مقالاتمقالات مختارة

لماذا التطبيع؟ ومن أجل من؟ (6-6)

لماذا التطبيع؟ ومن أجل من؟ (6-6)

بقلم سامي راضي العنزي

نكمل حديثنا حول صهيون، أو حول يهود، أو حول العلمانية والماسون وتنظيماتها التي نعيش معها حالة مفصلية كما أرى شخصياً، هذه كلها واحد.

ولا يغرنكم طرح الاختلاف بينهم أحياناً وظاهراً، وإن كانت هناك بعض الجماعات أو الأفراد من يهود ترفض الصهيونية ولكنها تعمل مع الماسونية إما جهلاً وإما تمويهاً وخداعاً، فعقيدتهم وأهدافهم ظاهرة لا تخفى على من تتبع مسيرتهم عبر الزمن، وعبر كتاب الله تعالى العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ذكرنا فيما فات بعض المقولات من العلمانيين واليهود والماسون المتفقين تماماً في أقوالهم ومبادئهم حرباً على دين الإسلام بتفاهم منظم فيما بينهم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك تطبيعاً من أجل التطبع مستقبلاً، والتطبيع هنا المعني به التساهل تنازلاً عن الدين والقرآن والمنهج الذي يقف حجر عثرة أمام تنظيمات التطبيع الماسونية التي تسعى لقيام الدولة العالمية التوراتية والرأسمالية، وإلا.. هل من الصدف التقاء تلك الفرق والتنظيمات على مر الدهور والعصور على هدف واحد؟!

ها أنا أعرض عليك، أيها القارئ الكريم، أيضاً اتفاق “كفتارو” واتفاق “حبش” تلميذه وتلميذهم الأخير “الشحرور”، أيضاً بطرح نفس المنهج، ونفس الخطوات للوصول إلى الهدف المجمع عليه من قبل كل هذه المجموعات، وأكررها ولن أتردد من تكرارها والإصرار عليها: “الشيوعية، الباطنية، العلمانية، القرامطة، الديصانية، القاديانية، البابية، البهائية، الأحباش، الشحرور وأتباعه ومناصروه، السلفية المزيفة وهي من أخطرهم اليوم.. إلخ، خرجوا من حفرة تنظيمية مخابراتية واحدة أو موالية لقيادة واحدة بالأصل.

أعرض هنا اتفاق المجرم “كفتارو” مع منظمة عالمية أو بالأحرى مؤسسة عالمية تقوم بنفس العمل والاتجاه، وهي مؤسسة “راند” الأمريكية التي لا همَّ لها إلا الخلاص من الإسلام والمسلمين والتآمر عليهم من خلال أبناء المسلمين في الغالب، وهي مرحلة جديدة لتحاشي المواجهات الصلبة، وإن كان لا بد من المواجهة الصلبة، يجب أن تكون إذاً بين المسلم والمسلم، كما نرى ونعايش اليوم، والعدو يتفرج ويوجه ويمول الغثاء طيناً وغثاء!

مؤسسة “راند” الأمريكية هي المعنية بإنشاء دين جديد تحت مسمى “الإسلام بعد هدم أصوله”، وصاحب هذه الفكرة “كفتارو” الذي زار أمريكا في الستينيات وحينها تحدث في الإذاعة/ واشنطن قائلاً: “أسعى أن يصلي المسلمون والمسيحيون واليهود خلف إمام واحد”!

ومؤسسة “راند” -صدفةً!- تبنت الفكرة منذ الستينيات، ووضعت لها الميزانيات والأهداف المرحلية لكل مرحلة آلياتها وشخصياتها من النجوم! نعم صدفة! وبكل براءة، وهذه الفكرة هي تسييح الأديان أيضاً، ولا شك هذا التسييح الخاسر الوحيد فيه الإسلام والمسلمين، كخسارة السيف وأقرانه بالعصا!

