مقالاتمقالات مختارة

كتاب الثوابت!

كتاب الثوابت!

بقلم أ. د. فؤاد البنا

قال أحد أصدقائي: لماذا لا يتم تأليف كتاب يضم في ثناياه سائر الثوابت الإسلامية وفق الضابط الذي ذكرته في التغريدة السابقة ويكون محل إجماع سائر التيارات الإسلامية؟ والتغريدة المشار إليها في حديث صديقي هي :

(يختلف كثيرون حول عناوين الثوابت بين مكثر منها ومقل، بناءً على اختلافهم حول ماهيتها واختلاف نظراتهم وطرائق تفكيرهم، ويبدو لي أن الثوابت تشتمل على كل ما هو معلوم من الدين بالضرورة مما ثبت بنصوص قطعية الثبوت والدلالة، وهي التي صارت محل إجماع الأمة والأئمة، أما ما اختلف حوله العلماء فقد صار من المتغيرات ولو كان الاختلاف بسيطا، بما في ذلك ما يتصل بالنصوص ظنية الدلالة أو ظنية الثبوت، بجانب تنزيل النصوص القطعية على وقائع الحياة النسبية.
وبذلك فإن الثوابت محدودة ومتناهية، وتمثل السقف الذي تستظل تحته جميع مكونات الأمة، والقاسم المشترك بين جميع التيارات والطوائف والمذاهب والجماعات التي تنتسب إلى الإسلام.)

فأجبت : لو حدث ذلك لتوحدت الأمة بالفعل، وهذا لن يحدث في ظل التنازع على امتلاك الحقيقة المطلقة ولن يتم إلا بعد ثورة ثقافية عميقة في الأمة، تقوم بتفعيل مدارك التفكير وتوسيع زوايا النظر، وتتولى إشاعة روح التعامل الموضوعي البعيد عن الشخصانية والأهواء، وتهتم بتعميق أسس العدل والإنصاف وإشاعة روح الوعي وبث روح التسامح، وتقوم بتجفيف منابع سوء الظن واحتكار الحقيقة المطلقة !

ويشهد واقعنا المثقل بآفات التخلف والمثخن بجراحات التدخلات الخارجية، بأن هناك تيارات إسلامية متعصبة تنظر لمسائل فرعية نظرتها للأصول، وتتعامل مع قضايا جزئية كأنها من القضايا الكلية، وتمارس قدرًا كبيرًا من الخلط بين الدين والتدين مما يظهر جليًا في الخلط بين العقيدة الإلهية والفكر البشري وكذا بين الشريعة السماوية والفقه الأرضي.

ومن ثم فإن الأمر يحتاج إلى اجتهاد جماعي عبر مجامع فكرية وفقهية عريضة، تتمثل فيها سائر الفرق والتيارات وتتحاور فيها شتى العقول والأفهام؛ حتى يتم الوصول إلى قائمة موحدة بالثوابت التي تنال قبول أكبر عدد ممكن من المسلمين، على الأقل، لتقل أسباب الاختلاف وتتعمق عوامل الائتلاف، وتتسع دائرة الطائفة القائمة على الحق.

(المصدر: رسالة بوست)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى