كشمير تباد.. وسائل الإعلام الغربية تتجاهل الهجمات الهندية على المسلمين
دشن ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسما بعنوان (كشمير تُباد) نشروا من خلاله صورا للعدوان الذي يحدث ضد المسلمين في الهند.
وتحدثت وسائل إعلام عن مقتل معلمين في إطلاق نار من مسلحين إثر هجوم على مدرسة في الجزء الخاضع لسيطرة نيودلهي من إقليم كشمير المتنازع عليه.
وكانت حادثة مقتل مسلم على أيدي أفراد من الشرطة الهندية في ولاية آسام شمال شرقي البلاد قد أثارت غضبًا واسعًا عبر منصات التواصل في عدة دول عربية وإسلامية.
وكان قد انتشر مقطع فيديو لأفراد من الشرطة الهندية وهم يطلقون الرصاص من مسافة قريبة على مسلم، ثم واصلوا ركل وضرب الرجل بالعصي والأقدام بمشاركة أحد المصورين الذي داس على جسده الجريح وهو راقد على الأرض.
واُطلقت حملات لمقاطعة المنتجات الهندية عقب حادثة تهجير مسلمي ولاية آسام شمال شرقي الهند، والاعتداء عليهم والتنكيل بهم لاسيما مع انتشار لقطات مروعة لاعتداء الشرطة على أحدهم وإصابته بالرصاص وظهور مصور -اعتُقل لاحقًا- وهو يدوس جسد الرجل الجريح في مشهد موحش أشعل غضبًا عربيًا وإسلاميًا.
وبدأت عمليات التهجير بحق المسلمين منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى الحكم في آسام سنة 2016، وقد تم حتى الآن تهجير نحو 20 ألف مسلم، من دون أن يكون لذلك صدى داخل الهند، فضلا عن أن يعرف العالم شيئا عن هذه الحوادث.
وعمليات التهجير هذه مخالفة لقانون “سياسة الأراضي” لسنة 1989 بالولاية، الذي يعترف بملكية المستخدم لأراضي الدولة بمعدل 1 بيغا (فدان) للسكن و7 بيغا للزراعة، في حال استعمالها المستمر لمدة 3 سنوات. وهؤلاء المهجرون كانوا يسكنون بالمنطقة منذ 1970، وقد لجأوا إليها هربا من فيضانات أو انجراف الأراضي حول الأنهار في أماكن أخرى.
ويستهدف المسلمين في ولاية آسام بسبب ارتفاع معدلات النمو في صفوفهم إذ تقدر نسبتهم من السكان بنحو 34% من أصل 34 مليون نسمة، وهي أعلى نسبة للمسلمين في أي ولاية هندية بعد كشمير.
ويرى المتعصبون الهندوس أن الضغط المستمر على المسلمين في آسام بتهمة أن كثيرين منهم “أجانب” و”دخلاء” سيبقي هؤلاء مشغولين بالدفاع عن أنفسهم وعن وجودهم. وهو ما أدى بالفعل إلى تهميش المسلمين الآساميين سياسيا، بعد أن كان منهم من تولى رئاسة وزارة الولاية قبل الاستقلال وبعده.
وقتع ولاية آسام شمالي شرق الهند، واحتلها البورميون لبعض الوقت، إلى أن احتلها الإنجليز عام 1826، وحين أراد الإنجليز تأسيس ولاية آسام سنة 1905 وجدوها صغيرة، فضموا إليها أجزاء من ولاية البنغال، وهكذا دخلت إلى جنوب آسام مناطق تتحدث باللغة البنغالية.
واكتشف الإنجليز أن أراضي آسام صالحة لزراعة الشاي، فشجعوا هنودا من خارج الولاية على الانتقال إلى آسام للعمل بمزارع الشاي، لأن الآساميين لم يكونوا يحبون الأعمال الشاقة. وحين اكتشف النفط في آسام سنة 1866، وفد إليها آخرون للعمل في المرافق النفطية.
كما هاجر إليها هندوس بنغاليون من “باكستان الشرقية”، بعد تقسيم الهند إلى دولتي الهند وباكستان سنة 1947. وقصدها المزيد من الهندوس البنغاليين خلال الحرب التي أدت إلى ظهور بنغلاديش سنة 1971. وهنا بدأ الآساميون يتذمرون من أن البنغاليين سيكتسحون آسام وسيستحوذون على كافة الفرص.
وبدأت حركة كبيرة ضد البنغاليين تطالب بإخراجهم من آسام. ووقعت في تلك المرحلة حوادث عنف كثيرة منها مذبحة “نيلّى” في فبراير 1983، التي ذبح فيها 3 آلاف مسلم في ليلة واحدة، وحتى اليوم لم تتم محاسبة القتلة، ولا دفعت تعويضات لأسر القتلى، وتحول السلطات حتى اليوم دون مناقشة هذه المذبحة.
وحين وجدت الحكومة المركزية أن الحركة الاحتجاجية قد تخرج عن السيطرة، عقدت حكومة راجيف غاندي معاهدة مع زعماء الاحتجاج الآساميين سنة 1985، تقول إنه سيتم إجراء إحصاء في آسام وإبعاد كل من دخلها من البنغاليين بعد يوم 25 مارس 1971.
وفى الانتخابات التي عقدت بعد هذه المعاهدة، فاز زعماء الاحتجاج وحكموا الولاية لفترتين، ولم يجر خلالها أي إحصاء. ثم عاد حزب المؤتمر الهندي للحكم في الولاية عام 2001، وظل يحكمها إلى أن فاز حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) في انتخابات عام 2016.
حزب الشعب الهندي المعادي للمسلمين -ولكل ما هو غير هندوسي- وجّه الاحتجاج الآسامي ضد البنغاليين عموما إلى احتجاج ضد البنغاليين المسلمين، وأخذ زعماؤه يطالبون علنا بطرد المتسللين المسلمين. وبدؤوا بإحصاء البنغاليين، بحجة تنفيذ معاهدة راجيف غاندي القديمة.
وكان تقديرهم أن الأغلبية العظمى التي سيتم تشخيصها متسللين ستكون من المسلمين، ولكن خرجت لجنة الإحصاء في أغسطس 2019 بتوصيف مليون و900 ألف بنغالي على أنهم دخلاء، وكان بينهم نصف مليون هندوسي أيضا، مما صدم زعماء حزب الشعب الهندي. وهنا قامت حكومة حزب الشعب الهندي الذي يحكم على مستوى المركز أيضا بتغيير قانون الجنسية الهندي لسنة 1955، بحيث أدخلوا فيه مادة تقول إن غير المسلمين القادمين من أفغانستان وباكستان وبنغلاديش بسبب التضييق الديني سيتم إعطاؤهم الجنسية الهندية.
لكن مظاهرات ضخمة خرجت في الهند ترفض التعديلات الدستورية وجاءت كورونا لتكون أسهل أدوات السلطة لتفريق المظاهرات، ولم يتم تنفيذ هذا القانون حتى الآن على مستوى الهند، ولكن عملية تصنيف “الدخلاء” مستمرة في آسام، حيث أقيمت عشرات معسكرات الاعتقال، ليجمع فيها كل من يتم تصنيفه على أنه أجنبي، وهناك معسكرات أخرى قيد البناء. واللافت أن حكومة بنغلاديش ترفض عودتهم إليها، وهي تنكر أن مواطنيها يهاجرون إلى الهند.ولا تزال حكومة ناريندرا مودي تواجه اتهامات باضطهاد المسلمين في الهند وممارسة التمييز بحقهم، وأثار الفيديو غضبًا عارمًا على منصات التواصل.
وأصبح العنف ضد المسلمين والأقليات الأخرى يتكرر في الهند ويشتد، مع ازدياد وتيرة خطابات الكراهية ضد المسلمين والأقليات في البلاد خلال السنوات الأخيرة مع تولي حزب (بهاراتيا جاناتا) الحاكم السلطة عام 2014.ويشكل المسلمون نصف عدد السكان في شبه القارة الهندية، وفق الباحث والمؤرخ موسى الصفدي، فتلك المنطقة من العالم تحوي 40% من المسلمين، والهند وحدها بها نحو 300 مليون مسلم وفق إحصاءات رسمية بينما تشير إحصاءات غير رسمية إلى أن عددهم يتخطى الـ 500 مليون.
المصدر: وكالات