مقالاتمقالات المنتدى

ليلة القدر متنقلةٌ، وليست ثابتة في ليلة محدّدة من كل عام

ليلة القدر متنقلةٌ، وليست ثابتة في ليلة محدّدة من كل عام

 

بقلم أ. د. كامل صبحي صلاح أستاذ الفقه وأصوله (خاص بالمنتدى)

 

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

إنّ الأقرب إلى الأدلة، وهو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، أنّ ليلة القدر متنقلةٌ، وليست ثابتة في ليلة محدّدة من كل عام، بل مرةً تكون ليلة إحدى وعشرين، ومرة تكون في ليلة ثلاث وعشرين، ومرة تكون في ليلة خمس وعشرين، ومرة تكون في ليلة سبع وعشرين، ومرة تكون في ليلة تسع وعشرين، فهي بهذا مجهولة لا معلومة، وأرجى الأقوال أنها في ليلة سبع وعشرين.
ففي الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«التمِسوها في العَشرِ الأواخِرِ من رمضانَ، في تاسِعةٍ تَبقى، وفي سابِعةٍ تبقى، وفي خامسةٍ تبقى» «أخرجه البخاري(٢٠٢١)».
وفي الحديث عن عبادة بن الصامت قال: «أخبَرَنا رسولُ اللهِ ﷺ عن لَيلةِ القَدْرِ فقال: هي في شَهرِ رَمضانَ، فالتمِسوها في العَشْرِ الأَواخِرِ، فإنّها وِترٌ: لَيلةُ إحدى وعِشرينَ، أو ثَلاثٍ وعِشرينَ، أو خَمسٍ وعِشرينَ، أو سَبعٍ وعِشرينَ، أو تِسعٍ وعِشرينَ، أو آخِرِ لَيلةٍ مِن رَمضانَ، مَن قامها احتِسابًا غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه..».
«أخرجه أحمد (٢٢٧٦٣) واللفظ له، والشاشي في «المسند» (١٢٨٩)، والخطيب في «الموضح» (٢/٣٢٨) باختلاف يسير، وشعيب الأرنؤوط، تخريج المسند (٢٢٧٦٣)،حسن دون قوله: «أو في آخر ليلة».

ولقد تَحقَّقَتْ رُؤيا النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ سجد  في ماءٍ وطين، وظَهَر أثَرُ الطِّين على جبهة رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان ذلك صَبيحةَ عِشرينَ، وهي (لَيلةُ الحادي والعشرين)، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ يُجاوِرُ في رَمَضانَ العَشْرَ الَّتي في وسَطِ الشَّهْرِ، فإذا كانَ حِينَ يُمْسِي مِن عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِي، ويَسْتَقْبِلُ إحْدى وعِشْرِينَ رَجَعَ إلى مَسْكَنِهِ، ورَجَعَ مَن كانَ يُجاوِرُ معهُ، وأنّهُ أقامَ في شَهْرٍ جاوَرَ فيه اللَّيْلَةَ الَّتي كانَ يَرْجِعُ فيها، فَخَطَبَ النّاسَ، فأمَرَهُمْ ما شاءَ اللهُ، ثُمَّ قالَ: كُنْتُ أُجاوِرُ هذِه العَشْرَ، ثُمَّ قدْ بَدا لي أنْ أُجاوِرَ هذِه العَشْرَ الأواخِرَ، فمَن كانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ في مُعْتَكَفِهِ، وقدْ أُرِيتُ هذِه اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُها، فابْتَغُوها في العَشْرِ الأواخِرِ، وابْتَغُوها في كُلِّ وِتْرٍ، وقدْ رَأَيْتُنِي أسْجُدُ في ماءٍ وطِينٍ، فاسْتَهَلَّتِ السَّماءُ في تِلكَ اللَّيْلَةِ فأمْطَرَتْ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ في مُصَلّى النبيِّ ﷺ لَيْلَةَ إحْدى وعِشْرِينَ، فَبَصُرَتْ عَيْنِي رَسولَ اللهِ ﷺ، ونَظَرْتُ إلَيْهِ انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ ووَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وماءً..» «أخرجه البخاري (٢٠١٨)».
والله تعالى أعلى وأعلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى