مقالاتمقالات مختارة

كيف تفوّقت الثورة الشامية أخلاقياً على أعدائها؟!

كيف تفوّقت الثورة الشامية أخلاقياً على أعدائها؟!

بقلم أحمد زيدان

لا أعتقد أننا بحاجة إلى تدليل كبير للسؤال المطروح كعنوان، فنظرة بسيطة وسريعة على الصور القادمة من الشام، تُظهر الإجابة على السؤال، فمنذ اليوم الأول خرج الشعب السوري مطالباً بالحرية، حرية ليست خاصة بفئة دون أخرى، وإنما حرية للشعب كله، حاضراً ومستقبلاً، ولعل من خرج منادياً هو المحروم من هذه الحرية كونه إما شهيداً تحت الأرض، أو سجيناً معتقلاً في زنازين الطغاة، ولكن آثر تعليق الجرس من أجل غيره، ومن أجل الأجيال المقبلة..

صورة الوالد العاجز عن فعل شيء لولده وابنته في أريحا ستظل تطارد كل من به بقية بشرية وإنسانية، وصورة الطبيب الحوراني الأصيل الذي آثر الرباط في أريحا وهو مستند إلى حائط، تشكو ثيابه المعطرة بدماء شهداء وجرحى، انهيار قيم عالمية لطالما تشدق بها أصحابها فلما أزف دفع الثمن غاب الدافع الذي صدّع رؤوسنا لعقود، وستظل صورة أخرى من أريحا أيضاً لذاك الشاب العشريني الذي يُلّوح برجل فتاة مقطوعة في مجزرة رهيبة على يد برابرة العصر الروس تهتف بوجوه القتلة أن الشام عصية على الاحتلال والغزو، كما هي عصية على الطائفيين وعلى كل من يساندهم ويشاركهم ولائم قتلهم للشعب السوري، وقتلهم معه للقيم الإنسانية..

ستظل مجزرة الحولة في حمص العدية تصرخ بوجوه الجميع، لكن صوت السكاكين الملثومة على رقاب أطفال غضة أعلى من الصراخ، لكن هل يسمع من به صمم، أو بالأحرى من أصمّ أذنيه عن صراخ الأطفال في الشام الجريح… في هذه الأجواء الرهيبة تابعنا استقبال طاغية الشام بشار حافظ الأسد لممثلي بابا الفاتيكان الذين حملوا معهم رسالة إليه، والتي يستجديه فيها العطف على الشعب السوري، والسماح للمهاجرين بالعودة إلى مسالخه؟ أين يعيش البابا وكرادلته وخوارنته؟ هل يعيشون على كوكب آخر؟ أم أنهم أصمّوا آذانهم وأعموا أبصارهم إلاّ على جبران باسيل وزبانيته؟ ألا يرى البابا ما يجري في الشام منذ عقود؟ ألم يرى صور القيصر، ألا يتابع الجرائم اليومية للاحتلال الروسي والإيراني والأسدي؟ تساؤلات وأسئلة من السخف طرحها اليوم بعد عقد من الإجرام الأسدي والروسي..

حديث الصور يتواصل، ويتواصل.. فمن قيام بطارقة وخوارنة روس لدعم حملة قتل الشعب السوري، وقراءة الترانيم الكنسية على الأسلحة والصواريخ الروسية قاتلة الشعب السوري، إلى حديث بطريرق لبنان من أن بشار حافظ الأسد حامي حمى الأقليات في المنطقة.. حماية يبدو على دم مليون سوري، و12 مليون مشرد، ودمار أكثر من ستين بالمائة من البلد، وفي النهاية لقاء مع الطاغية وشدّ أرزه في الوقت الذي لا يجرؤ أن يلتقيه مسؤول سياسي غربي، يغذ الخطا إليه قادة كنسيون..

صورة أخرى ما دمنا في حديث الصور لفيديو رهيب لقوات طلائع الديمقراطية الأميركية قوات سوريا الديمقراطية من العصابات الكردية، والأكراد منها بريئة، وهم يركلون شباباً وفتاة بطريقة مهينة لا تشبه إلا أساليب طاغية الشام، هؤلاء من تتعاون معهم أمريكا، وهؤلاء من تبحث لهم عن منطقة آمنة، وهؤلاء من ترسل لهم الأسلحة الحديثة النوعية، أما ثوار الشام وأطفالها ونساؤها فلا يستحقون الحياة..

يجري هذا في الوقت الذي يشحذ علمانيون وأقلويون أقلامهم حقداً وكراهية وإجراماً على أي خطأ يبدر من إسلامي أو وطني حقيقي، ويطالب هو وكل خطه ومناصريه ومتابعيه ومؤيديه أن يعتذروا، ولن تقبل معذرتهم ولا توبتهم عند هؤلاء، أما وفد البابا إلى طاغية الشام، فلا حس ولا إنس.. ولا تعليق ولا انتقاد ولا مطالبة بمراجعة، ومن قبلها الصمت المطبق على بطارقة موسكو، وكذلك على مناظر وممارسات قسد المدعومة أمريكياً.. ففرفور ذنبه مغفور كما يقولون عندنا في الشام..

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى