مقالاتمقالات مختارة

قولٌ سديدٌ في مناورة الركن الشديد

قولٌ سديدٌ في مناورة الركن الشديد

بقلم مصطفى أبو السعود

نعم من غزة، وفي بثٍ حيٍ ومباشر، وعلى مرأى ومسمع ممن يرى ويسمع، أطلقت المقاومة الفلسطينية مناورة عسكرية شاملة حملت اسم ” الركن الشديد”، ومن يتأمل هذه المناورة يلحظ إنها تحمل دلالات عديدة:

من حيث التسمية جاءت منسجمة مع سابق الاسماء للمعارك التي خاضتها المقاومة ضد الاحتلال بدءاً من الفرقان عام 2008 مروراً بحجارة السجيل 2012 ثم العصف المأكول 2014 ثم الركن الشديد 2020 و هي أسماء تحمل دلالات دينية تؤكد أن المعركة يجب أن تنطلق من منطلق ديني قولاً وفعلاً، وتأكيداً على المعركة مع الاحتلال بحاجة لبندقية يحملها (عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) كما قال الله عزوجل، لأن رمزية الاسم تعظم الثقة في نفوس المؤمنين.

وزمانياً: تأتي في ظلال معركة الفرقان التي وقعت في ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٨، وفي وقت تتسارع وتيرة التطبيع العربي الصهيوني رغم أن الأنظمة المطبعة ترى جرائم الاحتلال بحق فلسطين وأهلها، وفي وقت تعصف المؤامرات بالقضية الفلسطينية من كل الجهات، وفي وقتٍ أخرج المنافقون والذين في قلوبهم مرض سهامهم من كنانتهم ليقذفوا المقاومة بما ليس فيها وبأنها باعت السلاح واستراحت، لتؤكد ما قاله شاعر الثورة محمود درويش “في غزة، القيمة الوحيدة للإنسان المحتل هي مدى مقاومته للاحتلال، هذه هي المنافسة الوحيدة هناك”، فرجال المقاومة المشاركون في المناورة يشهد لهم الميدان بصولاتهم وجولاتهم وليست لتبيض وجه المقاومة، فوجه المقاومة ناصع البياض والطهارة.

المناورة شاملة براً وبحراً وجواً، ففي السماء أطلقت المقاومة طائراتها لتحوم في سماء غزة ليشعر أهل غزة بالقوة والاعتزاز، رغم أن طائرات الاحتلال لا تكاد تغادر سماء غزة، وفي بحر غزة انطلق كوماندوز المقاومة لإيصال رسالة للعدو بأن البحر لنا، وأننا لا نخاف من سفنك البحرية القتالية الرابضة في بحرنا ليل نهار تراقب السمك والصيادين، وبرياً، أطلقت المقاومة صواريخ باتجاه البحر وحاكت عمليات مقاومة لأي هجوم صهيوني على غزة وأسر جنود، وامتدت شمولية المناورة حيث مشاركة الكل الوطني فيها تأكيداً على أن الوطن للجميع وأن الجميع للوطن حين ينادي نلبي النداء.

تأتي المناورة وهي الأولى من نوعها بهذا الحجم والمستوى لتعزيز معنويات محبي المقاومة في فلسطين وخارجها، ورسالة للأعداء والمنافقين بأن المقاومة ورغم كل الحصار والتشديد بقيت صامدة وطورت من أدواتها القتالية، وتستعد ليوم سيأتي لامحالة ليسوء وجه الاحتلال، وأن المراهنة على عامل الوقت في قتل العزيمة لإحداث الهزيمة في نفوس الفلسطينيين هو رهانٌ خاسرٌ كما قال شاعر الثورة محمود درويش ” الزمن في غـزة شيء آخر، الزمن في غـزة ليس عنصراً محايدا، إنه لا يدفع الناس إلى برودة التأمل، ولكنه يدفعهم إلى الانفجار والارتطام بالحقيقة، ليس الزمن في غـزة استرخاء ولكنه اقتحام الظهيرة المشتعلة، فغزة تقدم لحمها المر وتتصرف بإرادتها وتسكب دمها، ومسام جلدها هي التي تتلكم عرقاً ودماً وحرائق”.

إن الأسلحة التي تم تنفيذ المناورة بها هي أسلحة مهمة بالنسبة لفصائل المقاومة، وأن إنتاجها ليس بالأمر السهل، لكن فصائل المقاومة أكدت أن إظهار القوة أمام العدو هو أمرٌ مهمٌ خاصة أن العدو قد نفذ قبل فترة بسيطة مناورة تحاكي احتلال غزة ، وكأن المقاومة تقول ” المناورة بالمناورة هذه المناورة لم تدع أنها تحارب الإرهاب لتخطب ود أمريكا و”إسرائيل”، كما نسمع ونرى في مناورات الجيوش العربية، ولم تمارس التورية في قولها، بل كانت صريحة بأنها ضد الاحتلال الصهيوني وهي غير آبهة بأي تهديد صهيوني لها، كما وتأتي هذه المناورة في ظل تزايد انتشار كورونا في غزة كما باقي العالم لتؤكد أن لا شيء يوقف نمو المقاومة. قد يقول قائل ماذا ستحدث هذه المناورة وما تأثيرها ؟ من يرغب بالحصول على الإجابة فليتابع ما قاله الصهاينة بكافة توجهاتهم ليدرك أن المناورة بالنسبة للصهاينة ليست ترفا فلسطينياً.

ختاماً : على كل محبي المقاومة الاطمئنان بأن المقاومة تسير وفق خطة منظمة نحو التحرير وأن الغرفة المشتركة التي تدير دفة المعركة مع الاحتلال هي وزارة دفاع بامتياز لها ولقادتها كل الحب والاحترام وأنها برغم قلة إمكانياتها تبدع، عكس قادة جيوش عربية ملأت صدروهم النياشين والجوائز، لكنهم ما دخلوا يوماً معركة وما تعفرت أحذيتهم بالتراب وما قتلوا يوما ذبابة.

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى