بقلم د.وائل عبد الرحمن حبنّكه الميداني
المشكلةُ التي تواجهنا عندما نقيم حواراً مع العلمانيين هي ما يلي:
أنَّ العلمانيّن الذين يحاوروننا هم ثلاثة أنواع:
الأوّل … رجلٌ يظنّ العلمانيّةَ مذهباً سياسياً يعتمد العلم أساساً في بناء المجتمع .. وأن العلمانيّةَ تحترم الدين ولكن لا تجد مكان الدين إلاّ في المسجد … وهذا الرجل قد يكون متديناً سليم النيّةِ بسيط !!! أو ليس من أهل العلم الرشيد، وليس لديه رصيدٌ كافٍ من المعرفه، ولم يتطلع على نشأة العلمانيّة ولا من أسسها ولا من هم الرجال والدول التي دعمتها ولا ماهي الغاية من هذا المذهب ولا ماهي الأدوات التي يستخدمها دعاة هذا المذهب لتحقيقه .. ومثل هذا الرجل تحتاج إلى مجلدات من الحقائق والوثائق لتقنعه بحقيقة العلمانيّة وحقيقة عدائها لله وللرسول ..ولكل القيَمْ
الثاني … رجل لا يهمّه الدين بحالٍ من الأحوال ويبحث عن شكلٍ حضاري يشبه الحضارةِ الأوربيّةِ القريبة وهذا لا جدوى من حواره فليس هناك قاعده مشتركه للحوار
الثالث … رجلُ علمانيٌّ صِرفْ فهِمَ العلمانيه كما يجب أن تفهم !!! فهو يحمل عداءً لله وللرسول وللأديان .. ولا يعود عداؤه لقناعةٍ فكريّةٍ بالعلم ولا لدور العلم في الحياة بل لكراهيةٍ للدين بدايةً بغض النظر عمّن سواه !!! ومثل هذا الشخص تجده مكّاراً كذّاباً مُدّعياً مُتجرئاً على كل القيّم الدينيّة والأخلاقيّه ..
ومثل هذا الشخص يصل إلى مراكز متقدّمه إذا كان شخصّيةً عامّه لما يلقاه من دعمٍ خفي من شبكةِ المتنفّذين العلمانيين المنتشرين في كل الدول ومؤسساتها ..
ولذلك لا ينفع معه أي حوار .. فهو من الجرئةِ والتطاول بمكان أن يتناقض مع ذاته في الحوار مئات المرات، وعلى رؤوس الأشهاد دون أن يخجل لمعرفته بأنه متسلّط مدعومُ ممن سيحفظ له مصالحه وسيُلمّع له صورته ..فمركبه في هذا الزمن منطلقٌ بأمان ورجال هذا الزمن يحمونه والإعلام كلّه في خدمته .. والسياسةُ وراءه بالدعم .. والقوة المالية تضمن له حياةً كريمه !!!!!!
عندي بحث مكثّف عن العلمانيّة (تعريفها وأصلها ونشأتها ورجالها وتاريخها غاياتها وآثارها من الواقع القريب والبعيد) ولولا أن تطول المقالةُ لألحقته في هذا المنشور ..
ومع ذلك فهذه وقفةٌ سريعه مع العلمانيه: إنّ مصطلح (علماني) الذي يطلقه العلمانيون على أنفسهم هو مصطلح خاطئ .. والمصطلح المناسب لهم هو الماديّون وليس العلمانيون !!! لأنّ الإنسان جسدٌ ونفسٌ وقلبٌ وروح .. ولكي أكون علمانياً في التعامل مع هذا المخلوق فيجب أن أتبنى قانوناً يضمن سلامة الجسد والأعضاء من جانب، ويضمن سلامة النفس والروح والقلب من جانب آخر، ويضبط البرنامج الماديّ والنفسي والروحي للإنسان .. أمّا عندما أكتفي بالقانون الذي يتعامل مع جسد وأعضاء هذا المخلوق الهام وأهمل الجانب النفسي الروحي القلبي فأنا لست شخصاً علمانياً، بل هذا جهلُ صارخ يُلبسه المُغْرِضون ثياب العلمانيه ؟! فلذلك أقول: قولوا عن نفسكم أنكم ماديون لكي نضبط الحوار، ولا تقولوا أنكم علمانيون ..
المصدر: رابطة العلماء السوريين.