كانَ خُلُقُه ﷺ القُرآن يا كِرام
بِقَلم أ.د.محمّد حافِظ الشّريدة (خاص بالمنتدى)
قالَ اللّهُ تَعالی: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ﴾
وَقالَ تَعالی: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
لَقَد حَصَر نَبِيّنا الكَريم الصّادِق الأمين ﷺ الغايَة الأساسِيّة مِن بِعثَته النّبَويّة المُحمّديّة إلی كافّة البَشرِيّة فِي تَمامِ مَكارِم الأخلاقِ فَقالَ وهو أفضَل الخَلْق عَلی الإطلاق ﷺ: {إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ}
وَلا عَجَب أن يَكون حُسنُ الخُلُق هُو غايَة الغاياتِ في سَعيِ المُؤمنين وَالمؤمنات لِاستِكمالِ الصّفاتِ عَلى أَساسٍ مِن التّوحيدِ وَاليَقين وَالإخلاص لِرَبّ العالَمين!
وَقد كانَ نَبِيّنا المُصطَفی إمام الحُنَفا ﷺ فِي حُسنِ الخُلُق فَوق الغايَة وَالمُنتهى فَكان كما قالَ عَنه جَلّ وَعَلا: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ وَعَن عَطاء بنِ يَسار رَحِمه اللّهُ قالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرِو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا فَقُلتُ لَه: أخْبِرْنِي عن صِفَةِ رَسولِ اللَّهِ ﷺ في التَّوْرَاةِ فَقالَ: أجَلْ وَاللَّهِ إنَّهُ لَمَوْصُوفٌ في التَّوْرَاةِ ببَعْضِ صِفَتِهِ في القُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أنْتَ عَبْدِي ورَسولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ليسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ في الأسْوَاقِ وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو ويَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ بِأَنْ يَقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَيَفْتَحُ بهَا أعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا!
وَقَد كانَ رَسولنا خاتَم الأنبياءِ ﷺ يُكثِر مِن هَذا الدّعاء: {اللّهُمّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الأَخْلاقِ فَإِنَّهُ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئِهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ} مَع أَنّه ﷺ كَما شَهِد العَدوّ اللّئيم وَالصّديق الحَميم: عَلى خُلُقٍ عَظيمٍ! قالَ سَعدُ بنُ هِشامٍ رَحِمه اللّهُ لِعَائِشَةَ بِنت أبي بَكرٍ الصّدّيق رَضيَ اللّهُ عَنهما: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ! فَقَالَت لَهُ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قالَ: بَلَى! قَالَت: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ الْقُرْآنُ! وَمَعنَى قَولِها إنَّ خُلُقَهُ الْقُرْآنُ أي: إنّهُ يَعمَلُ بِهِ وَيَتَأَدّبُ بِآدَابهِ ﷺ! وَمِسكُ الخِتام إخوَتي الكِرام في قَولُ رَبّنا الرّحيمِ الرّحمن: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾!*