نعم الإسلام هو الخاسر، وذلك بسبب مساواة الحق بالباطل، وعدم التمييز بينهما إلا عن طريق الهوى والعواطف البالية! وهذا الدمج والتسييح بين الأديان ما يطلق عليه اليوم الديانة “الإبراهيمية” التي يسعى لها صدفة أيضاً! ترمب ومن يسير على منهجه بالتطبيع مع صهيون أيضاً -صدفة- وهو مقدمات لهذه الفكرة للإعلان عنها مع مرور الأيام بشكل أو بآخر، وبالفعل نحن نرى ونتابع دعاة هذه الفكرة حتى اليوم، بل وشاهدنا التمهيد من بعض من يدعي السلفية صلاة بشكل أو بآخر، بين يهود ونصارى، ومن يدَّعي أنه مسلم! ولكن السؤال: هل هي الصدفة أيضاً؟! وهل هي الصدفة كل هذا يلتقي بخطاب “ماكرون” الرئيس الفرنسي؟!

لا شك في أن يعلن الرئيس الأمريكي ترمب أن اتفاق السلام مع بعض دول العرب سيتم تسميته “الاتفاق الإبراهيمي”! وقد صرح السفير الأمريكي لدى الكيان الصهيوني فريدمان قائلاً، وصدفةً أيضاً: إن الاتفاق “الإبراهيمي” جاء تيمناً بـ”أبو الديانات الكبيرة كلها”! لا يمكن أن يقبلها أنها صدفة من له شيء من الكياسة والفطنة، ولا يقبلها صدفة إلا من هو غارق في وحل الغباء والحمق، بل هي مرسومة، وهي الديانة التي تسعى لها الصهيونية الماسونية العالمية مستغلة اسم سيدنا إبراهيم عليه السلام في هذه اللعبة الصهيونية الماسونية العلمانية تمويهاً وتدليساً.

وهذه دعا لها بشكل أو بآخر قبل 150 عاماً تقريباً أو أكثر بقليل البهاء! نعم البهاء، وذلك بقوله في تفسير قول الله تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (التكوير: 1)؛ أي ذهب ضوؤها؛ أي الشريعة الإسلامية ذهب زمانها وتحولت إلى شريعة البهاء.

ما شريعة البهاء يا ترى؟

يقول البهاء مبيناً شريعته من تفسيره لقول الله تعالى: (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) (التكوير: 3)؛ أي الدساتير الحديثة ظهرت!

ما الدساتير الحديثة يا ترى؟

هي نفس منهج ترمب اليوم؛ دساتير تجمع الأديان، كما قال ترمب الاتفاق “الإبراهيمي” صدفة!

يقول البهاء مفسراً -صدفة أيضاً!- قول الله تعالى: (وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (الزمر: 67): يعني سطوع الأديان السبعة الكبرى في بوتقة واحدة على يد البهاء “الميرزا”، وهذه الديانات حسب تفسير البهاء المتفق مع ترمب صدفة هي: “الزرادشتية، البرهمية، البوذية، الكنفوشيسية، النصرانية، اليهودية، الإسلام”.

السؤال: هل هي الصدفة يتفقون هكذا بالطرح رغم مرور الزمن وتتابع الأجيال؟ أم أنه التنظيم الذي خرج من حفرة واحدة ولكن يطرح الأمور على مراحل، وحسب تحضير الأرضية له وبأشكال كثيرة ومتنوعة، الظاهر حسب الزمان والمكان إلا أن القلب واحد، والهدف واحد، ورسم الصورة الذهنية المطلوبة للأجيال من خلال التطبيع واحد، إلا أن الأغلفة الخارجية أحياناً يكون فيها بعض الاختلاف تمويهاً لإغراق السذج، وأدعياء العلم والمعرفة، وتبريراً للنفاق والمنافقين!

للعلم؛ ما ذكرته من نقولات متوافقة ومتفقة على عداء للدين والإسلام هي لا تساوي واحداً في الألف مما جمعته واطلعت عليه على مدى سنوات يدل على اتفاق “الماسونية، العلمانية، الشيوعية الملحدة، الاشتراكية، القومية البعثية وغيرها، الناصرية الاشتراكية، الباطنية، البهائية، القاديانية، البابية.. وأخطرهم وأكثرهم نضوجاً بالنسبة للعدو اليوم السلفية المزيفة.. إلخ”، والحمد لله رب العالمين.

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى