” الهان ” فأوشكت أن تصبح أغلبية على حساب الإيغور السكان الأصليين ، إذ يُشكّل الإيغور نحو 45 من إجمالي سكان الإقليم ، في حين تُشكَّل عرقية ” الهان ” غير المسلمة نحو 40% من إجمالي السكان.

استمر الصينيون بجلب المزيد من المشرَّدين ، وتوطينهم في الإقليم. بما جعل من الهوية الثقافية الإيغورية عُرضة للتهديد والتآكل بمرور الزمن. من جهتها ، الأمم المتحدة ، وعبر لجنة حقوق الإنسان أشارت إلى تلقيها تقارير كثيرة ، موثوقة ، تتحدث كلها عن احتجاز الحكومة الصينية لنحو مليون شخص من أقلية الإيغور في مراكز لمكافحة ما أسموه بالتطرَّف.

مارست الصين ، كافة الانتهاكات القمعية والعنصرية ضد أقلية الإيغور ، ومنها هدم المساجد، ومصادرة المصاحف ، ومنع إطلاق اللحية ، وارتداء النقاب، والصيام، أو التسمية بأسماء إسلامية، ومعاقبة من يرفض متابعة قنوات التلفزيون الرسمي ، وإلغاء مدارسهم الإسلامية الخاصة، وإجبارهم على الالتحاق بالمدارس الحكومية ، وما إلى ذلك . علماً بأنَّ كل هذه السلوكيات الصينية تُخالف مادة في الدستور الصيني تنص على أنَّ ” كل مواطن صيني له حرية العقيدة والدين، والدولة تَحمي الشعائر الدينية للمُواطنين العاديِّين”.

على كل حالٍ ، وفي مجتمعٍ دولي تتصارع فيه المصالح والمكاسب الضيقة، ويفتقد إلى قِيم العدالة، وحقوق الإنسان ، واحترام احتياجات الإثنيات والأعراق ، وتُنتهك فيها الحرمات ، تدفع شعوب وأقليات ، ومنهم أقلية الإيغور ثمن هذه المآزق الأخلاقية والإنسانية !

الصين تنفي ، مصداقية هذه التقارير ، وتدعي أنَّها تحتجز فقط ، ما وصفته بعناصر إسلامية متشددة ، وانفصالية ، وتتهمهم بشن حملة عنف تشمل القيام بعمليات تفجير وتخريب وعصيان مدني من أجل إعلان دولة مُستقلة. ومن ثمَّ فإنَّ الهدف من احتجازهم هو مجرد إعادة تعليمهم وتأهيلهم لمعالجة فكرهم المتشدد .

من المؤسف أنَّ الرواية الصينية غير دقيقة ، ولا يمكنها دحض التقارير الأممية التي تؤكد واقع الإيغور المؤلم . ولو كانت الرواية الصينية صحيحة ، لفتحت المجال لوسائل الإعلام ، والمنظمات الحقوقية ، للاطلاع عن قرب على حقيقة أوضاعهم ، وصولاً إلى تسوية شاملة ، لتحسين ظروف معيشتهم، في مقابل تعهد الإيغور باحترام السيادة الصينية ، بما لا يمس بحقوقهم الثقافية والدينية .

خلاصة القول ينبغي على الحكومات الإسلامية استثمار مصالحها التجارية والاقتصادية مع الصين ، لجهة الضغط عليها للحد من الانتهاكات القمعية والعنصرية بحق الإيغور . والوصول إلى حل نهائي لمأساتهم ، بما يحمي حقوقهم وهويتهم الثقافية ، وفي الوقت نفسه يحفظ السيادة الصينية على أراضيها . والله من وراء القصد.

(المصدر: تركستان تايمز)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى