لماذا صمت العالم الإسلامي على جريمة نبش قبر عمر بن عبد العزيز؟
بقلم أحمد زيدان
كادت أن تمرّ جريمة نبش قبر الخليفة الأموي العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه كما مرت جرائم من قبله في الشام الأموية، مجازر تلد مجازر، وتشريداً يلد آخر، ومسالخ في سجون الطغاة المجرمين تلد مسالخاً، واحتلالاً يلد احتلالات، لولا تحرك ـ للأمانة والإنصاف ـ بعض علماء باكستان فيدينوا الجريمة ويطالبوا الحكومة الباكستانية بالتحرك العاجل لدى العصابة الطائفية في سوريا، و مطالبة منظمة التعاون الإسلامي لمعاقبة من وصفهم بيان العلماء الباكستانيين بـ ” العصابات الطائفية التكفيرية الإرهابية.” ..
بعد تحرك علماء باكستان والذين خصصوا الجمعة المقبلة للخليفة الأموي الزاهد عمر بن عبد العزيز تحرك للأسف بعض علماء العرب، والذي كانوا أولى به نظراً لاطلاعهم بتفصيل على الجريمة والجرائم الأخرى التي تحصل في الشام على مدى عقد كامل، ولا تزال الجرائم تتواصل وتتسع وتتمدد، لقد رأيت تحرك العلماء قبل العالم الغربي يوم هدمت حركة طالبان الأفغانية تماثيل بوذا، ورأينا كيف تحرك العالم كله وشن حرباً على تنظيم الدولة “داعش” يوم عبث بآثار تدمر، لكن الآثار الأموية التي سلمت من كل المحتلين والمغتصبين الذين مروا على الشام الأموية كالتتار والمغول والفرنسيين وغيرهم لم تسلم منهم قطعان الطائفيين الحاقدين الموتورين المجرمين فراحوا ينبشوا القبور ويعبثوا برفات تمتد لأكثر من ألف عام.
إن نبش قبر الخليفة الأموي ليس نبشاً لقبر شخص عادي، وإنما هو عمل لنبش الخلافة الأموية، ونبش لتاريخ الشام والعبث به، وتحد واضح وسافر لكل العالم الإسلامي الذي حكمته تلك الخلافة، وجاء هذا بعد أن عبثوا بديمغرافية الشام عبر تهجير أكثر من 12 مليون سني، ولا يزال حقدهم وحنقهم يتواصل، فلا يزال الإجرام يتناسل، ونحن نكتب هذا المقال والمئات من الأهالي تنزح من جبل الزاوية للمرة العاشرة ربما بعد أن استشعروا استعداد المحتل الروسي والإيراني لارتكاب جريمة جديدة من أجل احتلال الأرض وطرد سكانها الأصليين وهو ما لم يفعله الصهاينة من قبل.
لكن الأغرب من هذا كله هو صمت العالم العربي والإسلامي، وصمت منظمة اليونسكو ومنظمة التعاون الإسلامي، وصمت الإعلام العربي والإسلامي والعالمي على هذه الجريمة، والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية جمعاء تجاه ما يجري للحجر والبشر في حاضرة العالم الإسلامي لعقود طويلة وهي دمشق، اليوم نسمع عن تأجير محطة الحجاز التاريخية وسط دمشق لجهات لم تحدد بعد، فبيع دمشق وبيع الساحل السوري ومطارات الشام تجري وهو ما لم يتجرأ عليه أي احتلال في تاريخ البشرية عليه، فكانت الاحتلالات تكتفي باحتلال الارض وإبقاء البشر عليها، أما اليوم فنسمع عن تأجير وبيع أراض ومطارات ومحطات، مع طرد البشر من أرضهم وبالملايين، ومن يتم القبض عليهم يكون مصيرهم مسالخ كشفت عنه صور قيصر.
العالم الإسلامي وعلماؤه ومنظماته التي انتفضت لتدنيس القرآن الكريم في الدانمارك ولرواية سلمان رشدي ألا ينبغي له أن يفكر اليوم بالشام وما يجري فيها، ألا ينبغي له أن يعرف أن حرمة المؤمن أشد حرمة الكعبة المشرفة، فكيف بحرمة مليون شهيد و12 مليون مهجر ونصف مليون معتقل، وملايين الذين يعيشون في المجهول لخشيتهم من احتلال ارضهم فيما تبقى من الشمال خارج الاحتلالين، هل من جمعة عالمية لـ عمر بن عبد العزيز، وهل من تحرك عالمي لوقف هذه العصابات الاحتلالية المنفلتة من عقاله وهي التي تتشدق بالأقصى والقدس، بينما تنبش قبر حفيد من أحفاد محرر القدس.
(المصدر: مدونات الجزيرة)