كشف ضابط سابق في الشرطة الصينية عن تعرض الأويغور للتعذيب والضرب حتى الموت
ترجمة/ رضوى عادل
كشف منشق صيني لشبكة سكاي نيوز كيف يتم نقل المعتقلين الأويغور بالمئات في قطارات السجون المزدحمة، إلى جانب تفاصيل التعذيب والوفيات داخل مراكز إعادة التعليم في تركستان الشرقية.
قال الرجل، الذي قال إنه خدم كضابط شرطة في تركستان الشرقية وطلب فقط تعريفه بإسم جيانغ، لشبكة سكاي نيوز عن الظروف القاسية على متن القطارات.
وقال لشبكة سكاي نيوز: نقوم بجمعهم ونضع أغطية على رؤوسهم، ونقيد شخصين معاً لمنعهم من الهروب.
وقال إنه يتم نقل حوالي 500 محتجز في وقت واحد من محطات الشحن، مع أكثر من 100 سجين في كل عربة. يتم تخصيص شرطيين لكل سجين.
وقال: أثناء النقل بالقطار، لا نقدم لهم الطعام. يسمح لهم فقط بإستخدام أغطية الزجاجات لمياه الشرب لترطيب شفاههم. ولا نسمح لهم بالذهاب إلى المرحاض للحفاظ على النظام. يصلون إلى وجهاتهم في غضون يومين.
من هم شعب الأويغور ولماذا يواجهون القمع من الصين؟
الأويغور هم مجموعة من الأشخاص – معظمهم من المسلمين – يعيشون بشكل رئيسي في منطقة تركستان الشرقية التي تحتلها الصين منذ 1949م وتسميها “شينجيانغ”. لقد عاشوا هناك منذ مئات السنين على الأقل.
اتُهمت الصين باحتجاز ما يصل إلى أكثر من مليون من الأويغور في مراكز “إعادة التعليم” في تركستان الشرقية وزيادة عدد من هم ليسوا أويغور في المنطقة، وبالتالي فإن نسبة الأويغور هناك آخذة في الإنخفاض.
وقد أعلن نواب في أبريل في المملكة المتحدة أن الأويغور والأقليات العرقية والدينية الأخرى في منطقة تركستان الشرقية يتعرضون للإبادة الجماعية. وتنفي الصين جميع الإدعاءات المتعلقة بإنتهاكات حقوق الإنسان.
وقد أظهرت لقطات مصورة بطائرة بدون طيار نُشرت في عام 2019، على ما يبدو، تفريغ سجناء من الأويغور من قطار – معصوبي الأعين ومقيدين بالأغلال وقد حُلقت رؤوسهم.
قال جيانغ إن الفيديو أظهر غالباً نقل السجناء من مراكز احتجاز مختلفة إلى منشأة مركزية أكبر، بسبب اختلاف زيهم الرسمي.
وقال جيانغ لشبكة سكاي نيوز إنه عمل كجندي قبل أن يعمل محققًاً في مكتب الأمن العام المحلي. وقدم وثائق كثيرة لأوراق إعتماده، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو وشهادات التخرج والتسجيل من الشرطة وغيرها من الوثائق الرسمية. التفاصيل المحددة التي زعمها من المستحيل التحقق منها.
وفي مؤتمر صحفي في بكين، سألت سكاي نيوز الحكومة الصينية عن مزاعم جيانغ.
يقول جيانغ: إن الأساليب الوحشية كان يقوم بإستخدامها الشرطة والحراس بشكل روتيني داخل المعسكرات.
قال علي جان عنايت، المتحدث بإسم حكومة شينجيانغ: الصين دولة يحكمها القانون. وتتصرف الشرطة وتتعامل مع الجرائم وفقاً لقوانين جمهورية الصين الشعبية. يُحظر سجن الأشخاص بشكل غير قانوني وتعذيب الأشخاص لإجبارهم على الإدلاء بإفادة.
