دعا عدد من القيادات الإسلامية بألمانيا إلى سرعة التحرك والتكاتف لمواجهة مد العنصرية الآخذ في الاتساع، وبات يهدد مساجد ومؤسسات ورموز المسلمين في ألمانيا.
تصاعد الأعمال العنصرية ضد مسلمي ألمانيا بشكل كبير في الآونة الأخيرة دفع بهيئة العلماء والدعاة بألمانيا لتوجيه الدعوة لكافة خطباء مساجد ألمانيا بتخصيص خطبتي الجمعة 16 و26 مارس للدعوة للتكاتف والتحرك لمواجهة العنصرية داخل المجتمع الألماني سواء ضد المسلمين أو غيرهم.
كما تزامن مع حرق عدد من مساجد الأقلية التركية في ألمانيا مؤخراً، تصريحات لوزير الداخلية الألماني الجديد هورست زيهوفر، الجمعة 16 مارس، بأن عبارة “الإسلام جزء من ألمانيا” التي صرحت بها سابقاً المستشارة ميركل وقبلها الرئيس الأسبق كريستيان فولف ليست صحيحة، وإنما المسلمون هم “جزء من ألمانيا وليس الإسلام”، وهو ما دفع بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في نفس اليوم للرد عليه وللتأكيد بأن الإسلام جزء من ألمانيا، وفق ما نشره موقع “دويتشه فيله” الألماني 16 مارس الجاري.
من جهته، انتقد عبدالصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا تصريحات الداخلية الألماني زهوفر، معتبراً إياها استغلالاً لملف المسلمين في حسابات انتخابية، وذلك خلال حوار مع “DW” عربية أمس الجمعة 16 مارس.
جهود مجتمعية وسياسية
حول تصاعد الأعمال العنصرية ضد مسلمي ألمانيا، ودور الدعاة في مواجهة تلك الظاهرة، شدد في تصريحات لـ”المجتمع” الشيخ طه سليمان عامر، رئيس “هيئة العلماء والدعاة بألمانيا”، على أن مواجهة الأعمال العنصرية ضد مسلمي ألمانيا أعقد من أن تنحصر في دور الأئمة والدعاة، وإن كانوا جزءاً من محاصرة الظاهرة الآخذة في التصاعد، مؤكداً أنها تتطلب جهوداً سياسية وإعلامية وثقافية وقانونية وفنية.
وتابع: قبل الحديث عن دور الأئمة أود الإشارة إلى بعض صور العنصرية التي تمارس ضد المسلمين خاصة، منها على سبيل المثال لا الحصر الدراسة التي قامت بها وكالة مكافحة التمييز الألمانية -نشرها موقع “دويتشه فيله”– التي أشارت إلى أن ربع المهاجرين يشعرون بالتمييز نتيجة لأصولهم الأجنبية وتتنوع صور العنصرية التي تمارس ضد المسلمين.
4 أدوار للأئمة
وحول دور الأئمة في مواجهة تصاعد وتمدد ظاهرة العنصرية في المجتمع الألماني ضد الإسلام والمسلمين، أكد الشيخ عامر أن دور الإمام كقيادة فكرية ومرجعية شرعية يحتل منزلة كبيرة عند المسلمين وعند الدولة أيضاً، ولهذا يمكن للإمام ومؤسسات الأئمة أن يكون لهم دور فاعل في هذا الملف الكبير مع بقية الأدوار المنوطة بالدولة ومؤسساتها المختلفة.
وأوضح أن من الأدوار المهمة التي يمكن للأئمة القيام بها في هذا الصدد 4 أدوار، هي:
1- العمل على تثقيف جماهير المسلمين بأهمية الدفاع عن حقوقهم ورفض كل ألوان التمييز الذي يُمارس على بعضهم بصور مختلفة، مع تبني سياسة الحكمة.
2- الدعوة للعمل مع المؤسسات الكنسية ومنظمات العمل المدني من أجل الحد من العنصرية وخطرها على المجتمع.
3- التفاعل مع الفاعليات التي تقوم بها الدولة لهذا القصد، وبهذا الصدد فقد دعت “هيئة العلماء والدعاة بألمانيا”، الأئمة والدعاة أن يخصصوا جمعتي ١٦ مارس للحديث عن العنصرية وخطرها.
4- التأكيد على رفض العنصرية سواء في دائرة المجتمع أو دائرة المسلمين، فالعنصرية لا تنتمي لدين ولا لثقافة.
سرعة تحرك وتكاتف
من جهته، وعلى صفحته الخاصة على “فيسبوك” في 15 مارس، حذر د. خالد حنفي، عميد الكلية الأوربية للعلوم الإنسانية بألمانيا، من أنه وبعد تعرض عدد من المساجد في ألمانيا وأوروبا للحرق أخذ العنف ضد المسلمين منعطفاً جديداً أمس، حيث تلقى رئيس المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا Aiman Mazyek تهديداً بالقتل عبر رسالة بريدية تحمل مادة بيضاء، وقد أصيب موظفو المكتب بالهلع عند فتح الرسالة، وتم إغلاق المكتب لعدم الاطمئنان إلى الحماية الأمنية الكافية حسب بيان المجلس.
وشدد د. حنفي، وهو كذلك رئيس لجنة الفتوى بألمانيا، على أن هذه التطورات توجب على المسلمين التكاتف والتضامن مع مؤسساتهم ومرجعياتهم ومواجهة تلك التحديات بحكمة وتعقل وفكر ورؤى جماعية.
كما دعا وسائل الإعلام والسياسيين الألمان إلى سرعة التحرك لرفض أي تصريح أو خطاب أو فعل داعم للعنصرية والتطرف، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المؤسسات ودور العبادة.
يشار إلى أن عدد المسلمين بألمانيا وفق الإحصائيات الرسمية يزيد على 4 ملايين نسمة، بينما تشير إحصائيات أخرى إلى أن أعدادهم أكثر من هذا بكثير.
(المصدر: مجلة المجتمع)