كي لا يَفْسَدَ صيامك أو ينقص أجرك.. احذر هذه الأخطاء
بقلم تسنيم الرنتيسي
يتميّز شهر “رمضان” الذي ينتظره الجميع من عامٍ الى عام، بأحكامه وآدابه، وكُلّما كان الصوم موافقاً للأحكام الشرعية والآداب المرعية كُلّما كانَ أكثر ثمرة وأعظم أجراً، لكن للأسف، يدخل هذا الشهر المبارك على الناس فتراهم يستعدون فيه بإعداد الطعام والشراب، وشراء الملابس، وهذا يشغلهم عن الاستعداد الديني -وهو تعلم أحكام الصيام- فربما وقع بعضهم في المخالفات أو الأخطاء التي تقدح في صحة صيامهم، أو تنقص أجرهم وثوابهم.
“بصائر” يرصد أبرز الأخطاء التي يقع بها الصائمون خلال شهر “رمضان” المبارك، وكيفية تجنبها.
أخطاء تُفسِد الصيام
من جهته، قال الدكتور عبد الله أبو عليان – نائب مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في مدينة غزة: “إنّ من الأخطاء التي يقع فيها الصائم فتُفسد صيامه، الأفعال المرتبطة بالمُفطِرات كأن يُبالغ الشخص بالاستنشاق مثلاً؛ لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: “وبالِغْ في الاستنشاق إلاّ أنْ تكونَ صائماً”، كذلك القَطْرات وتناولِ الدواء الذي يكون عن طريق الأنف أو الفم؛ لأنه ممكن أن يدخل إلى الجوف فيُفسِد الصيام”.
وأضاف: “كما أن إتيان الرجل لزوجته في نهار رمضان من الأمور التي تُفسِدَ الصيام، بالإضافة إلى أنْ يأكل الشخص مثلاً دون أن يتأكد من دخول الوقت، سواء في وقت الفجر أثناء السحور أو الإفطار”.
أعمال تنقص الأجر
وأردف أبو عليان: “أما الأعمال التي تُنقِص الأجر فهي كثيرة، منها: السِباب والشتم والغيبة والنميمة فهذه كلها مُحبِطات للأجر منقصات له، بل إنّ بعض العلماء عَدّ الغيبة والنميمة من المُفطِرات، قال الله عز وجل: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات:12] فعدّ الغيبة أكلاً للحوم الآخرين، وقاسها على أكل الطعام، وإن كان هذا ليس راجحاً عند فقهاء المسلمين، إلاّ أنّه يُشير إلى عظيم خطر مثل هذه الأفعال”.
ونوه إلى أنّه من الواجب على المسلم إذا شتمه أحد أنْ يقول “إني صائم إني صائم”.
وبيّن أبو عليان أن من منقصات الأجر: “كثرة النوم في نهار رمضان، وأنْ يُضيّع المسلم وقته من غير عبادةٍ ولا تلاوةٍ ولا ذكرٍ، ولا يجيد العلاقة مع القرآن فرمضان شهر القرآن، والإعراض عنه في رمضان يزيد في الإثم والفحش؛ لأنه لا يليق بالمسلم أن يتخذ القرآن مهجوراً بصورةٍ عامة ويقبح هذا الأمر في رمضان أكثر وأكثر”.
ولفت أبو عليان إلى أنّ من الأمور التي يُمكن أن تُنقِص الأجر في رمضان أيضاً،” أن يتباهى الناس في ألوان الطعام وأصنافها المختلفة، وأيّهم يستكثر منها، دون أن يحقق معنى رمضان الذي فيه إقلالٌ من الطعام وإكثارٌ من الإطعام”، على حد تعبيره.
وذكر أنّ البعض يُضيّع العشر الأواخر في الاستعداد للعيد والتسوق، وعدم الاهتمام بليلة القدر، وتلك الأيام المباركة، حيث كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا دخلت العشر الأواخر (شدّ المئزر، وأحيا الليل، وأيقظ أهله).
ضوابط مهمة
وأوضح أبو عليان أنّ من الضوابط التي يجب أن يلتزم بها المسلم في شهر رمضان كي لا يفسدَ صيامه أو ينقصَ أجره تتمثل في “فهم المقصد من رمضان، وهو أن يقلل الإنسان من الطعام ويُكثر من الإطعام، وأن يقلل من الكلام ويُكثر من التلاوة، وأن يقلل الإنسان من الخُلطة مع الناس ويُكثِرَ التفرغ للعبادة”، منوهاً إلى أنّ كلّ فعلٍ أو تصرفٍ أو قولٍ يمكن أن يُخالِفَ هذا المقصد أو يُقسي القلب ويبعد عن الله -عز وجل- يصبح مُنقِصَاً للأجر”.
أسباب الوقوع في الأخطاء
وحول الأسباب التي تدفع البعض للوقوع في الأخطاء في رمضان، ذكر أبو عليان أنّ “الغفلة عن مقصد رمضان، واعتياد المعاصي، فيتصارع في النفس اغتنام الموسم الحالي أو المحافظة على العادات المألوفة قبل رمضان، ومن يغلب عليه المحافظة على عاداته يبقى في الغفلة ولا يُحسِنَ اغتنام الفرصة”.
وتابع: “كما أنّ البيئة التي فيها شواغل كثيرة، وفيها “لصوص الوقت” من المسلسلات والأفلام ووسائل التواصل الاجتماعي وأصدقاء السوء كلها تدفع الانسان للوقوع في الخطأ، بالإضافة إلى عدم وجود جدية حقيقية داخل الإنسان فلا نجد له عزماً، أو أن يكون الإنسان لديه تسويف ومُماطلة، ولمْ يُعلِن اللحظة الحاسمة لحُسن اغتنام هذا الموسم”.
المطلوب من المسلم عند ملاحظة بعض الأخطاء
وشدد أبو عليان على أهمية التكافل المجتمعي خلال شهر رمضان بشكلٍ خاص، والسماحة واليُسر مع الناس، والعفو والصبر، منوهاً إلى أنّ كلّ ما يمكن أن يجعل الإنسان مُقرباً من ربه، محبوباً عند الخَلْق، فهو من الآداب التي ينبغي أن تُراعى طوال العام وخاصة في رمضان.
وأشار إلى أنّ المطلوب من كل مسلم إذا ما رأى بعض الأخطاء أو المُخالفات ممن حوله، بأن يُقدِّمَ قدوةً عملية ونموذجاً؛ لأنّ الناس يتأثرون بالعمل أكثر من القول، ولهذا لو تمثل كل واحد منا قدوةً عمليةً لأصبح بهذا داعياً إلى الله عز وجل، بلسان الحال لا بلسان المقال، ولهذا قالوا: “العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل”.
ولفت إلى أنّ المطلوب أن يكون المسلم لطيفاً كيّساً حكيماً في تغيير الأخطاء، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: “ما بال أقوام”، وقال لابن عمر: “نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل”، فهو أثنى عليه قبل أن يَذْكر المثلب الذي عنده.
وأكد أبو عليان على أنّ “المطلوب من المسلم عدم مجاراة التيار في المخالفات والانحدار، ولهذا إذا اعتذر لهم بلطف عن الانخراط في مخالفةٍ هُمْ فيها، فهذا يكون باعثاً لهم على مراجعة أنفسهم، وحُسن الاقتداء به”.
أخطاء شائعة في “رمضان”
من ناحيته، قال الداعية الإسلامية مصطفى القيشاوي: “إنّ الأخطاء التي يقع فيها المسلمون في شهر رمضان المبارك كثيرة، ولعل من أبرزها ما يَظْهر قبل رمضان بأيامٍ قليلة من خلال المُبالغة في شراء الأطعمة والمشروبات بكمياتٍ هائلة، وكأننا داخلون على أزمةٍ أو مجاعةٍ مُتوقعة، بدلاً من الاستعداد للطاعة والاقتصاد ومشاركة الفقراء والمحتاجين، وهذا مما ابتليت به الكثير من الأسر المسلمة للأسف”.
وأضاف: “كما يغفل أيضاً بعض المسلمين عن عقد نية الصيام مع بدء دخول هذا الشهر المبارك، سواء للشهر كله أو لكل ليلةٍ على حِدة، وكذلك يغفل كثير من الناس عن صلاة التراويح في أول ليلة من ليالي رمضان، ظناً منهم أنها تكون بعد صيام أول يوم”.
وأردف القيشاوي: “من الأخطاء أيضاً: الجهل بأحكام الصيام وعدم السؤال عنها، مع أننا الآن في متسعٍ من الوقت للسؤال والتعرف على أحكام الصيام حتى لا نعبد الله على جهالة بأمور ديننا”.
ونوه إلى أكثر الأخطاء شيوعاً “وهو زيادة العصبية والغضب خلال الصيام، مما يؤدي إلى إيذاء الآخرين إما بالكلام أو بالفعل، وهذا مما يؤثر على الصوم وقد يضيع أجره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من لم يدع قول الزور والعمل به فلا حاجة لله في أن يدع طعامه وشرابه”.
وذكر القيشاوي أنّ من بعض الأخطاء، الاستقامة على طاعة الله في نهار رمضان ثم التحول عنها في الليل بالسهر واللهو، بالإضافة إلى أنّه قد يدخل شهر رمضان، ويخرج وقد لا يتغيَّر شيءٌ من السلبيات القولية أو الفعلية لدى بعض الناس، فهذا خطأ كبير، فشهر رمضان فرصة عظيمة للتغيير الإيجابي، فلاحظ ما عندك من سلبيات وحاوِل تركها، وهذا من أرباحك في هذا الشهر المبارك، فقد تهيأت لك الأسباب وصُفدت الشياطين.
الجهل ورفقاء السوء
وحول الأسباب التي تدفع بعض المسلمين للوقوع في هذه الأخطاء، قال القيشاوي: “إنّ من أهم الأسباب الجهل، وعدم الحرص على تعلم أحكام الصيام وآدابه وفضائله ومفسداته، فيدخل المسلم في شهر رمضان، وهو ولا يعرف ما ينبغي عليه أن يفعله، وما لا ينبغي عليه أن يفعله، فيقع في الأخطاء”.
وتابع: “وكذلك رفقاء السوء لهم دور كبير في حدوث الزلل والخطأ عند الإنسان، فينبغي على المسلم أن يبحث له عن صحبةٍ صالحة تعينه في رمضان وفي غير رمضان على طاعة الله واجتناب الأخطاء ما استطاع لذلك سبيلا”.
كيف نتجنّب الوقوع في الأخطاء؟
وأكد القيشاوي على أنّ “إخلاص النية لله عز وجل، وشغل الأوقات بالطاعة من قراءة القرآن والتسبيح والذِكر والاستغفار، والمشي في قضاء حوائج المسلمين، من الأمور التي تساعد المسلم على تجنب الوقوع في الأخطاء في رمضان”، لافتاً إلى أنّ المُسلم إذا شغل وقته بالطاعة، فلن يبقى معه وقت ليفعل المعصية والخطأ، لذلك الواجب على المسلم من الآن أن يُجهِّز جدولاً وبرنامجاً لشهر رمضان المبارك حتى يستغله أحسن استغلال”.
آداب يجب أن يتحلى بها المسلم
وفيما يخص الآداب التي يجب على كل مسلم أن يتحلى بها في رمضان، أوضح القيشاوي أنّ “الآداب كثيرة، ولكن من أهمها، الجود والبذل والعطاء، خاصة أننا في أوقاتٍ عصيبة، وأزماتٍ كبيرة يحتاج فيها المسلمون لمن يُفرِّج كرباتهم، وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فكان كالريح المُرسلة، جواداً كريما”.
وأضاف: “من الآداب المهمة أيضاً، الصفح ومسامحة الآخرين، والتجاوز عن أخطائهم، وعدم رد الإساءة لهم، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فإن سابه أحد أو شاتمه، فليقل إني صائم”.
واسترسل: “كذلك أن يُكثر الإنسان من التواصل مع جيرانه وأقاربه وصلة أرحامه ويتعهدهم بالزيارة؛ لكي تنتشر المودة والمحبة بين أوساط المجتمع المسلم، وأيضاً أن يساعد أهل بيته في إعداد الطعام والشراب للسحور والإفطار وأن يكون عوناً لهم في شئون حياتهم”.
(المصدر: موقع بصائر)