يجب أن تحمي الشرطة جميع حقوق المشتبه بهم. لذا فإن الأشياء التي قالها الرجل بأن المسؤولين لم يسمحوا لهم بالذهاب إلى دورات المياه وأنه لم يكن لديهم ماء للشرب وهكذا، لا وجود لها.
تعمل مراكز التدريب وفقاً لقوانين جمهورية الصين الشعبية وقانون حماية حقوق الإنسان. وهي تضمن الحقوق كاملة وتحمي كرامتهم. يُحظر إهانة الطلاب أو معاملتهم بشكل سيئ بأي وسيلة. والأشياء التي قالها من يدعي أنه كان شرطياً محلياً لا يمكن أن تحدث.
الأويغور يتعرضون للسحق داخل مراكز إعادة التعليم
وقد سبق للحكومة الصينية أن وصفت الإتهامات بإنتهاكات حقوق الإنسان في تركستان الشرقية بأنها “أكذوبة القرن” وأصرت على أن الناس يعيشون في تركستان الشرقية حياة سعيدة.
وتتعارض شهادة جيانغ مع ذلك. إن الأدلة من أولئك الذين عملوا في الدولة الصينية في تركستان الشرقية نادرة للغاية. ووصف الأساليب الوحشية التي إستخدمتها الشرطة وحراس المعسكر.
وقال لشبكة سكاي نيوز: يُسمح لك بضرب الناس في القضايا المتعلقة بالسياسة، وتعريض النظام للخطر، والقضايا المتعلقة بإسقاط النظام. لا بأس في جعلهم يقدمون أسماء الآخرين.
وأضاف: إنك تستخدم طرقاً مختلفة للضغط؛ يستخدم شخصان العصي ليثقل أرجلهم؛ يربطونه ويدوسون على ذراعهم؛ تقييد أيديهم، وصب الماء البارد – وضع أنبوب ماء في أفواههم وربطهم.
تحليل بواسطة توم تشيشير، مراسل آسيا
على مدى السنوات القليلة الماضية، سمعنا روايات مؤلمة وواضحة عن مراكز إعادة التعليم في تركستان الشرقية من أولئك الذين يقولون إنهم كانوا محتجزين هناك. شهادة جيانغ نادرة لأنها تخبرنا عن نفس التجربة من الجانب الآخر – حيث الأشخاص الذين وضعوهم هناك.
هذه الندرة بحد ذاتها مدهشة. تطلبت الحملة في تركستان الشرقية جهازاً أمنياً ضخماً – أخبرنا جيانغ أنه تم تجنيد 150 ألف شخص فقط للقيام بدوريات في شوارع المنطقة. لكن الأدلة من أولئك الذين خدموا النظام قليلة ومتباعدة.
وينعكس بعض هذا الولاء في رواية جيانغ. لم يشكك في أي وقت في فرضية حملة الإعتقال – كان إنتقاده هو كيفية تنفيذها. ويميز بين أولئك الذين أرسلوا إلى مراكز إعادة التعليم وأولئك الذين حُكم عليهم رسمياً بالسجن، بحجة أن هؤلاء كانوا مذنبين حقاً بإرتكاب جرائم. حتى وهو يدين الدولة، فإنه يقبل منطقها. إن نفي الحكومة الصينية لمزاعم جيانغ واضح – “لا يمكن أن تحدث”.
وقد تغير الوضع في تركستان الشرقية بالتأكيد. كما ذكرت وكالة أسوشيتد بريس مؤخراً، قلصت السلطات الصينية العديد من أكثر الجوانب قسوة ووضوحاً للدولة البوليسية عالية التقنية في المنطقة. يتوافق ذلك مع الزيارة التي قامت بها سكاي نيوز هذا العام إلى خوتان في تركستان الشرقية – كانت المدينة أكثر حيوية بشكل ملحوظ مما كانت عليه في رحلة صحفية قبل عامين.
لكن الصورة الكاملة للأساليب المستخدمة عندما كانت حملة الإعتقال في أشدها ما زالت تظهر.
يمكن ضرب شخص ما حتى الموت في ظل هذا النوع من الإدارة في مركز إعادة التعليم، يحدث هذا بالتأكيد.
إذا وقعت حوادث، فمن الطبيعي أن يموت بعض الناس. هذه هي الطريقة التي تعتاد على قولها. لا تلومني أرجوك. إنهم لا يرون الناس العاديين كبشر. إنهم يفعلون أشياء لا تفعلها للبشر.
قال جيانغ إنه كان يعمل عادة في إدارات تحقيق جنائي في أماكن أخرى من الصين، لكن تم إرساله إلى تركستان الشرقية كجزء من برنامج “مساعدة تركستان الشرقية ” الذي شارك فيه عشرات الآلاف من رجال الشرطة المسلحين والضباط العاديين الذين تم نقلهم إلى المنطقة.
وقال لشبكة سكاي نيوز إن تركستان الشرقية كانت في حالة حرب عندما تم تعيينه هناك في عام 2018. عندما وصلت إلى هناك، كان أكثر من 900 ألف شخص قد اعتقلوا بالفعل لأسباب عديدة تافهة مثل قول شيء خاطئ. تم إرسالهم إلى مراكز إعادة التعليم للسيطرة عليهم.
لقد احتجزناهم بناء على أوامر من الرؤساء. ليس بناء على أي دليل. أي نوع من الأدلة يمكننا الحصول عليه؟ ما هو الدليل الذي يحتاجه هذا؟
قال إن الناس في تركستان الشرقية يعيشون تحت المراقبة المستمرة جسدياً ورقمياً. وإن أسباب الإشتباه والإعتقال تشمل اختلاف الآراء حول الحكومة، ومناشدة السلطات العليا للمساعدة، أو حتى عدم بيع الكحول والسجائر – كل ذلك يمكن اعتباره قضايا أيديولوجية تبرر الاحتجاز.
يقول جيانغ: إن الناس يعيشون تحت المراقبة المستمرة في تركستان الشرقية
ميز جيانغ بين المحكوم عليهم بالسجن والذين أرسلوا إلى مراكز إعادة التعليم. وأضاف: كل من اتصل فعلاً بأشخاص اخرين وخططوا للتمرد يمكن الحُكم عليهم. ولكن الأشخاص في مراكز إعادة التعليم ليسوا خطيرين بما يكفي للحكم عليهم. “لديهم مشاكل في أفكارهم”.
وقال جيانغ أيضاً: إن السجون ومراكز إعادة التعليم تحتوي على مصانع. وإنهم يفعلون أشياء مختلفة يمكن أن تجني المال، لكن لا أحد يريد أن يفعلها.
إذا قال أحد المسؤولين إنهم بحاجة إلى العمل لمدة تسع ساعات، فقد يظن رئيس مركز إعادة التعليم، إذا جعلتهم يعملون أكثر من ساعتين، يمكنني جني المزيد من المال.
غادر جيانغ الصين في عام 2020. وقال إنه أصيب بخيبة أمل بالفعل من الحكم الشيوعي قبل وصوله إلى تركستان الشرقية.
قال: تقول القيادة أشياء جيدة جداً على المسرح: سنخدم الناس! لنبذل قصارى جهدنا!” لكن خارج الكواليس، ينتشر الفساد في الواقع. ويقبلون الرشاوى كل يوم، ويفسدون ممتلكات الدولة. لقد وصل إلى درجة لا يمكنك تخيلها.
انهارت القيم. قيم المرء حول ما هو صواب وما هو خطأ. هذا ليس خيانة للوطن، أنا فقط ضد الطبقة الفاسدة. لست خائفاً من الخطر. لقد رأيت الكثير من الحياة والموت. لقد رأيت العديد من القتلى. إنها طريقة لتحرير نفسي.
المصدر: تركستان تايمز