مقالات مختارة

كيف تتعامل مع الرسائل التي يُلزِمك صاحبُها بنشرها؟!

الأستاذ فراس السقال

“أمانة عليك إلى يوم الدين أن ترسلها إلى جميع المضافين عندك في الهاتف، أو إلى عشرة أشخاص أو إلى سبعة أشخاص، وإن لم ترسلها فلن أسامحك يوم القيامة، وستأتي يوم الحشر وأنت أعور أعرج أبكم، وسيحصل لك أمر تكرهه ولا تطيقه، فقد جرت مع رجل أرسل الرسالة إلى كل أصحابه فربح ضعف ما كان يربح عادة في تجارته، وتزوج بامرأة جميلة غنية، في حين أن امرأة أنكرتها فلم تبالي بها وحذفتها فقد ماتت أمها، ورسب ابنها في المدرسة، وتشاجرت مع زوجها فتزوج عليها، وانكسرت قدم ابن اختها، وكل ذلك لأنها لم تسمع النصيحة وتقوم بنشر الرسالة”..

أليست هذه الرسائل تردنا في كل مطلع شمس مع القهوة الصباحية على الواتس وغيره من وسائل الاتصال؟!

ذكرتني هذه الرسائل بقصة الشيخ أحمد خادم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهذه القصة أعرفها من (30 سنة) أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، وأخبره بأشياء كثيرة، ثم أوصاه كتابة ما رأى وطبع الرسالة لعشرين شخص، وإن لم يطبعها ويبلغها هذا العدد فسيحصل معه أموراً سيئة لا يتحمل عقباها، على أن يطبعها على ورق (A4).

وأخيراً تبين أن مصدر القصة مكتبة قرطاسية في الحي، كلما كسد سوقها تنشر هذه الرسالة فترى الناس يتهافتون عليها بالعشرات وهكذا بدأت وفي كثير من بلاد المسلمين.

إذا عُدنا لهذه الرسائل وما ينشره الناس ويتناقلونه، يخرج لدينا عدة نقاط:

أ‌- ما سبب نشر هذه الرسائل وبهذه الطريقة؟

ب‌- ما حكم نشرها؟

ت‌- التوصيات والنصائح.

أولاً : ما سبب نشر هذه الرسائل وبهذه الطريقة؟

هناك عدة أسباب لنشر هذه الرسائل:

1) إن أحسنَّا الظن بها وبصاحبها، فهي من باب حب نشر الخير (فيما يبدو لناشرها) للناس لينالوا بها الأجر والثواب.

2) أن من ينقلها وينشرها هم من جُهّال عوام الناس، فلا يفقهون التحري والبحث عن صحتها وأكثرهم من النساء.

3) منهم من يتعمد الإساءة، وهذا ديدن أعداء ديننا الحنيف، من يهود ومجوس ورافضة وغيرهم، ويتعمدون ذلك لِـ:

– إدخال الأوهام والخرافات على أفكار المسلمين، من باب القصص الخيالية التي تلامس عواطفهم.

– دس السموم في أحاديث رسول صلى الله عليه وسلم.

– شغل الناس بهذه الخزعبلات عن المهمات، وذلك بشغلهم عما يقترفونه من جرائم حرب في بلاد المسلمين، وحرفهم عن مسارهم في إعاقتهم للمجاهدين. وهؤلاء هم أزلام المجوس الرافضة والصليبين والشيوعيين بفكر صهيويهودي.

– إيقاع الناس بغضب من الله عز وجل لمخالفة أمره، ونشرهم ما هو مُضل مفترى.

– جعل الناس في حالة لَبْس ووَهم وشُبهة وضياع.

– إيقاع الفتنة بين المسلمين، فمنهم من يتبنى هذه المنقولات (اعتقاداً منه الخيرية للبشرية)، ومنهم من هم منكر لها.

ثانياً : ما حكم نشر هذه الرسائل وتداولها؟

1- في حال ثبوت صحة الرسالة، فهو مخير بين نشرها وبين تركها، والأفضل نشرها لتبليغ الناس ليعم الخير وينتشر وله الأجر في ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو أية) رواه البخاري.

2- في حال احتوائها أكاذيب وافتراءات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحرم نشرها لحديث: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) البخاري

3- هناك حالات يكون فيها المنشور عبارة عن خليط، قطعة من حديث صحيح، والباقي أحاديث موضوعة، أو لا أصل لها، فعندها تكون الرسالة أقرب إلى التعمد من واضعها، لكي يخفي أوهامه وسمومه بالحديث الصحيح، فيجب عدم النشر حتى يتيقن ما هو الصحيح منها وما هو موضوع. وكذلك الحكم في حال عدم معرفة صحة محتواها، فإن علم حكم الأحاديث فيها وجب عليه بيانها.

4- لا يجوز نشر الأحاديث الموضوعة، والتي لا أصل لها، إلا على سبيل بيانها والتحذير منها.

5- لا يجوز التعرض لأخبار العقائد والأحكام بشيء من الاستهزاء والسخرية والمزاح فهذا إن كان عالماً فهو كفر.

6- بالنسبة لكلمة “أمانة في رقبتك” أو “لا تنسى أنك حلفت” أو “أقسمت عليك” فهذا ليس من الدين ولا يجوز إبراره.

ثالثاً : التوصيات والنصائح:

أخي المسلم: دينك دينك إنما هو لحمك ودمك.. إن لم ترفع أنت راية الدفاع عن دينك وعقيدتك وإرث نبيك فمن يرفع تلك الراية؟!

إن مما يجب على المسلم فعله ليحذر مكر وزيف وجهل وحماقة من يتبنى تلك الرسائل سواء أكان المرسل خبيثاً أو حاقداً أو جاهلاً أو أحمقاً فعلى المتلقي أن يكون حذراً وذلك:

1- بداية على المسلم أن يتعلم أمور دينه وقواعده الأساسية، فتكون له حصناً متيناً من كيد الغزاة.

2- التحقق مما يَرِدُه من الرسائل والأخبار، إن كان عالماً بطرق التحري والبحث عن الصحة.

3- اليوم انتشرت وسائل تعليمية ومواقع التعامل معها بسيط وسهل على الشبكة العالمية (الإنترنت) فيها الفائدة في البحث عن صحة الأحاديث والآثار.

4- إن لم يكن لديك إلمام بكل ما ذكرنا، فاسأل أهل العلم عن ذلك وهم يرشدونك لما فيه الخير.

5- لا تتردد في نصح من يسعى في نشر هذه الأفكار والأخبار، متعمداً كان أو جاهلاً.

6- إذا تبين لك ضعف وكذب وافتراء حديث ما ورد إليك، فلا تتأخر في إرسال حكمه لمن أرسله لك.

7- قبول نصح من يدلُّك إلى الخير، فيرشدك إلى طريق التصحيح والتحقيق، وعدم التكبر والعناد والحياء من ذلك.

8- اعتقاد أن الداّل على الخير كفاعله، وأن (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً (أخرجه مسلم).

9- لا تتحرج في سؤال أي كان عن صحة الحديث أو الخبر أو القصة التي أرسلها لك.

وبذلك نكون قد أرسينا قواعداً أساسية لتواصل أسهل وأسلم، فإن كنت ناقلاً فالصحة أو مدعياً فالدليل.

أرجو الله عز وجل أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

                                    والحمد لله رب العالمين

المصدر: رابطة العلماء السوريين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى