بقلم د. خالد فهمي
يقول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}
هذه آية جليلة القدر كاشفة عن وجه خفي عجيب من الحكمة القرآنية التي تنكر لها العقل المسلم المعاصر بدرجات متفاوتة.
الآية تجمل التنبيه إلى أن الخالق خلق الخلق وأودع فيه معيارين ظاهرين خدمة للإنسانية. هما معيار تحقيق النفع ومعيار تحقيق المتعة الجمالية.
والقرآن في غير موضع يلح على هذين المحددين، فالكواكب مادة لضبط الحركة والسعي في الأرض وهي زينة للوجود.
والدواب تحمل الخلق وتحمل أمتعتهم وفيها جمال حين تريح البشرية وحين تسرح.
الله خلق الوجود وقد ركب فيه جماع النفع والجمال.
وقد فهمت الأمة ذلك وحرصت عليه في تطبيقات الحضارة التي أنجزتها إلى وقت قريب من هذا العصر الذي يظلنا.
لقد حكوا عن سنان باشا أعظم معماريي الخلافة العثمانية أن كان يقول شرط العمارة أن تتوافر فيها القوة والنفع والجمال لأنها حوار مع الله!
وهذه الآية الجليلة تشير إلى أن خلق الأرض وبث في ماهيتها الزينة ليدعو الإنسان إلى حزمة من التكليفات.
الآية توشك أن تأمر الإنسان بوجوب تحري الزينة في تطبيقات ما ينتج.
والآية توشك أن تقرر أن كل فعل إنساني مخاصم للجمال والزينة هو فعل مخاصم للحيوانات طريق ما.
والآية توشك أن تحذر الإنسان من الاستطالة بالزينة وتدعوه للإيمان من طريق الزينة.
الآية تقرر أن الزينة دعم للإنسانية الحقيقية التي يريدها الوحي وترعاها نواميس السماء.
والآية تدعو المسلم إلى أن يقتدي بمنهج السماء في الصناعات الأرضية فيحفها بالزينة. وتدعوه إلى بذل الوسع في التأنق في العمل. وتلح عليه في طلب التحسين للحياة وصناعة الجمال.
الآية تقرر أن صناعة الحسن والجمال من مجالات الاختبار الإلهي بدليل (لنبلوهم أيهم أحسن عملا)
(المصدر: موقع الأمة)