مدينة ولدت لتكون ملكة المدن، مبتغى الخلفاء، ومطمع القادة والأمراء، قبلة الفقهاء، ومهوى أفئدة العلماء، وأنيسة الأدباء والشعراء. كُتبت عنها وفيها أسفار وأسفار، ولكن لا يزال هناك متسع للحديث عنها، من زاويةٍ تجنب أكثر الكتاب الخوض فيها، ومن تكلم فعلى استحياء، ولطالما قطعت دونها الأعناق، ومنعت لأجلها أسباب الأرزاق، كما ولج فيها كثير من الأدعياء، الذين يجيدون فن الأباطيل وتضليل الأجيال، بقلب الحقائق وتزييف الوقائع وتزوير الوثائق، كل ذلك من أجل مسخ هويتها. ولكنّ الحديث عن هوية بغداد، التي تعد بحق من أهم ما تكالب عليه الأعداء، وانقسم بشأنه الفرقاء، لا ينفصم عن الحديث عن تاريخ حضارتها، فهما يرتبطان معاً في علاقة جدلية، إذ اجتمع في بغداد المنصور «حضارة الهوية، وهوية الحضارة»، التي من أجلها جعل الله تعالى الإنسان خليفة في الأرض، وهنا مكمن قوتها، وسر بقائها وتألقها. إنّ هوية بغداد تدخل في كل مفصل من مفاصل الحياة البغدادية، السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وفي كل معلم من معالمها الحضارية، العلمية والثقافية والأدبية والعمرانية، بل وحتى في هامش الحياة التي مرت بها، وهذا ما عالجته فصول هذه الدراسة منذ ولادة بغداد وحتى يومنا الحاضر، إذ تعيش فيه احتلالاً مزدوجاً (غربياً صفوياً)، يقابله للأسف تخلٍّ مزدوج (عربي إسلامي).
وقد زينت هذه الدراسة بصور حديثة، وإحصائيات وخرائط حصرية.
يُطلب من جناح #مجلة_البيان A12 في #معرض_الرياض_الدولي_للكتاب