مقالاتمقالات مختارة

قطّاع طرق الحبّ من غلاة اليمين و اليسار

قطّاع طرق الحبّ من غلاة اليمين و اليسار

 

بقلم د. محمد فتحي الشوك

 

أصاب بالقرف كلّما استمعت إلى تعليقات و تحليلات سدنة معبدي  “الحدثوت” و “اللّاهوت”  من ردود الأفعال الطبيعيّة   الصّادرة من جمهور “الغوغاء القاصر  الجاهل” تجاه الإساءة إلى عقيدتهم  و المسّ بمن يحبّون ، تقييمات  هي أقرب للتثبيط و التبخيس تصدر من قبل من توهّموا امتلاك الحقيقة و نصّبوا أنفسهم أوصياء  على من يعتبرونهم غير مؤهّلين و  قصّرا  مفتقدين للعقل و الشّعور.
 كيف لسافرة متبرّجة تنشر صورها المثيرة للفتنة أن تضيف في بروفايلها وسم#الا_رسول_الله أو أن تعبّر عن غضبها نصرة لرسول الرّحمة؟
 كيف لمن عرف بلهوه و استهتاره و جهره بالمعصية أن يجهر  بحبّه و ينتصب مدافعا عن رسول الله؟
  كيف لمن لا يتذكّر الرّسول الّا حينما يستفزّه جمال إحداهنّ و هي تهتزّ  في مشيتها أمام  عينيه ، أن يكون صادقا في دفاعه عن رسول الله؟
  كيف لجمهور الكرة المخدّر و المجنون  أن تكون له نفس حماسة الدّفاع عن فريقه المهووس به في مجابهة الإساءة الى رسول الله؟
  كيف لهؤلاء العصاة المثقلين بالذّنوب أن يدّعوا بأنّهم من أنصار الحبيب؟
  هو النّفاق و الرّياء اذا ، يجزم من يعتقد من ظنّوا أنّهم النّاجون و الأصفياء!
      كيف تمّ الحكم بذلك؟ اشققنا على قلوبهم  حتّى نمحّص ما بداخلها  لنشكّك في صدق نواياهم أو   عرضناهم على جهاز كشف الإيمان؟
 يقولون كان أولى بكلّ هؤلاء أن يقتدوا بمن يدّعون أنّهم يحبّونه و ينصرونه و يتّبعون نهجه و يتّخذونه قدوة ، و الايمان هو ما وقر في القلب و صدّقته الجوارح ، وهو كذلك ، لكن كيف السّبيل إلى ذلك و ما الأسلوب لتحقيق ذلك؟
 أنطرد ضالّا طرق الباب ؟
 أنقطع الطّريق عمّن وجد  نفسه متّجها نحوها و لو مصادفة لنصدٌه عنها و هو لم يقم بأولى الخطوات؟
 أنطلب ممٌن علقت به أدران سنين التّيه بأن يتطهّر و نمنع عنه وسائل النّظافة؟
     كيف نمنع عن ظمآن رشفة ماء ترويه؟
      ربّ معصية يتبعها ندم و انكسار أفضل من طاعة  مع استعلاء و استكبار!
     هي نفحات، و هي لحظات و هي شرارة يمكن أن تقدح لتنير ظلمة النّفس الموحشة في زمن التوحّش و الظلّام و قطّاع الطّرق.
     و قد يكون إدّعاء بالحبّ “الكاذب” و الانجذاب بابا للحبّ الصّادق و الجذب ، فبعض قصص الحبّ الخالدة كانت شرارتها نظرة خاطفة !
     و لا يكتفي هؤلاء المتنطّعين بالحكم على النّوايا و ما تخفيه الصّدور ليتجاوزوا ذلك إلى التثبيط و إحباط العزائم بزعم أنّ حملة المقاطعة للمنتجات الفرنسية كتعبير سلمي راق عن رفض الاستهانة بالمقدّسات  من قبل فرنسا لن يجدي نفعا و لا يغني و لا يسمن من جوع و الأجدى هو السّيف و قطع الرّأس ، حملات تسويف و  تشكيك و استهزاء بمجهود جمهور تحفّز لمقاومة ما طال عقيدته من استهزاء، يقوم بها غلاة اليمين بالتنسيق مع غلاة اليسار   ممّن أفزعتهم هذه الهبّة العفويةالمفاجأة و الانتفاضة الرّوحية لمن اعتقدوا بأنّهم صاروا بلا روح ليكتشفوا أنّ القيم الروحية الّتي بذلوا الجهد لضربها و اقتلاعها هي شجرة أصلها ثابت و فرعها في السّماء  و هي قد تثمر  حتّى إنّ مرّت بسنين من القحط و العقم.
      غلاة اليسار لهم نفس النّظرة الفوقية الاستعلائية  للعوامّ كما غلاة اليمين، جمهور من القطيع المغيّب و المخدّر المفتقد للقدرة على التفكير و القاصر على عن التمييز و تقرير المصير، و يفسّرون  ما يجري بأنّه انفعال عاطفي ظرفي ستنطفأ جذوته  مع مرور الوقت و أنّ الصّراع سياسي يؤجّجه الإخوان تجّار الدّين و خلفيته تنافس مصالح بين تركيا و فرنسا، و هو نفس قول محور اللّيكود العربي و الجامية و مفتيي السّلاطين و سبحان الّذي جمعهم على كلمة سواء!
      ختاما لن يحتاج الرّسول صلوات الله عليه و سلامه لمن يدافع عنه بقدر حاجتنا  الماسّة لأن نعبّر عن ذلك فمقامه  محفوظ و لن تضرّه حماقات الأغبياء،  لن يحتاج الرّسول لنصرتنا بقدر احتياجنا له لكي ننتصر على أنفسنا، التعبير عن الاستياء او الاستنكار أو الغضب أو مقاطعة  مصدر الإساءة لمن نحبّ هي توجّه و أوّل الخطوات في طريق الحبّ الّذي لو أينعت بذرته و  استوى على سوقه  فلن يكون إلّا وفق ما يرضي من نحب.
      إذ كيف نحبّ صدقا و لا نكون كما يكون من نحب.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى