لوموند: سيدة من الإيغور تحكي عن الجحيم الذي عاشته بالمعتقلات الجماعية في الصين
في مقال بصحيفة لوموند الفرنسية، تروي تورسوناي زيافدون الإيغورية الأربعينية التي عاشت 11 شهرا في “مركز تعليمي وتدريبي” صيني بولاية جينيوان، الجحيم الذي عاشته في محبسها.
وقالت الصحيفة إنها أجرت مقابلتين مطولتين في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الحالي مع تورسوناي التي أفرج عنها مع آخرين لأن لديهم أقارب في الخارج، حيث إن زوجها يعيش في كزاخستان، وهو صيني من أصل كزاخي.
وتصور حياة هذه المرأة -كما تقول الصحيفة- مزيج التعسف والأكاذيب والترهيب الذي رافق سياسة الاعتقال الجماعي للأويغور والكزاخيين في الصين.
وبحسب الصحيفة، تبدأ الأمور عام 2016 عندما قررت تورسوناي وزوجها المقيمان في كزاخستان منذ عدة سنوات العودة إلى الصين، لأنها لم تتمكن من الحصول على الجنسية الكزاخية وقد انتهت صلاحية تأشيرتها، خاصة أنهما لم يكونا يتخوفان من شيء، وإن كان عدم ترحيب عائلة تورسوناي بعودتها فاجأها أثناء الحديث معهم على الهاتف.
لكن عند عودتهما سحبت الصين جوازيهما، فسياسة مصادرة جوازات سفر الإيغور متبعة بصورة منهجية، وأقاما في مدينة غولجا الكبيرة في غرب شينجيانغ قبل أن يطلب من تورسوناي حضور “اجتماع” في مسقط رأسها في كون، حيث استقبلتها الشرطة وأخذتها إلى مدرسة مهنية تقنية سابقة في المدينة، حيث أجبرت على البقاء فيها نحو عشرين يوما، كما أوردت الصحيفة.
تقول المرأة التي خضعت قبل ذلك بوقت قصير لعملية جراحية “في هذا المكان يمكننا الاحتفاظ بهواتفنا الخاصة، كنا 15 ولم تكن الأبواب مغلقة، والظروف لم تكن صعبة للغاية”.
حياة في الرعب
استأنف الزوجان حياتهما في غولجا واسترجع زوجها جواز سفره وسمح له بالعودة إلى كزاخستان شريطة أن تكون زوجته ضامنة لعودته بعد شهرين.
وتنقل الصحيفة عن تورسوناي أن الناس كانوا في هذا الوقت قد بدؤوا يعيشون في رعب لكثرة الاعتقالات، حيث لم تعد هناك أسرة إلا قد اعتقل أحد أفرادها، وكان السؤال الأول عند لقاء شخصين “آه، أنت لا تزال هنا؟!”، وبالفعل ألقي القبض على أخوي تورسوناي تباعا في فبراير/شباط 2018 لإجرائهما مكالمات هاتفية مع الخارج.
وكانت تورسوناي تعرف أن دورها سيأتي لأن الشرطة تضايقها منذ عدة أشهر، لأن زوجها لم يعد كما كان متفقا عليه. وبالفعل جاءت مكالمة تقول إن لديهم أشياء يريدون إطلاعها عليها، فذهبت معهم إلى المدرسة نفسها في كون، ليتم نقلها في اليوم التالي إلى المخيم نفسه بعد تجديده بالكامل.
تقول تورسوناي و”بمجرد وصولي أدركت أنه لم يعد نفس المخيم على الإطلاق. كان التفتيش دقيقا للغاية، فقد خلعوا ملابسنا تماما وقدموا لنا ملابس أخرى، دون أزرار. وتقدمت بأوراق تثبت اعتلال صحتي، ولكن حراس النساء صاحوا في وجهي قائلين دعي التمثيل، هل تعتقدين أننا سنشفق عليك؟ مات كثيرون هنا ولم نسمح لهم بالخروج. كنت خائفة للغاية”.
وأضافت المرأة أنها ألقي بها في غرفة مغلقة موصدة بباب حديدي فيها أسرة من طابقين، وأنهم كانوا يجبرونهم في الليل على إخراج أذرعهم من تحت الأغطية، وعلى النوم على جانب واحد فقط.
ووصفت أنها في ذلك اليوم رأت مسنة من الإيغور تجاوزت السبعين وقد أجبروها على خلع ملابسها الطويلة أمام الحراس، وتركوها في لباس ضيق، ثم مزقوا أزرار سترتها ثم وشاحها، ولم يكن لديها شعر وكانت تحاول إخفاء ثدييها، وهم يصرخون عليها أن تسبل يديها. فبدأت تبكي من الخجل وبكيت أنا أيضا، كانوا من عرقية الهان وقد دأبوا على الصراخ، أو كان من بينهم كزاخيون لكنهم كانوا يتبعون الأوامر فقط.
وخلال النهار، كان لدى المقيمين في هذا المعتقل ثلاث دقائق للذهاب إلى المرحاض، وكان الحراس مسلحين بأسلحة ثقيلة ويصرخون بمن يمضي وقتا أطول، كما أفادت الصحيفة، أما الاستحمام الأول فلا يكون إلا بعد ثلاثة أسابيع، حيث “تم تجميعنا مثل الحيوانات، وكان الماء يسقط من السقف، وكنا خائفين من الإصابة بالبرد”، بحسب ما تقول تورسوناي للوموند.
لن يأتي أحد لإنقاذكم
وقالت تورسوناي التي يطلق عليها هناك “طالبة الصف رقم 31″، إنها سُئلت عدة مرات عن حياتها في كزاخستان، وهل كانت تصلي؟ وهل كانت ترتدي الحجاب؟ كما سئلت عن أنشطة زوجها الذي افتتح عيادة، وأضافت “كانوا يرددون علينا باستمرار أن الصين بلد قوي للغاية، وأن أحدا لن يأتي ليخلصنا، وأنهم سيرسلوننا إلى سجون أسوأ بكثير من هنا”.
وفي فصول دراسية مغلقة بالشبابيك يشرف عليها حراس مسلحون، قالت تورسوناي إنها ألزمت بمتابعة جميع أنواع الدورات التعليمية، كتعلم اللغة الصينية والقانون والأيديولوجيا أيضا.
وقالت إن المعتقلات “عرضن الواحدة تلو الأخرى أمام قاض كان يعلن إدانتهن أمام أفراد أسرهن الذين استدعوا لهذه المناسبة، ثم تترك أمام كل واحدة منهن ورقة توضح سبب صدور الحكم عليها، وقد كان سبب اعتقالي: السفر والبقاء في الخارج”.
وتقول تورسوناي إنها كانت أخف الجميع حكما، إذ “حكم علي بعامين لأنه لم تكن لدي عائلة قريبة يمكنني الاتصال بها، ومع ذلك تم الإفراج عني في نهاية عام 2018″، بعد تفجر فضيحة اعتقال الكزاخيين في الصين، وكان آخر التعليمات التي تصدر للمفرج عنهم هي “لا تخبر أحدا أبدا بما عشته”.
(المصدر: صحيفة لوموند الفرنسية / الجزيرة)