كتاب (نحو منهج لتأصيل كمال البيان النبوي)
إعداد د. محمد كنفودي
تعد علاقة السنة بالقرآن من أهم الإشكالات المنهجية والمعرفية في فضاء الفكر الإسلامي المعاصر؛ بحيث إن العديد من المفكرين المعاصرين، المشتغلين بالدراسات الإسلامية عموما، والدراسات القرآنية خصوصا، ترددوا في تحديد ناظم منهج العلاقة بينهما، بين من اكتفى بالنص القرآني وحده، وبين من اعتبر نصوص السنة -ولو صحت- مجرد نصوص تاريخية، وبين من اعتبر أن السنة النبوية في علاقتها بالقرآن، تُعدُّ مجرد إمكان واحد من جملة إمكانات أخرى عديدة؛ بالنظر إلى أن القرآن يستحيل أن يستنفذ في ما قدمه الرسول عليه الصلاة والسلام زمن النبوة والنزول، ولا في مطلق اجتهادات الأزمنة التأويلية التالية، إذ ذلك هو علامة إعجازه الكبرى التي لا تضاهى. ولا يهمنا أيضًا جرد بيان علاقة السنة بالقرآن، كما أصلها أهل التراث الإسلامي، أو كما أعاد تأسيسها أهل إعادة منهج النظر في علاقة السنة بالقرآن، بل ما يهمنا حصرًا، هو بيان أن ما قدمه الرسول -عليه الصلاة والسلام- لنصوص القرآن، في أي صورة من الصور سواء صورة تفسير، أو تخصيص، أو تقييد، أو توضيح، أو إحكام ونحو ذلك، أو قل عمومًا، بيان وتبيين، يُعدُّ التفسير المثل في الإمكان، الذي لا يجوز تخطيه أو تجاوزه إلى سواه، مهما كان مصدره، شرط إذا ثبتت صحته عن المعصوم عليه الصلاة والسلام، علاوة على بيان كمال أوجه التفسير أو “البيان النبوي”، ليس في زمن النبوة والنزول فحسب، بل في مطلق أزمنة التأويل الممكنة.
(المصدر: مركز نماء للبحوث والدراسات)